في ظل ارتفاع معدلات التضخم في مصر وتفاقم أزمة الديون،
تقوم الحكومة المصرية ببيع بعض "أصول الدولة" لمستثمرين مصريين وعرب،
وقد شملت هذه الأصول مؤخرا عددا من الفنادق التاريخية، وفقا لتقرير نشرته صحيفة
"الغارديان" البريطانية.
يعيش الاقتصاد المصري أزمة خانقة وأعباء ديون خارجية
متزايدة، حيث بلغ معدل التضخم السنوي مستوى قياسيًا يصل إلى 35.2 في المئة، نتيجة
لتراجع قيمة العملة المحلية ونقص العملة الأجنبية، خاصة في ظل استمرار البلاد في
استيراد القسم الأكبر من الغذاء.
وتضاعفت ديون مصر الخارجية أكثر من ثلاث مرات في العقد
الأخير، وصلت إلى 164.7 مليار دولار، مع أكثر من 42 مليار دولار مستحقة لهذا العام
وفقًا للأرقام الرسمية.
وفي إطار جهود الحكومة للتعامل مع هذه الأزمة، فإنها قامت ببيع
فندق مينا هاوس التاريخي مؤخرا لرجل الأعمال المصري البارز هشام طلعت مصطفى،
بتمويل من تكتلات إماراتية.
ويعتبر هشام طلعت مصطفى أكبر مطور عقاري في مصر، حيث تضم إمبراطوريته العديد من العقارات في العاصمة المصرية الجديدة، وتمتلك شركته للضيافة
"آيكون" العديد من الفنادق الفاخرة في القاهرة.
وقد استحوذت مجموعة طلعت مصطفى على سبعة فنادق تراثية في
مصر، بما في ذلك فنادق معروفة مثل "سوفيتيل وينتر بالاس" في الأقصر
و"الشلال القديم" في أسوان و"شتيغنبرغر سيسيل" على ساحل
الإسكندرية.
تأتي عملية البيع في إطار محاولات "يائسة"
لجمع الأموال من قبل الحكومة المصرية، حيث تم تمويل الصفقة بواسطة "مستثمر
استراتيجي دولي معروف"، وكانت قيمتها حوالي 800 مليون دولار. وقد أعرب رئيس
الوزراء المصري مصطفى مدبولي، عن إشادته بهذه العملية، مشيرًا إلى أنها ستسهم في
جلب العملة الأجنبية.
من جهتها، تتجه أبوظبي نحو محادثات متقدمة لشراء وتطوير
أراضي "رأس الحكمة" على ساحل البحر الأبيض المتوسط في مصر، بصفقة من
المتوقع أن تصل إلى مليارات الدولارات، ما يساهم في تحسين اقتصاد مصر المتأزم
وتخفيف أزمة النقد الأجنبي.
ويشير التقرير إلى أن مصر تسعى جاهدة للتعامل مع تحديات
جبل الديون المتزايدة من خلال بيع أصول تاريخية وحديثة.
في ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، يبدي مستثمرون
إماراتيون اهتمامًا بشراء واستثمار الأصول في مصر، حيث تمت مشتريات لعقارات وشركات
مصرية في السنوات الأخيرة، وتجري مفاوضات لصفقات ضخمة تتعلق بأراض في "رأس
الحكمة" بقيمة 22 مليار دولار.
تأتي هذه الصفقات في إطار جهود مصر للحصول على النقد
الأجنبي الضروري لسداد ديونها الثقيلة، وتلبية احتياجاتها المستمرة لتحسين الوضع
الاقتصادي وخدمة سكانها البالغ عددهم 106 ملايين نسمة.
تُبرز هذه الأحداث حالة "يائسة" في الاقتصاد
المصري، حيث يبيع البلد أصوله العامة تحت ضغط الديون المتزايدة. وتشير التحليلات
إلى أن الوضع المالي في مصر ليس مستداما، وتتسارع الجهود للبحث عن حل لتلك
التحديات الاقتصادية المستعصية.
قيمة "أكبر من المال" لفندق مينا هاوس تظهر في
إطلالته الرائعة على الأهرامات، حيث تم بناؤه ليكون نزلاً ملكياً للصيد، قبل أن
يتم تحويله إلى فندق في عام 1887.
ويمتلئ الفندق التاريخي بأجنحة فاخرة، بما في ذلك الغرفة
التي أقام فيها رئيس الوزراء البريطاني السابق ونستون تشيرتشل خلال مؤتمر القاهرة
عام 1943، بالإضافة إلى نسخة طبق الأصل عن غرفة نوم المغنية المصرية الشهيرة، أم
كلثوم.
واستضاف الفندق التاريخي محادثات سلام بين الرئيس المصري
السابق، محمد أنور السادات، وممثلين عن إسرائيل في إحدى قاعاته. ورغم القيمة
التاريخية والثقافية الكبيرة التي يحملها فندق مينا هاوس، فإنه يظهر أن قرار بيعه قد
أثار استغرابًا واعتراضًا من بعض الجهات.
لويس مونريال، المدير العام لصندوق الآغا خان للثقافة في
جنيف، أكد أن الفنادق التاريخية في مصر لها قيمة تتجاوز القيمة المالية وتمثل جزءا
لا يتجزأ من تاريخ البلاد.
وأشار إلى أنها ساهمت في اندماج مصر في المجتمع العالمي.
ورفضت مجموعة طلعت مصطفى التعليق على مبيعات الفنادق،
ولم ترد شركات ADQ وAdnec على طلبات التعليق حول الصفقة.
سلاسل الفنادق المعنية، مثل سوفيتيل وستيغنبرغر وماريوت، رفضت التعليق أو أكدت أن الصفقة لا تؤثر على الأعمال اليومية.
وفي رده على ذلك، أشار المحلل الاقتصادي تيموثي قلدس إلى
أن بيع الفنادق قد يؤدي في النهاية إلى نتائج عكسية، حيث ستتدفق العملات الأجنبية
التي تحتاجها الفنادق إلى أماكن أخرى، ما يعقد الوضع الاقتصادي في مصر الذي يواجه
ديونًا ضخمة وتحديات اقتصادية كبيرة.
تحركات اقتصادية عاجلة لشركاء انقلاب السيسي.. إنقاذ لنظامه أم شراء بثمن بخس؟
خاص: الإمارات قدمت مساعدات مالية عاجلة لإنقاذ نظام السيسي
السيسي يرفع الحد الأدنى للأجور في مصر بنسبة 50% وسط تضخم قياسي