نشر موقع "
بلومبيرغ" تقريرًا ناقش خلاله الآثار المحتملة للذكاء
الاصطناعي على
معدلات الفائدة، مشيرًا إلى أن الاعتماد على التكنولوجيا في اتخاذ
القرارات المالية قد يؤدي إلى تغييرات غير متوقعة في
أسعار الفائدة، وأن استخدام
البيانات وتحليلات
الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى تحسين الدقة في توقعات السوق
وبالتالي تغييرات في سياسات الفائدة.
وقال الموقع، في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنه مع استمرار
التحسينات في الذكاء الاصطناعي، تتزايد أيضًا الأسئلة حول كيفية تأثير الذكاء
الاصطناعي على الاقتصادات وأسعار الأصول وأسعار الفائدة؛ هل من المرجح أن يؤدي الذكاء
الاصطناعي إلى ارتفاعها أو انخفاضها؟
قد يظن البعض أن الاقتصاديين لديهم طريقة بسيطة للتعامل مع مثل هذا
الاستعلام المباشر، لكن الاقتصاد الكلي والذكاء الاصطناعي معقدان، ورغم هذا فإن
هناك توقعاً جريئاً بأن أسعار الفائدة الحقيقية المعدلة وفقاً للتضخم سوف ترتفع،
ولفترة طويلة من الزمن.
وأشار الموقع إلى أن الحكمة التقليدية هي أن المعدلات تميل إلى الانخفاض مع
ارتفاع الثروة والإنتاجية، ومن السهل رؤية سبب هذا الرأي؛ حيث إن أسعار الفائدة
الحقيقية كانت في انخفاض عمومًا طيلة أربعة عقود من الزمن، أما من الناحية
النظرية، فإن الإقراض يصبح أكثر أمانًا مع مرور الوقت، خاصة وأن الثروة المتاحة
للادخار أعلى.
إن هذه التوقعات غير البديهية تعتمد على اعتبارين، أولًا، من الناحية
العملية، إذا كانت هناك طفرة حقيقية في الذكاء الاصطناعي، فإن الطلب على النفقات
الرأسمالية سيكون مرتفعا للغاية. ثانيًا، من الناحية النظرية، تشكل إنتاجية رأس
المال عاملًا رئيسيًّا في تشكيل أسعار الفائدة الحقيقية، وإذا ارتفعت إنتاجية رأس
المال بشكل كبير بسبب الذكاء الاصطناعي، فيجب أن ترتفع أسعار الفائدة الحقيقية
أيضًا.
وأوضح الموقع أنه بالنظر إلى النفقات الرأسمالية في عالم الذكاء الاصطناعي،
فإن الإسراع لإنتاج المزيد من رقائق أشباه الموصلات عالية الجودة مستمر، وهذه
الاستثمارات ليست سهلة أو رخيصة، لكن الطلب على الاستثمار لن يتوقف عند هذا الحد،
وكلما تم دمج الذكاء الاصطناعي في الحياة وخطط الأعمال، كلما زاد الطلب على
العمليات الحسابية، ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى توسع كبير في البنية التحتية للطاقة.
وقد يكون ذلك مجرد بداية الارتفاع في النفقات الرأسمالية؛ فالذكاء الاصطناعي
يقود بالفعل بعض التقدم في وتيرة الاكتشافات العلمية، وهو الاتجاه الذي من المتوقع
أن يستمر، فمثلاً، قد يجعل الذكاء الاصطناعي تحلية المياه فعالة من حيث التكلفة في
أجزاء كثيرة من العالم، وفجأة، سيكون هناك المزيد من الطلب على تطوير المزيد من
أجزاء كاليفورنيا وأريزونا ونيفادا. وسوف تقوم الولايات المتحدة ببناء المزيد من
العقارات، باستخدام المزيد من الطاقة في هذه العملية، وقد تفعل السعودية والإمارات
والعديد من الأماكن الأخرى الشيء نفسه، مما يعزز الطلب الإجمالي على الاستثمار
بشكل أكبر.
وأضاف الموقع أن الطلب على السفر إلى الفضاء وإطلاق الأقمار الصناعية آخذ في
الارتفاع أيضًا، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الذكاء الاصطناعي، وعلى نحو أقل تفاؤلاً، قد
تزداد أهمية الحرب التي يقودها الذكاء الاصطناعي والقتال بطائرات مسيرة، كما هو
الحال بالفعل في أوكرانيا والشرق الأوسط، وهذه أخبار سيئة ستؤدي مع ذلك إلى زيادة
الاستثمار.
وإذا اجتمع عدد كاف من هذه الاتجاهات في فترة زمنية قصيرة بما فيه الكفاية،
فمن المتوقع أن ترتفع أسعار الفائدة الحقيقية، وسوف يرتفع الطلب على الاقتراض
والاستثمار، رغم أن المدخرات ربما لن ترتفع بشكل متناسب، على الأقل ليس في الأمد
القريب.
وأفاد الموقع أنه إذا تم تحقيق الذكاء الاصطناعي العام، فسيكون ذلك أشبه
بوصول المليارات من العمال المحتملين إلى الاقتصاد العالمي في نفس الوقت تقريبًا،
وهذا سيناريو معقد، وستكون هناك أيضًا استثمارات كبيرة لمساعدة العاملين البشريين
على التعامل مع التعديلات وإعادة تخصيص جهودهم الناتجة.
ومن الناحية العملية يُتوقع حدوث طفرة في قطاع عربات النقل، فضلاً عن التوسع
في البرامج الحكومية لمساعدة العمال، وسوف تفرض هذه القوى وغيرها من القوى
المماثلة المزيد من الضغوط الصعودية على أسعار الفائدة الحقيقية.
وأكد الموقع أن الاقتصاد الكلي ليس بالأمر السهل على الإطلاق، لذلك ينبغي
اعتبار كل هذا مجرد تخمين وليس توقعًا، ومع ذلك، فمن المنطقي أن نكون مستعدين لعكس
الاتجاه طويل الأمد المتمثل في انخفاض أسعار الفائدة الحقيقية، إلى أن يؤدي التقدم
الذي يقوده الذكاء الاصطناعي إلى خلق المزيد من الثروة لتجديد مخزونات المدخرات،
وخفض أسعار الفائدة الحقيقية مرة أخرى.
واختتم الموقع التقرير بالقول أنه في هذه الأثناء، يجب أن يكون الناس
مستعدين للتغيير، فانخفاض الأسعار لا يشكل بالضرورة قانونًا حديديًّا للتاريخ
الاقتصادي، وكما ثبت أن الاعتدال الأعظم كان مجرد وهم بسبب الأزمة المالية في
الفترة 2007-2008، فقد يثبت أن "الاعتدال الكبير" الحالي لأسعار الفائدة
الحقيقية هو ظاهرة متقطعة.