قال تحليل نشرته مجلة "فورين أفيرز" إن "ما يحدث من توترات خلال الفترة الجارية ربما يكشف عن انتهاء ثلاثة عقود من رؤى السلام العالمي، وهي التي كانت قد بدأت ما بعد الحرب الباردة، حيث تشهد
أوروبا صراعا عسكريا مدمرا".
وأكد التحليل على أن "ما يحدث من صراعات في أوروبا وفي منطقة
الشرق الأوسط يعيد إلى الأذهان تلك الصراعات التي تشكلت في فترة سبقت اندلاع
الحرب العالمية الثانية"، مشيرا إلى الحرب بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وحماس؛ مردفا: "في آسيا تجبر التحركات الصينية جيرانها على تكديس السلاح والاستعداد لخيارات ليست جيدة".
وتابع: "في 24 شباط/ فبراير من عام 2022، غزا الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أوكرانيا وأغرق العالم في أزمة غير مسبوقة منذ نهاية الحرب الباردة، حيث تسببت بأكبر عملية تدفق للاجئين إلى أوروبا، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وأودت بحياة آلاف الجنود والمدنيين".
وأضاف التحليل نفسه، أن "الحرب التي اندلعت في قطاع غزة إثر عملية حماس غير المسبوقة على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر؛ أدّت إلى تعهد إسرائيل بالقضاء على الحركة، حيث باتت تنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف مدمر أتبعت بعمليات برية منذ 27 أكتوبر، ما أسفر عن سقوط أكثر من 26 ألف قتيل معظمهم من النساء والأطفال، بحسب وزارة الصحة التابعة لحماس".
وأردف: "تظهر الأزمات الحالية بعضا من أوجه التشابه بين تلك الفترة التي سبقت الحرب العالمية وبين ما تواجهه واشنطن حاليا، حيث كانت البداية بنشأة تحالفات متنافسة من أجل السيطرة على مناطق رئيسية تمتد من أوروبا إلى آسيا والمحيط الهادئ".
وأشار إلى أن "الحرب العالمية الثانية، كانت عبارة عن تجمع مُكوّن من ثلاث أزمات إقليمية: أزمة اليابان والصين ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ، وسعت إيطاليا لإقامة إمبراطورية في أفريقيا والبحر الأبيض المتوسط، وحاولت ألمانيا بسط هيمنتها في أوروبا وخارجها"، مذكرا بأن الرئيس الأمريكي السابق، فرانكلين روزفلت، كان قد وصفها في عام 1937، بـ"وباء الفوضى العالمية المنتشر".
واسترسل التحليل بأنه "رغم أن الولايات المتحدة لا تواجه تحالفا رسميا بين الخصوم كما كان عليه الحال خلال الحرب العالمية الثانية، إلا أن العلاقات بين بعض الدول تعتبر أكثر وضوحا، وكل ما قد يتطلبه الأمر صدام في منطقة غرب المحيط الهادئ؛ ما قد يخلق أزمة للأمن العالمي لم يسبق لها مثيل منذ 1945".
إلى ذلك، حذّر التحليل، من أن "العالم، معرض للخطر بما قد يتحول إلى عالم في حالة حرب، والولايات المتحدة ليست مستعدة على الإطلاق لمواجهة هذا التحدي"؛ فيما أبرز التحليل جُملة من العوامل التي أكد على أنها "دفعت باندماج الأزمات الإقليمية في تلك الفترة، والتي قد تبدو مألوفة في وقتنا الحالي".
وتابع: "أولا، كان لدى القوى الفاشية تشابه أكثر في الهدف، حيث سعت إلى نظام عالمي متغير، دفعا نحو تشكيل إمبراطوريات واسعة من خلال تكتيكات وحشية، ووجود تضامن جيوسياسي وأيديولوجي بين الأنظمة الاستبدادية في العالم".
وأضاف: "ثانيا، طور العالم شكلا ضارا من الاعتماد المتبادل، حيث تؤدي حالة عدم الاستقرار في منطقة إلى تفاقم وضع عدم الاستقرار في منطقة أخرى، حيث تسببت بعض الأزمات في تعطيل شرايين الحياة للنقل في بعض المناطق".
وأردف: "ثالثا، برامج العدوان المتطرف التي أدت إلى حالة الاستقطاب في العالم وتقسيمه إلى معسكرات متنافسة"، مشيرا إلى أن هناك "تخوفا من تأثير الأزمات المنتشرة حول العالم على المخزون العسكري الأمريكي، حيث تدعم واشنطن إسرائيل وأوكرانيا في وقت واحد بما يستنزف قدرات واشنطن في مجالات المدفعية والدفاع الصاروخي".
وفي السياق نفسه، نوّه التحليل إلى أن "عمليات الانتشار في مياه الشرق الأوسط، التي تهدف إلى ردع إيران وحلفائها، تستنزف الموارد البحرية الأمريكية، وكل هذا قد يعني تقلص قدرات الجيش الأمريكي مقارنة بالتحديات العديدة والمترابطة التي يواجهها"؛ مطالبا المسؤولين الأمريكيين بـ"التفكير بشكل جدي بأن الصراع العالمي يحتاج للتفكير بشكل أكبر، لأن المزيد من التنافس والتوازنات العسكرية المتغيرة تخلق مزيجا خطيرا".