تحدث طبيب
فلسطيني أمريكي عن تفاصيل مواجهته وزير الخارجية الأمريكية أنتوني
بلينكن، حول العدوان الإسرائيلي على قطاع
غزة.
وقال الطبيب ورجل الأعمال والباحث رجائي
البطنيجي، وهو فلسطيني أمريكي من مواليد قطاع غزة، في
مقال نشرته شبكة "سي أن أن"، إنه التقى بلينكن مطلع شباط/ فبراير الجاري، وناقشا العدوان على غزة لمدة ساعة ونصف.
وأوضح أن اللقاء الذي عقد بحضور آخرين بينهم فلسطينيون أمريكيون في مقر وزارة الخارجية، سبقه رفض البعض الحضور لعدم اقتناعهم بجدوى اللقاء مع الوزير الأمريكي الذي دافع باستماتة عن مجازر الاحتلال في قطاع غزة.
وأضاف: "طوال مناقشتنا، قام بلينكن بتدوين ملاحظات مستفيضة وأومأ برأسه بانتباه. وبما أننا تجاوزنا الوقت المحدد لنا، فإنه أصر على تمديد المناقشة".
وتابع بأنه قال لبلينكن ما نصّه "أنا رجائي البطنيجي، لا أشعر بالفخر ولا الشرف بوجودي هنا. العديد من زملائي الأمريكيين الفلسطينيين لم يشجعوني على التحدث معكم اليوم، خوفًا من أن تكون هذه المناقشة أدائية فقط. أشاركهم قلقهم".
وأضاف: "جئت إلى هنا من منطلق الشعور بالواجب، لأحاول - رغم عدم جدواها - إنقاذ عائلتي في غزة من القتل. لقد ولدت في غزة وهاجرت إلى كاليفورنيا عندما كنت طفلاً صغيراً. لقد نشأت وأنا أزور غزة كثيرًا، وقد ساهمت تلك الزيارات في تشكيل شخصيتي بعدة طرق. لقد واجهت شخصيًا بعضًا من عنف الاحتلال".
وأردف البطنيجي: "قلت لبلينكن: لقد درست تاريخ المنطقة في جامعة ستانفورد، وحصلت على درجة الدكتوراه في العلاقات الدولية من جامعة أكسفورد كباحث مارشال - تكريمًا لإرث أحد أسلافك في هذا المكتب - وأصبحت طبيبًا يركز على صحة الأشخاص الذين يتمتعون بأقل الامتيازات".
وتابع: "أنا رجل أعمال أقوم ببناء الفرق والتقنيات التي تعمل على تحسين الرعاية الصحية الأمريكية.
أفضل ألا أكون هنا اليوم. قُتلت ثلاثة أجيال من عائلتي بالصواريخ أثناء بحثهم عن المأوى والأمان. أحمل ذكرياتهم معي. أرى أجسادهم المحطمة عندما أغمض عيني".
وأردف: "قلت لبلينكن: سيدي الوزير، لقد قدمت الأسلحة والغطاء السياسي الذي مكن من قتل 65 من أفراد عائلتي، معظمهم من النساء والأطفال، خلال الأشهر الأربعة الماضية. وفي الغارات التي وقعت في منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني، قُتلت ثلاثة أجيال من عائلتي بالصواريخ أثناء بحثهم عن المأوى والأمان. أحمل ذكرياتهم معي. أرى أجسادهم المحطمة عندما أغمض عيني".
وتابع: "الناجون في عائلتي بلا مأوى. تم تدمير حوالي 70% من المنازل في غزة، وفقًا لتحليل أجرته صحيفة وول ستريت جورنال، بالإضافة إلى جميع المدارس تقريبًا وجميع الجامعات والعديد من المستشفيات والمساجد والكنائس والمواقع التاريخية والسجلات العامة".
وقال البطنيجي مخاطبا بلينكن: "كان منزل أجدادي من أبي في الشجاعية من بين آخر منازل عائلتي التي لا تزال قائمة. هذا هو المنزل الذي ولدت فيه. لقد انهار المبنى في عملية (هدم خاضعة للرقابة) قبل حلول العام الجديد مباشرة".
وقال البطنيجي إن أحوال الناس في غزة مهولة، قائلا إن خاله أخبره بفقدان 20 كيلوغراما من وزنه بسبب الجوع.
وأضاف أنه قال لبلينكن: "على الرغم من وعودكم، فلم تتمكن المساعدات الغذائية من الوصول إلى غزة لتقترب من تلبية الاحتياجات. ويتم إغلاق المعبر في كل فرصة، بما في ذلك من قبل المتظاهرين الإسرائيليين عند معبر كرم أبو سالم الحدودي، ومن خلال عمليات التفتيش الإسرائيلية وداخل غزة من قبل الجيش الإسرائيلي".
وأردف البطنيجي أنه أنكر على بلينكن قيام واشنطن بوقف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" بسبب مزاعم الاحتلال بأن بعضا من موظفي الوكالة عناصر في "حماس" شاركوا في "طوفان الأقصى".
وأضاف: "قلت لبايدن أن هذا الأمر لا أستطيع أن أفهمه إلا على أنه عمل من أعمال العقاب الجماعي. وأخشى أن هذا يجعلك، وأنا – كأمريكيين – طرفاً في استخدام المجاعة كسلاح في الحرب".
وتابع: "أبناء عمومتي في غزة، وهم أطباء مثلي، ليس لديهم مكان لممارسة الطب. وقد دمرت مستشفياتهم أو أصبحت عاجزة. بعد انتقالهم من مستشفى الشفاء إلى مستشفى الأقصى، ليتم إجلاؤهم من كل مستشفى على يد الجيش الإسرائيلي بعد رؤية المرضى والزملاء يقتلون، يعيشون الآن في خيام في رفح والمواصي، ويستخدمون مهاراتهم الجراحية لإصلاح التسريبات في خيامهم".
وبعد الحديث عن التنكيل بالجثث، والمأساة التي يعاني منها الناس في غزة، قال البطنيجي لبلينكن: "ما الذي تريد أن يكون إرثك، أيها الوزير بلينكن؟ لا يمكنك القول إنك لا تعرف. ولا يمكنك القول إنك لم تدعم عن علم أو دعماً مادياً هذه الوفيات، التي قررت محكمة فيدرالية أمريكية ومحكمة العدل الدولية أنها تشكل إبادة جماعية".
وأضاف: "أنا أب لثلاثة أطفال صغار في سان فرانسيسكو. كبالغين، أنا متأكد من أنهم سوف يفكرون في هذه "الإبادة الجماعية" برعب. سيتم تدريسها في فصولنا الدراسية وسيتم تذكرها في متاحفنا حيث نتعهد بعدم تكرارها أبدًا".
وتابع: "إنني أطلب منك استخدام السلطة الكاملة لمنصبك وكل قدر من النفوذ الذي تمتلكه الولايات المتحدة للسماح بوصول المساعدات إلى جميع أنحاء غزة، بما في ذلك الشمال، حيث لا يزال مئات الآلاف من الناس في حالة يأس. واستئناف التمويل للأونروا، والذي سيكون أساسيا لتوزيع أي مساعدات".
وتابع: "أشعر بالإهانة عندما أجلس أمامكم في قاعة المؤتمرات المريحة هذه بينما تنتظر عائلتي بفارغ الصبر كلمة عن وقف إطلاق النار، في الظلام، جائعة، وفي الخيام خوفا من أن يقتلهم الجيش الإسرائيلي في أي لحظة، في عالم كريم، سأطلب العدالة، وليس الرحمة. سيأتي ذلك اليوم".