نشرت صحيفة ''إزفيستيا''
تقريرًا، تحدثت فيه عن افتقار الأمريكيين والبريطانيين إلى المعلومات الاستخباراتية في حملتهم ضد
الحوثيين اليمنيين في البحر الأحمر.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي 21"، إن الخبراء العسكريين الأمريكيين -على وجه الخصوص- لا يملكون معلومات عن القدرات التي كانت لدى الحوثيين قبل بدء الضربات الشاملة، وبالتالي لا يمكنهم تقييم الضرر الذي ألحقوه بشكل كامل.
تغيرت التكتيكات أم لا؟
وقالت الصحيفة إن صحيفة ''فاينانشيال تايمز'' كتبت نقلًا عن بعض المصادر، أن محاولات الولايات المتحدة لوقف الهجمات من اليمن على الملاحة في البحر الأحمر، تعرقلها قلة المعلومات الاستخباراتية عن ترسانة الحوثيين وكامل قدراتهم العسكرية. وبالتالي فإن البنتاغون لا يدرك حجم الضرر الذي تمكنوا من إلحاقه بالحوثيين خلال الضربات على مواقعهم في اليمن، لأنهم قبل القصف لم يكونوا يعرفون بالتفصيل ما هي القدرات التي يمتلكها الحوثيون. وتأمل واشنطن أن يكونوا قد حرموا أنصار الله من كمية كبيرة من الأسلحة، ما أجبر الحوثيين على إجراء تغييرات في تكتيكاتهم، إلا أن المسؤولين الحاليين والسابقين أكدوا على أن حجم الضرر لا يزال غير واضح.
وأوضحت الصحيفة أنه من المحتمل أن يكون الحوثيون يقومون بتمويه أسلحتهم بحرص شديد باستخدام مخابئ وأنفاق بنيت في الجبال لإخفاء قدراتهم العسكرية، بالإضافة إلى حماية المعلومات الداخلية من التسريبات بعناية، فلم يعجز الأمريكيون وحلفاؤهم، ليس فقط عن اكتشاف ذلك فحسب، بل أيضًا عن وقف عمليات شحن الأسلحة التي ترسلها طهران إلى الحركة.
وبحسب الصحيفة، فإن بعض المصادر تقول إن وزارة الدفاع الأمريكية تلقت معلومات استخباراتية قليلة عن الحوثيين، بعد أن ألغت القيادة حملة ضربات جوية بطائرات دون طيار ضد تنظيم القاعدة في جنوب اليمن. وهذا حدث خلال فترتي رئاسة الرئيسين الأمريكيين باراك أوباما ودونالد ترامب.
ومع ذلك؛ أشار تيد سينغر، المسؤول الكبير السابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، الذي عمل لفترة طويلة في الشرق الأوسط، إلى أن الحصول على الحقائق أصعب منذ أن قامت واشنطن بإخلاء سفارتها في العاصمة اليمنية صنعاء في عام 2015، عندما استولى مقاتلو أنصار الله على العاصمة.
ويقول المسؤولون الأمريكيون إنهم دمروا أو ألحقوا أضراراً بـ 150 هدفاً منذ 12 يناير/كانون الثاني، وتشمل هذه الأهداف صواريخ مضادة للسفن وأنظمة مضادة للطائرات، وأنظمة اتصالات واستطلاع جوي، وطائرات دون طيار، وزوارق غير مأهولة، ومستودعات أسلحة ومراكز قيادة. إلا أن ذلك لم يساعد كثيرًا، حيث لم يتوقف الحوثيون عن مهاجمة أهداف في البحر الأحمر، فقد هاجموا سفن البحرية الأمريكية أو سفن الشحن الأمريكية 62 مرة، وضربوا أربع سفن تجارية كانت ترفع العلم الأمريكي.
الهجمات مستمرة
وأفادت الصحيفة أن الولايات المتحدة عملت مؤخرًا على رصد العلاقات العسكرية والمالية بين الحوثيين الموالين لإيران وطهران؛ ففي فبراير/شباط من هذا العام، نشرت وزارة الدفاع الأمريكية تقريرًا كشفت فيه عن استخدام الحوثيين لصواريخ وطائرات دون طيار
إيرانية المنشأ، خاصة خلال فترة التصعيد في البحر الأحمر. وأشارت الصحيفة إلى أنه منذ عام 2014، يقوم الحرس الثوري الإيراني بتدريب الحوثيين ومنحهم إمكانية الوصول على نطاق واسع إلى ترسانة متزايدة من الأسلحة المتطورة، ويعتقد البنتاغون أن هذا الدعم من طهران ساعد الحوثيين على تنفيذ هجمات على السفن التجارية.
ووفقا للصحيفة؛ فتعتقد وزارة الدفاع الأمريكية أن هذه المعدات التقنية ساعدت الحوثيين على تدمير كابلات الاتصالات الدولية التي تمتد على طول قاع البحر الأحمر. ونتيجة لذلك تضررت أربعة أجزاء من الخطوط التي تربط بين آسيا وأوروبا وأفريقيا، مما أدى إلى انخفاض بنسبة 25% في حركة الاتصالات العالمية، لذلك اضطر مقدمو الخدمات إلى إعادة توجيه التدفقات إلى أوروبا عبر الولايات المتحدة والصين. وأفادت التقارير أيضًا أن كابلات الاتصالات بين جيبوتي والسعودية قد انفجرت، وهذا مما أدى إلى تعطيل حركة الإنترنت في الهند ودول
الخليج.
لم يحالف الحظ حتى الآن
ونقلت الصحيفة عن إيلينا بانينا، مديرة معهد روسسترات للإستراتيجيات السياسية والاقتصادية الدولية، قولها إن الضربات التي يشنها الحوثيون بدأت في الآونة الأخيرة تتحول إلى ضربات ممنهجة، وتصيب معظم الأهداف. على وجه الخصوص؛ بين 15 و19 فبراير/شباط، تعرضت ثلاث سفن بريطانية للقصف، كان آخرها السفينة روبيمار التي أُغرقت.
وتشير بانينا إلى أن هذه بلا شك خسارة كبيرة على الصعيدين المالي وسمعة القوات البحرية الأمريكية والبريطانية، كما لا تستبعد أنه يبدو أن ثقة أمريكا والمملكة المتحدة في أن الحوثيين لن يركزوا الهجمات على السفن الحربية خوفًا من الانتقام ليست عالية كما كانت من قبل.
وقال أندريه أونتيكوف، الباحث السياسي، في حوار مع صحيفة "إزفيستيا"، إن العملية الأمريكية البريطانية التي تهدف إلى ضمان سلامة الملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب لم تؤت ثمارها بعد لأن إحدى السفن أُغرقت مؤخرًا نتيجة هجوم الحوثيين، كما تجدر الإشارة أيضًا إلى اتساع نطاق الأسلحة التي يمتلكها الحوثيون، وأكد الخبير في حديثه "أن الحوثيين ينفون تورطهم في الهجمات على الكابلات، ولكن إذا كانوا هم من قام بها، فيمكن استخلاص استنتاج حول زيادة قدرات الحوثيين، لأننا نتحدث عن كابلات على عمق لا بأس به إلى حد ما".
واختتمت الصحيفة التقرير بقول أونتيكوف إن هناك تقارير عن تمويل إيراني للحوثيين، مضيفًا: "هناك تفاقم في مضيق باب المندب، والحوثيون يقولون إن هجماتهم مرتبطة بالوضع في قطاع
غزة، وإذا نظرنا إلى جغرافية وحجم الأحداث في منطقة غزة، ففي تقديري المتواضع ومع كل الاحترام الواجب لإيران، فإن هذا ليس بحجمها على الإطلاق".