لأول مرة منذ 30 عاماً، نشرت قوات عراقية تابعة
لحرس الحدود في منطقة جديدة لم تطأها من قبل، على الحدود مع تركيا في محافظة دهوك
شمالي العراق، التي تتبع إداريا لإقليم كردستان الفيدرالي.
تأتي هذه الخطوة في إطار خطة وزارة الداخلية
العراقية لتحقيق السيطرة على الحدود الدولية ومنع التسلل والأنشطة المسلحة.
وهو ما جاء في بيان وزارة الداخلية قبل يومين،
بأن قوة من لواء الحدود الأول نشرت في نقطة الصفر الحدودية مع تركيا في بلدة تابعة
لمدينة العمادية بمحافظة دهوك.
وأوضح البيان أن المنطقة كانت غير مسيطر عليها
سابقا وستشهد بناء مخافر مجهزة بأحدث التقنيات لرصد الحالات المشبوهة والتصدي
للخارجين على القانون.
من جهته، قال المتحدث باسم القيادة المشتركة
العراقية، اللواء تحسين الخفاجي، إن القوات العراقية تعمل على مسك كامل الشريط
الحدودي مع جميع دول الجوار لضبط الحدود ومنع أي أنشطة غير قانونية.
وأشار إلى أن ذلك سيسهم في الاستقرار الأمني
والمجتمعي في تلك المناطق.
"منفذ
دخول للقوات التركية وعناصر PKK"
في السياق، أكد مصدر عسكري عراقي رفض الكشف عن
اسمه لـ "عربي21"، أن الشريط الحدودي الذي وصلت إليه قوات حرس الحدود
كان مهجورا وغير مسيطر عليه أمنيا لفترة طويلة.
وأشار إلى أن هذه المنطقة كانت تشهد "تسللا لعناصر حزب العمال الكردستاني، إضافة إلى دخول للقوات التركية إلى داخل الأراضي
العراقية".
وبيّن المصدر أن مسك الشريط "سيمنع تنقلات
القوات التركية داخل الأراضي العراقية وكذلك تسلل عناصر (بي كا كا) التي كانت تسفر
عن اشتباكات بين الطرفين".
ويشن الجيش التركي باستمرار عمليات عسكرية برية
وجوية ضد عناصر حزب "العمال الكردستاني ومواقعهم" في إقليم كردستان، وفي
منطقة سنجار الجبلية، ومناطق شمال شرق سوريا.
وتقيم تركيا منذ 25 عاما عشرات القواعد العسكرية
داخل الأراضي العراقية لمواجهة حزب العمال الكردستاني الذين لديهم معسكرات تدريب
وقواعد خلفية في المنطقة.
وفي 17 نيسان/ أبريل 2022، أطلقت تركيا عملية
"المخلب ـ القفل" ضد مواقع حزب العمال الكردستاني في مناطق متينا
والزاب وأفشين ـ باسيان بإقليم كردستان.
"صداع
كبير"
في آخر لقاء إعلامي له، قال رئيس
إقليم كردستان بشأن مشكلة تواجد مقاتلي حزب العمال الكردستاني في
الإقليم: "إن PKK حزب العمال صداع كبير لإقليم كردستان
وللعراق أيضاً. هؤلاء لا يقيمون وزناً للمؤسسسات الشرعية لإقليم كردستان".
وأكد بارزاني أن حزب العمال "يهدد
تركيا انطلاقاً من أراضينا، بينما نرفض تماما مبدأ تحويل أراضي إقليم كردستان إلى
مصدر تهديد لجيراننا سواء أكان هذا الجار تركيا أم إيران".
وأضاف: "لا يمكن أن يتخذ معارضو
هذه الدول من إقليم كردستان منطقة آمنة لخلق المشاكل لهذه الدول".
وأعرب عن أسفه في أن "حزب العمال PKK يلعب
دورا سلبيا جدا في هذا السياق ويستخدم المناطق الجبلية لإقليم كردستان ويحاول خلق
المشاكل لتركيا. هذا غير مقبول مطلقا من جانبنا".
"العمال
الكردستاني" بيدق إيران
وتعتبر مدينة
السليمانية، القرببة ميولها من إيران، أبرز المعاقل التي يلجأ إليها عناصر
"العمال الكردستاني"، السياسيين والعسكريين، وهو ما أثار غضب أنقرة، حيث
تنفذ عمليات استهداف محددة ضد شخصيات عملت ضد الدولة التركية في صفوف الحزب، الأمر
الذي وتّر علاقة أنقرة والسليمانية.
بالعودة إلى الماضي، فقد تواجد حزب العمال الكردستاني في إقليم كردستان، بعد مهاجمة تنظيم
الدولة لمنطقة سنجار في 2014 التي تقطنها الطائفة الإيزيدية، وأعلنت قيادتها أنها
ستنسحب بعد تحريرها، لكنها خالفت الأمر وبقيت هناك إلى يومنا هذا.
وبحسب مراقبين، فإن
إيران تدعم حزب "العمال الكردستاني" المصنف على لوائح الإرهاب، وتمد عناصره
بالأعتدة، وهذا التعاون يعود إلى فترة قاسم سليماني، قائد فيلق القدس السابق، وقد
اعتبروه "ورقة ضغط" بيد طهران في مواجهة أنقرة.
ويؤكد الباحث السياسي
العراقي المقيم في الولايات المتحدة، هيثم الهيتي، أن إشكالية حزب "العمال
الكردستاني" معقدة، إذ تستخدمه إيران كأداة سياسية وأمنية في المنطقة، لافتا
إلى أن طهران تستفيد من الحزب المتمرد في إقليم كردستان في مسألة علاقته مع تركيا
بغرض وضعه أمام وضع حرج.
أربيل وضعت بغداد في واجهة
الصراع
يكمل الهيتي حديثه لـ"عربي21": "موافقة أربيل على نشر قوات اتحادية لأول مرة، وتحمل العلم
العراقي في حدودها الإدارية، تعكس كمية الضغط الإيراني على إقليم كردستان،
التي تتزايد عبر قرارات الحكومة العراقية".
ولفت إلى أن أربيل
تبحث في خضم هذا الصراع أن يكون لهم ملجأ، والأقرب إليها هو الجانب التركي.
وتابع: "حتى لو
كانت هناك علاقة كردية – كردية مع حزب العمال، فإنهم يرغبون ككرد التخلص من المسؤولية
أمام تركيا من اتهامات توفير منافذ أو مواقع لحزب العمال".
الباحث السياسي، أشار
إلى أن إقليم كردستان "سمح للحكومة العراقية بحماية المنطقة التي يتواجد بها حزب
العمال، حتى تحرج سياسيا الحكومة العراقية مع إيران وتركيا وتحملها المسؤولية الكاملة
أمام الطرفين".
وأوضح أن هذه الخطوة
ستبين للأتراك أن الكرد في كردستان العراق ليسوا هم من يقومون بدعم حزب العمال الكردستاني،
وفق حديثه.
ووصف الهيتي هذه
الخطوة الكردية في التعامل مع الحكومة العراقية عبر سماح الوقات العراقية في
الانتشار بتلك المناطق هي "استراتيجية سياسية ذكية جدا في جعل الحكومة في مواجهة
مباشرة أمنية مع الإيرانيين والأتراك في الفترة المقبلة".
مقترح مصري بدمج الحكومتين في ليبيا بموافقة تركيا.. هل ينجح؟
ما المناطق التي استهدفها الاحتلال في حمص.. وهل ترد إيران؟