كشف إخفاق البرلمان
العراقي، في عقد جلسة لمناقشة الهجمات الأمريكية على عدد من الفصائل المسلحة وقتل قادتها، عن انقسام واسع بين القوى السياسية الشيعية، خصوصا أنهم أعلنوا قبل انعقادها الاتفاق على تشريع قانون يجلي القوات الأجنبية من البلاد.
ولم يتمكن
البرلمان العراقي، الاثنين، من تحقيق النصاب المطلوب لانعقاد الجلسة، وذلك بسبب غياب نواب المكونين السني والكردي المعترضين على أي انسحاب أمريكي، إضافة إلى تخلّف غالبية الكتل الشيعية المنضوية ضمن الإطار التنسيقي عن الحضور.
لكن نواب الإطار التنسيقي- الذين لم يحضر منهم سوى 77 نائبا من نحو 190 نائبا- وجهوا انتقادهم إلى القوى السنية والكردية التي قاطعت الجلسة، بما فيها حلفاؤهم في الاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة بافل الطالباني، وكتلة العزم السنية برئاسة النائب مثنى السامرائي.
"نيّة مبيتة"
تعليقا على ذلك، تساءل المحلل السياسي العراقي، عصام حسين: "هل الإطار التنسيقي جاد في إخراج القوات الأمريكية، لأنه في عام 2021 بعد انسحاب الكتلة الصدرية من البرلمان، كانوا هم أول من اتفق مع الأمريكيين على إدارة الدولة؟".
وأوضح حسين لـ"عربي21" أن "الإدارة الأمريكية بعد ذلك، ضغطت على الحزب الديمقراطي الكردستاني، وبعض القوى السنية من أجل المشاركة في حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني، بعدما كانت فيهم أصوات ترفض هذا الأمر خشية انقلابهم على الاتفاقات".
وتابع: "إذن المسؤول عن تشكيل الحكومة الحالية هي الإدارة الأمريكية، خصوصا أن الإطار التنسيقي كانت معظم كتله السياسية خاسرة في الانتخابات البرلمانية، باستثناء ائتلاف دولة القانون بقيادة نوري المالكي، والذي أقصي من المشهد ولديه مشكلات كبيرة من حكومة السوداني".
وأعرب حسين عن اعتقاده بأنه "لا يوجد انقسام داخل الإطار التنسيقي بقدر ما هو حرج من الطرف الأمريكي، لأنه كان هناك اتفاق بينهما بعدم التعرض إلى المستشارين الأمريكيين في العراق".
ولفت إلى أن "الاتفاق بين الإطار والجانب الأمريكي، يقضي بأن يكون للولايات المتحدة حظوة اقتصادية وأمنية وعسكرية داخل العراق، لكن بعض الفصائل التابعة لإيران قصفت أماكن تواجد الأمريكيين بعد الحرب على غزة".
وأكد حسين أن "صدور أي قانون لإجلاء القوات الأمريكية يجب أن يأتي إلى البرلمان عن طريق الحكومة، أما ما يصدر من قرارات برلمانية في هذا السياق، كما حصل عام 2020 فهي غير ملزمة للحكومة".
وأردف: "ما صدر من قوى الإطار التنسيقي وحديثهم عن تشريع قانون لإجلاء القوات الأمريكية، ما هو إلا استعراض إعلامي لا أكثر، لأن هناك امتعاضا من جمهورهم بسبب استهداف أمريكا لقيادات الحشد الشعبي".
ورأى حسين أن "الهدف من الجلسة كان لتعليق الخطأ على الأكراد والسنة، لأنه لم يكن أصلا هناك مشروع قانون لإجلاء القوات الأمريكية حتى يُقرأ في البرلمان، والدليل على ذلك أن الجلسات التي عقدت بعد ذلك لا يوجد في جدول أعمالها مناقشة مثل هذا القانون".
وأشار إلى أن "الجلسة التداولية حدثت لإدانة الأكراد والسنة والتهرّب من المسؤولية، لذلك كان الأمر مبيتا وجلسة البرلمان هدفها تضليلي، ذلك لأن الطرفين الكردي والسني أعلنوا صراحة وبدون نفاق موقفهم من إخراج القوات الأمريكية".
خلاف بالتوجهات
وفي المقابل، قال أستاذ الإعلام في العراق، غالب الدعمي، إن "الأغلبية الشيعية مع إخراج القوات الأمريكية، ولكن ليس بالطريقة التي يريدها بعض من يحسب على فصائل المقاومة، لذلك هم (النواب الشيعة) كانوا حاضرين، إلا أن ما حال دون دخولهم للجلسة هو عدم رغبتهم بالتصويت وإخراجهم بهذا الشكل".
وأكد الدعمي لـ"عربي21" أن "غالبية القوى الشيعية تريد إخراج القوات الأمريكية بشكل لا يزعج الولايات المتحدة، لأنهم يعرفون جيدا أن إخراجهم بطريقة قسرية سيؤدي إلى نتائج سلبية على العراق".
وأوضح أن "قوى بدر وائتلاف دولة القانون وتيار الحكمة داخل الإطار التنسيقي، يعتقدون أن إخراج القوات الأمريكية بشكل قسري يضر البلد كثيرا، وهم يعللون ذلك بوجود مليارات الدولارات عند البنك الفيدرالي قد ترفع واشنطن الحماية عنها، وبالتالي يفقد العراق كل أمواله".
وشدد الدعمي على أن "الذي يدعم أي قرار متسرّع في إخراج القوات الأمريكية من دون النظر إلى مصلحة العراق العليا فإنه لا يفكر بالبلد، ولا ينفذ أي أجندة عراقية أيا كانت هذه القوى، لذلك لا بد من اعتماد الحوار الذي تتبناه الحكومة العراقية حصرا".
وبيّن أستاذ الإعلام أن "الحكومة العراقية هي الأولى بأن تتحاور مع الجانب الأمريكي حتى لو استمر الحوار مدة عام أو أربعة أعوام، فإن المهم أن تتحول العلاقة إلى طبيعية بين العراق والولايات المتحدة".
ولفت إلى أن "الولايات المتحدة ترى أن محاولة إخراج قواتها حاليا هو إرضاء لإيران وليس من أجل السيادة العراقية، لذلك هي منزعجة جدا، وبالتالي يمكن أن يؤدي هذا الانزعاج إلى الإضرار بالاقتصاد العراقي".
وعلى ضوء فشل انعقاد البرلمان، قالت مليشيا "كتائب حزب الله" العراقية في بيان لها، الاثنين، إنها تقدّر موقف النواب الذين لم يحضروا إلى الجلسة، وأن هذا الأمر سيكون "عاملا إضافيا ودافعا يحفزنا على العمل الجاد لتحرير القرار السياسي".
ووجّه رئيس البرلمان بالإنابة، محسن المندلاوي، بقطع مليون دينار عراقي (650 دولارا) عن مرتّب كل نائب تغيّب عن حضور جلسة الاثنين، إضافة إلى نشر أسماء جميع النواب المتغيبين على وسائل الإعلام.
ودعا المندلاوي، حكومة بلاده إلى "تنفيذ قرار البرلمان عام 2020، المتعلق بإخراج القوات الأجنبية وإنهاء مهامها في البلاد. بناء على تطور القدرات الأمنية العراقية وعدم وجود أي اتفاقية جديدة مع القوات الأجنبية توجب البقاء".
وفي 5 كانون الثاني/ يناير 2020، صوت البرلمان العراقي على قرار يقضي بإنهاء تواجد القوات الأجنبية، وذلك ردا على مقتل، قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس الحشد الشعبي العراقي، أبو مهدي المهندس، بغارة جوية نفذتها الولايات المتحدة قرب مطار بغداد الدولي.