نشرت مجلة "كاونتر بانش" تقريرًا، بيّنت فيه أن ارتفاع أسعار
السلع الحالي لا يعزى إلى
التضخم أو أزمة اقتصادية، وإنما إلى حقيقة أن الشركات تفرض رسومًا مرتفعة على منتجاتها لتوسيع هوامش الأرباح.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن العديد من الأمريكيين لا يزالون يعانون من الصدمة التي واجهوها لأول مرة قبل سنتين، عندما بلغ التضخم ذروته. ولكن حتى مع انخفاض التضخم الآن، لا تزال العائلات تشعر بالأزمة.
وأكدت المجلة أن الإجابة عن هذا التناقض تكمن في أرباح الشركات؛ فقد توصل تقرير جديد للمجلة إلى أن أرباح الشركات شكلت 53 بالمئة من التضخم في الفترة من نيسان/ أبريل إلى أيلول/ سبتمبر 2023. في المقابل، ساهمت أرباح الشركات بنسبة 11 بالمئة فقط في نمو الأسعار خلال العقود الأربعة التي سبقت الجائحة.
لتبرير ارتفاع التكاليف، سارعت الشركات إلى إلقاء اللوم على صدمات سلسلة التوريد الناجمة عن الجائحة والحرب في أوكرانيا. ولكن بعد مرور سنتين، عاد
الاقتصاد إلى طبيعته في الغالب وفي بعض الحالات تراجعت بالفعل تكاليف التصنيع والتخزين على الشركات.
وقدمت المجلة الحفاضات كمثال على هذه المفارقة. تُهيمن شركتان فقط على صناعة الحفاضات شديدة الدمج، وهما بروكتر آند جامبل وكيمبرلي كلارك، اللتان تمتلكان علامات تجارية مشهورة للحفاضات مثل بامبرز، وهوجيز، ولوفز. وقد ارتفعت تكلفة لب الخشب، وهو مكون رئيسي لصنع الحفاضات الماصة، خلال الوباء بأكثر من 50 بالمئة ما بين 2020 و2021. ومع أنها انخفضت في السنة الماضية بنسبة 25 بالمئة، إلا أن هذا الانخفاض في التكاليف لم يؤدّ إلى قيام شركتي بروكتر آند جامبل وكيمبرلي كلارك بتخفيض أسعارهما، بل ارتفعت أسعار الحفاضات إلى ما يقارب 22 دولارًا في المتوسط.
وأشارت المجلة إلى أن هذه الشركات العملاقة ليس لديها أي خطط لخفض الأسعار في أي وقت قريب، بل إن المسؤولين التنفيذيين في هذه الشركات يتفاخرون علناً بكيفية "توسيع الهوامش" على التقرير السنوي للأرباح. توقعت شركة بروكتر آند جامبل تحقيق أرباح ضخمة بقيمة 800 مليون دولار مع انخفاض تكاليف المدخلات. وقال الرئيس التنفيذي لشركة كيمبرلي كلارك، إن الشركة لديها "الكثير من الفرص" لتوسيع هوامش الربح بمرور الوقت.
ولا يقتصر الأمر على الحفاضات فحسب؛ ففي حين سارعت العديد من الشركات إلى تمرير التكاليف المرتفعة، فإنها لم تكن في عجلة من أمرها لتمرير مدخراتها. وكشفت دراسة حديثة أجراها بنك الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند وجامعة ديوك أن 60 بالمئة من الشركات تخطط لرفع الأسعار هذه السنة بأكثر مما كانت عليه قبل الجائحة، وذلك على الرغم من أن تكاليفها أصبحت معتدلة.
وأوضحت المجلة أن الشركات في مختلف الصناعات، من الإسكان إلى محلات البقالة والسيارات المستعملة، تعمل على تحقيق هوامش أرباحها حتى مع انخفاض تكلفة ممارسة الأعمال التجارية دون إخفاء الأمر. فمنذ صيف 2021، بدأت شركة "غراوند وورك" الاستماع إلى مئات المكالمات الهاتفية المتعلقة بأرباح الشركات، حيث تفاخر الرؤساء التنفيذيون بقدرتهم على رفع الأسعار على المستهلكين.
رفعت شركة بيبسيكو أسعارها على الوجبات الخفيفة والمشروبات بنسبة 15 بالمئة تقريبًا مرتين في السنة الماضية، بينما كانت تتفاخر أمام المساهمين بأن هوامش أرباحهم ستنمو مع انخفاض تكاليف المدخلات. وتباهى تقرير أرباح شركة تايسون بأن ارتفاع أسعارها قد "عوض" تكاليفها المرتفعة، بينما قال المدير المالي لشركة هيرشي في الربع الماضي، إن مكاسب التسعير تزيد عن تعويض التضخم وارتفاع التكاليف.
وأوردت المجلة أن إدارة بايدن اتخذت خطوات مهمة لكبح جماح استغلال الشركات ومعالجة أزمة القدرة على تحمل التكاليف التي طال أمدها، بدءا من إلغاء الرسوم غير المرغوب فيها، وصولاً إلى تعزيز سلاسل التوريد العالمية، واتخاذ إجراءات صارمة ضد تركيز الشركات.
ومع اقتراب موعد انتهاء تخفيضات ترامب الضريبية لسنة 2017، ينبغي للكونغرس أيضا أن يغتنم هذه الفرصة لزيادة الضرائب على الشركات. ومن شأن فرض الضرائب على الأرباح أن يساعد في تثبيط التلاعب بالأسعار والتربح؛ لأن الشركات الكبيرة ستضطر إلى إرسال حصة أكبر من مكاسبها غير المتوقعة إلى الحكومة. ورغم الجهد المضني الذي بُذل لخفض التضخم منذ ذروته في سنة 2022، فإن القضاء على التضخم مرة واحدة وإلى الأبد سيتطلب بذل جهود متضافرة لكبح جماح استغلال الشركات.
للاطلاع إلى النص الأصلي (
هنا)