يتحدى الفلسطينيون في قطاع
غزة جرائم الاحتلال
المستمرة بحقهم، لا سيما استهدافه الكبير في هذه الحرب للمستشفيات والمنظومة
الصحية، والتي انهارت بشكل تام في مدينة غزة وشمال القطاع، بفعل القصف والحصار
واعتقال الكوادر الطبية.
ورغم مرور أربعة أشهر على الحرب المدمرة، فقد بدأت
إدارة المنظومة الصحية في القطاع بإجراء ما يمكن وصفه بـ"إنعاش"
المستشفيات
في مناطق شمال غزة المحاصرة، علّها تنقذ ما يمكن إنقاذه، في ظل التحذيرات المستمرة
من خطر الأوبئة والأمراض.
تشغيل جزئي يواجه الاستهداف المتكرر
والتقت "
عربي21" إدارة المنظومة
الصحية في غزة، والتي أكدت أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يستهدف بشكل متكرر
المستشفيات في غزة والشمال، تزامنا مع توسيع رقعة جرائمه ضد المستشفيات في جنوب
القطاع، وتحديدا مستشفى الأمل ومجمع ناصر الطبي في خانيونس.
وأعلن المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة الدكتور
أشرف القدرة، اليوم الأربعاء، عن تشغيل أجزاء من مستشفيات شمال غزة، رغم التحديات
الكثيرة التي تواجه هذا التشغيل.
وشدد القدرة على أن تشغيل أجزاء من مستشفيات
شمال غزة، يحتاج إلى وصول الإمدادات الطبية والوقود، وعودة الطواقم الطبية من
الجنوب لاستمرار عملها.
وتفرض قوات الاحتلال حصارا عسكريا مشددا على غزة
وشمال القطاع، وتعرقل دخول المساعدات الإنسانية والطبية لهذه المناطق، بل وتقوم
باستهدافها بشكل مباشر.
اعتقال العشرات من الكوادر الصحية
وعلمت "
عربي21" أن طائرات الاحتلال
استهدفت أمس، دورية تتبع للشرطة الفلسطينية في مدينة رفح، كان من ضمن مهامها تأمين
المساعدات التي تنقلها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونرو"، ما أسفر عن
استشهاد ستة من عناصر الشرطة، إلى جانب إصابة عدد من المارة.
ولم يتوقف جيش الاحتلال عند حد قصف المستشفيات،
بل إنه اعتقل العشرات من الكوادر الصحية وعلى رأسهم مدراء مستشفيات شمال غزة، وذلك على
مرأى من العالم الذي شهد جريمة استهداف المجمع الطبي الأضخم في قطاع غزة، وهو مجمع
الشفاء الطبي.
وارتكبت قوات الاحتلال مجازر عدة داخل
المستشفيات، ما دفع الفلسطينيين إلى تحويل أجزاء منها إلى مقابر جماعية، بسبب حصار
الاحتلال ومنع سيارات الإسعاف من الدخول أو الخروج منها.
وحوّل جيش الاحتلال عددا من المستشفيات إلى ثكنات
عسكرية، واحتجز فيها عشرات الفلسطينيين، مثلما جرى في مستشفى "العودة"
شمال القطاع.
وعقب اعتقال دام شهرين، فقد أفرجت قوات الاحتلال عن
الدكتور محمد الرن مدير قسم الجراحة في المستشفى الإندونيسي شمال غزة، وبدت عليه
ملامح التعب والإعياء جراء الانتهاكات الإسرائيلية.
حرب المستشفيات
وعقب إصابته أثناء اقتحام قوات الاحتلال لمستشفى
الشفاء، يقول مدير عام وزارة الصحة بغزة منير البرش: "بكل مرارة وبكل ألم كنا
في مستشفى الشفاء أثناء العلاج، وحاصرنا الجيش وخرجنا بأعجوبة من هنا".
ويتابع البرش حديثه من على سرير المرض قائلا:
"أردنا أن نشغل مستشفى الشفاء ولو بخدمات بسيطة، لإنقاذ أرواح الناس، حتى وصل
الأمر إلى أن شغلنا العناية المركزة، وكنا فرحين بتشغيله، لكن الاحتلال بمجرد أن
يشعر أن هناك عملا صحيا فإنه يهجم على هذه المستشفيات".
ويؤكد أن حرب المستشفات مع الاحتلال كانت منذ
بداية الحرب وحتى اللحظة، مضيفا أنه كما فعل الاحتلال في شمال غزة يفعل الآن في خانيونس.
ويوضح البرش أن "الاحتلال يعمل بنفس
السيناريو وبنفس الأدوات ونفس الحركات ونفس التقارير، فهو حاصر مستشفى الأمل حصارا
شديدا لمدة أسبوعين، ومن ثم دخل إليه واعتقل المدير العام، والمدير الإداري، وكذلك
يفعل بمستشفى ناصر الذي حاصره حصارا شديدا".