نشرت مجلة
"
فوربس" الأمريكية تقريرًا تحدثت فيه عن المنافسة القوية التي تواجه
إيلون
ماسك، الرائد في مجال ريادة الأعمال التكنولوجية، من النسخة
اليابانية لوادي
السيليكون، حيث يشكل طموح الشركات اليابانية الناشئة في مجال
التكنولوجيا وتطوير
الابتكارات تحديًا كبيرًا.
وقالت المجلة، في تقريرها
الذي ترجمته "
عربي21"، إن رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا يأمل في إحياء رئاسته المتعثرة للوزراء واقتصاد اليابان الهرم، من خلال دعم جهود تحفيز
طفرة الشركات الناشئة وعودة الشركات والمواهب التي نزحت من وسط اليابان إلى
العاصمة اليابانية.
وذكرت المجلة أن الحزب
الديمقراطي الليبرالي بقيادة كيشيدا كان قد حقق تقدما ضئيلا منذ أواخر سنة 2012 في
إعادة معايرة محركات النمو وإحياء روح الإبداع التي أبهرت العالم ذات يوم. ويمكن
العثور على النظام البيئي للشركات الناشئة في وسط اليابان في منطقة تشوبو، التي
تقع بشكل أساسي في وسط هونشو، الجزيرة الرئيسية في اليابان. وقامت السلطات التي
تمثل آيتشي وناغويا وهاماماتسو بتوحيد قواها لخلق أجواء وادي السيليكون التي
لطالما كانت اليابان تتوق إليها، ولكنها لم تنجح في ذلك بعد.
وأضافت المجلة أن هذه
المنطقة الاقتصادية الكبرى هي مهد تويوتا، وهوندا، وياماها، وسوزوكي، ودينسو،
وبرذر، ورولاند، وكاواي، وهاماماتسو فوتونيكس، وعدد لا يحصى من الشركات العائلية
الأخرى. وإذا سار النظام البيئي في المنطقة على ما يرام، فسوف يخلق قوة إبداعية
ذات ناتج محلي إجمالي يعادل فرنسا، صاحبة سابع أكبر اقتصاد حاليا.
عقلية عالمية
ونقلت المجلة عن شويتشي
هيرانو، المدير العام لمنطقة ناغويا لمنظمة التجارة الخارجية اليابانية، قوله:
"إننا نتبنى عقلية عالمية لتشجيع ريادة الأعمال العالمية هنا في وسط
اليابان". وقد ساعدت منظمة التجارة الخارجية اليابانية، في منتصف شهر كانون
الأول/ ديسمبر، في تنظيم حدث في ناغويا لتسليط الضوء على بعض "وحيدات
القرن" المستقبلية في وسط اليابان - وتقديم تفاصيل عن ما يجري على قدم وساق
لتوسيع النظام البيئي.
وأشارت المجلة إلى
المحاولة السابقة لليابان في مدينة فوكوكا الغربية في منتصف وأواخر العقد الأول من
القرن الحادي والعشرين، وعلى الرغم من حسن النية، إلا أن مشروع فوكوكا اصطدم في
نهاية المطاف بجدار من التدخل لم يتوقعه إلا قليلون. في سنة 2012، عندما عاد الحزب
الديمقراطي الليبرالي بزعامة كيشيدا إلى السلطة، تعهد رئيس الوزراء شينزو آبي
بإطلاق مشروع إصلاحي كبير ووعد بالحد من البيروقراطية وتحديث أسواق العمل وإحياء
الابتكار ودعم الشركات الناشئة وتمكين المرأة، وإعادة طوكيو إلى مركز العالم
المالي في آسيا.
وأضافت المجلة أن حزب آبي
ترك العقد المقبل لبنك اليابان والين الأضعف من أي وقت، باستثناء بعض التعديلات
على حوكمة الشركات. وكان ذلك خبرًا ممتازًا بالنسبة للمصدرين الكبار، والمبتكرين
الشباب الذين يبحثون عن رأس المال الاستثماري، أو الحوافز الضريبية، أو مجرد مساحة
اقتصادية للازدهار.
منذ تشرين الأول/ أكتوبر
2021، وعد كيشيدا بـ"رأسمالية جديدة" لتقلب الشركات اليابانية رأسًا
على عقب. وتضمن ذلك خطة لفتح الطريق أمام صندوق استثمار معاشات التقاعد الحكومي
بقيمة 1.5 تريليون دولار، وهو أكبر كيان من نوعه في العالم، لتمويل طفرة الشركات
الناشئة. وإلى جانب الاستفادة من الصندوق الحكومي الاستثماري للمعاشات الياباني،
سعى كيشيدا إلى جذب الاستثمار الأجنبي. لكن لم يحقق "اقتصاد كيشيدا" سوى
القليل.
واعتبرت المجلة أن الخبر
السار هو أن وسط اليابان لا ينتظر أن تضع طوكيو أولوياتها في نصابها الصحيح. إن
تعاون هذا النظام البيئي مع الاتحاد الاقتصادي المركزي الياباني، وجامعة ناغويا،
ومحافظة آيتشي، وحكومتي مدينتي ناغويا وهاماماتسو، وهيئة التجارة الخارجية
اليابانية يتحول إلى مستوى عالٍ.
ستيشن آي
في تشرين الأول/ أكتوبر،
سيُفتح مشروع "ستيشن آي" الخاص بالمنطقة أبوابه في ناغويا. وسيصبح هذا
الحرم الجامعي مترامي الأطراف على الفور أكبر منشأة حاضنة في اليابان لمساعدة
الشركات الناشئة على الانطلاق. ويعد توفير هذا النوع من مجتمع الشبكات أمرًا
حيويًا جدًا لمؤسسي التكنولوجيا للحصول على فرصتهم. ومن الناحية الفنية، فإن اسم
"ستيشن إيه آي" هو تلاعب بآيتشي، ولكن إذا كان أي شخص يعتقد أن مركز
الابتكار يستحضر الذكاء الاصطناعي، فلا بأس بذلك أيضًا.
وأوضحت المجلة أن الذكاء
الاصطناعي قد ظهر في آيتشي في وقت مبكر وفي كثير من الأحيان. وبطبيعة الحال،
ونظرًا لقرب وسط اليابان من الشركات المصنعة الشهيرة مثل تويوتا ودينسو، فإن
العديد من الشركات الناشئة الإقليمية حريصة على تسخير النمو في صناعات السيارات
والفضاء والإلكترونيات والأدوات الآلية، لكن الأمر المشجع هو التركيز المكثف على
ما يسمى بابتكارات "تقنية 5.0".
قالت شركة "ماكينزي
آند كو" في تقرير لها في شهر كانون الأول/ ديسمبر: "إن صناعة النقل
اليوم في حالة تغير مستمر حيث تعمل الاضطرابات المبتكرة على تحويل التقنيات من
الوقود الأحفوري والمركبات اليدوية إلى المركبات الكهربائية والمستقلة والذكية".
وأكدت المجلة أن الشركات
الناشئة في وسط اليابان مشغولة جدًا بمحاولة إحداث تغيير في المجالات الزراعية
والرعاية الصحية. ونظرًا للشيخوخة السكانية في اليابان، فإن صناعات قليلة في حاجة
أكبر إلى التفكير خارج الصندوق. ولكن الإجابة على الأسئلة التي تثيرها التغيرات في
التنقل - وتوقع الاستفسارات القادمة - تشكل الشغل الشاغل في منطقة ناغويا.
وقالت الشركة إن شركة
"بي دي إيروسبيس" الناشئة صممت محركًا يمكنه تبديل أوضاع احتراق
الطائرات والصواريخ في الجو. ويوفر هذا التغيير الكبير في قواعد اللعبة نوعًا
جديدًا من التكنولوجيا القابلة لإعادة الاستخدام لـ "الطائرات الفضائية"
التي يمكنها الإقلاع أفقيًا والهبوط في المطارات، وهو ما يطرح تساؤلًا حول عدد
الأشخاص الآخرين الذين يضاهون إيلون ماسك في وسط اليابان.
ولفتت المجلة إلى شركة
"برودرون" أحد أبرز المصممين في العالم للطائرات بدون طيار الصناعية،
سواء في ما يتعلق بأجهزة هياكل الطائرات أو برمجياتها. وفي السنة الماضية، لفتت
الأنظار بما تسميه "الشاحنة الخفيفة الطائرة"، وهي طائرة شحن بدون طيار
تحت اسم "سورا ميتشي" قادرة على الطيران لمسافة 50 كيلومترًا بحمولة 50
كيلوغرامًا.
وبينت المجلة أن المشاكل
التي تحلها - إيصال السلع والإمدادات الحيوية إلى المناطق الجبلية والجزر النائية
أثناء وقت السلم أو الكوارث - تعتبر ملحة في اليابان كما في أي مكان آخر.
ولوجستيات توصيل الإمدادات الطبية والمنقذة للحياة - بما في ذلك الأعضاء المخصصة
لعمليات زرع الأعضاء - قد لا تكون هي نفسها أبدًا.
وأضافت المجلة أن هناك
أيضًا فابيو سوزا، الرئيس التنفيذي لمنصة الشحن "كريستال". فخدمة
السكوتر الإلكتروني التي تقدمها الشركة تجعل عمليات الشحن لمسافات قصيرة أسهل
وأكثر كفاءة. كما أن شركة سوزا الناشئة تمتلك تصميمات أكبر بكثير لإحداث تغيير أوسع
في مجالات الأتمتة والاتصالات الرقمية والكهرباء.
النظام البيئي
وبصرف النظر عن الموهبة
والحماسة، تتوافق استراتيجية النظام البيئي في وسط اليابان مع التغيرات في مسار
التكنولوجيا. والأول هو التطور السريع لاقتصاد التطبيقات، وهو الأمر الذي كان في
بداياته في سنة 2012. والآخر: كيف تعمل ثورة السيارات الكهربائية على خلق اقتصادات
جديدة تمامًا انطلاقا من رجال الأعمال اليابانيين.
وأضافت المجلة أن هناك
أيضًا تعطش كيشيدا لإنقاذ رئاسته للوزراء. ففي تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، قام
كيشيدا برحلته الثانية إلى وادي السيليكون على بعد 5170 ميلاً من طوكيو. وزار
كيشيدا جامعة ستانفورد وجامعة كاليفورنيا في بيركلي حيث وقّع مذكرة تفاهم مع حاضنة
الشركات الناشئة التابعة لجامعة أوك، سكاي ديك.
وأشارت المجلة إلى أن هذه
التحركات معقولة بما فيه الكفاية، ولكن من الحكمة أن يولي فريق كيشيدا اهتمامًا
أكبر للعمل الذي يتم إنجازه على بعد 160 ميلًا من طوكيو. ونموذج الابتكار المركزي
الذي يتم تحسينه في وسط اليابان يمكن أن يكون بمثابة أداة تغيير لقواعد اللعبة
التي تحتاجها اليابان لتذكير الصين بأن لديها منافسة للسيطرة على مستقبل آسيا.