شهدت بطولة كأس عاصمة مصر الدولية الودية، التي أقيمت في القاهرة خلال الفترة 18- 26 مارس/ آذار الجاري، بمشاركة
أربعة منتحبات هي مصر وتونس وكرواتيا ونيوزيلندا، الظهور الأول لإستاد مصر في
العاصمة الإدارية.
وخطف إستاد مصر، أحد مشروعات المدينة الرياضية في العاصمة الإدارية
الجديدة، لقب أكبر إستاد رياضي في مصر والذي هيمن عليه إستاد القاهرة منذ تأسسيه
عام 1958 ويتسع لـ75 ألف متفرج.
ويعتبر إستاد مصر الجديد أكبر إستاد رياضي في الشرق الأوسط بسعة 94 ألف متفرج
والثاني أفريقيًا، وتبلغ التكلفة النهائية لإنشائه 900 مليون جنيه ( نحو 19 مليون دولار)، ضمن المدينة
الرياضية في العاصمة الإدارية الجديدة التي تم تنفيذها على مساحة 92 فدانًا بتكلفة
إجمالية قدرها 2.8 مليار جنيه ( نحو 59.2 مليون دولار)، على أن يتم الاستثمار فيه عن طريق عرضه على
المستثمرين وبعض الأندية المصرية بنظام حق الانتفاع لمدة 10 سنوات قادمة بحسب
تصريحات حكومية.
تضارب في الأرقام
وحول التكلفة المعلنة في ظل أزمة مالية واقتصادية طاحنة تمر بها مصر، فقد انقسم الخبراء.. فمنهم من رأى أن المشروع يساعد
مصر في تنظيم بطولات دولية ولكن المنظومة الرياضية تغيب عنها الأولوية في الإنفاق،
خاصة مع افتقارها لبعض الأساسيات، كالأجهزة الطبية على سبيل المثال، والتي ظهرت
جلية خلال إصابة لاعب فريق مودرن فيوتشر، أحمد رفعت، وتوقف القلب لمدة زادت على الساعة
وفشلت محاولات إسعافه داخل الملعب ما أثر على مدة إفاقته وعودته للوعي من جديد.
فيما ذهب البعض إلى أن التكلفة المعلنة رغم أنها كبيرة وغير مناسبة للظروف
المعيشية والاقتصادية التي يمر بها المواطن المصري، فإنها غير حقيقية مقارنة بتكلفة إنشاء الملاعب في مصر والخارج وإن هناك سرا وراء إخفاء التكلفة الحقيقية.
وفي حزيران/ يونيو 2022 أعلن رئيس نادي المصري البور سعيدي، كامل
أبو علي، أن تكلفة مشروع استاد النادي الجديد 3.5 مليار جنيه ( نحو 74 مليون دولار)، وفي كانون الثاني/ يناير 2018، أعلنت إدارة النادي الأهلي المصري أن التكلفة لن تقل عن 8 مليارات جنيه (نحو 169.3مليون دولار) بناء على دراسة الجدوى المبدئية، فهل أخفت الحكومة
المصرية التكلفة الحقيقية لإستاد مصر؟
عوار كبير في تجهيزات الملاعب
أكد الناقد الرياضي والحكم الدولي المساعد السابق، ناصر صادق، في تصريحات
خاصة لـ "عربي21"، أن أمن وسلامة من في الملعب أهم عوامل نجاح الإستاد، بحسب ما شدد عليه القانون الدولي لكرة القدم، مؤكدًا أنه يتمنى أن تكون ملاعب مصر الأكبر
والأفضل وليس من حيث السعة فقط، قد يكون الملعب صغيرًا ولكنه مجهزا.
وأشار صادق إلى أن ملعب إستاد مصر وغيره من الملاعب المماثلة يساهم في استضافة
مصر البطولات الدولية، وأن مصر فيها كوادر كثيرة تنجح في ذلك، إلا أن أزمة إصابة لاعب
مودرن فيوتشر، كشفت عوارا كبيرا في تجهيزات الملاعب، وطالما أن الإمكانيات موجودة لإنشاء
الملاعب فيجب أن يتم رفع كفاءة وإمكانيات المنظومة الرياضية بالكامل.
وأضاف، أنه على المسؤولين الاجتماع باللجان الطبية وتحديد الأولويات، وأن
كان الإمكانيات غير قابلة للتطوير، فعليهم التدرج في توفير البيئة المناسبة، مشيرا
إلى أن حادث توقف القلب للاعب أحمد رفعت حدثت في الدوري الممتاز ولم ينجح الفريق
الطبي في إنقاذه، فماذا يحدث في المستويات الأدنى؟ ولفت إلى أنه في أوروبا توقف
العالم إثر حادث مماثل مع لاعب المنتخب الدنماركي كريستيان إريكسن في يورو 2020، وتم إسعافه في الملعب وخرج منه في وعيه.
سر إخفاء التكلفة الحقيقية
ومن ناحية أخرى أكد الناقد الرياضي أحمد سعد، في تصريحات خاصة لـ "عربي21"، أن التكلفة المعلنة لإنشاء إستاد مصر (900 مليون جنيه)، وإجمالي تكلفة المدينة الرياضية في العاصمة الإدارية الجديدة (2.8 مليار جنيه)، غير منطقية، وسط تضارب الأرقام، مشيرا إلى أن الصالة المغطاة داخل المدينة ذاتها، تم إنشاؤها بتكلفة 2.2 مليار جنيه بحسب التصريحات الرسمية.
وأضاف سعد، أن تكلفة إنشاء إستاد بأقل من نصف السعة من ملاعب كأس العالم بقطر،
وصلت إلى ما يقارب الـ700 مليون دولار (ما يقارب الـ30 مليار جنيه)، كما أنه وبالرجوع
للتصريحات الرسمية لتكلفة إنشاء إستاد النادي الأهلي (8 مليارات جنيه)، فإن رقم الـ(900 مليون)
لإستاد بهذه السعة لن يكون صحيحا.
وقال الناقد الرياضي، إن السر في إخفاء التكلفة الحقيقية للمدينة الرياضية
بالعاصمة الإدارية، هو امتصاص غضب الشعب، خاصة في ظل ما يمر به المواطن من أزمات اقتصادية
وضعف المرتبات وارتفاع أسعار السلع الأساسية، مشيرا إلى أن تلك المصاريف الكارثية ما
هي إلا "سفه"، لا يرقى لأولويات المواطن المصري.
وأكد سعد، أن اهتمام الحكومة المصرية بمثل تلك الإنشاءات كالعاصمة الإدارية
والاستثمار في "الحجر" لا البشر، ما هو إلا وسيلة للبحث عن إنجاز وهمي يلتهم
ميزانية مصر والمواطن، خاصة أنها سياسة تفرضها الدول المانحة.