يُحيي
الفلسطينيون، في جميع أماكن تواجدهم،
يوم الأرض في 30 مارس/ آذار من كل عام، وسط تصاعد في حدة العدوان الإسرائيلي، وتوسع غير مسبوق في عمليات سرقة الأراضي لصالح التوسع
الاستيطاني.
وتأتي الذكرى هذا العام وسط تصاعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وتصاعد الهجمة الاستيطانية في الضفة الغربية.
واكتسب يوم الأرض أهمية كبيرة لدى الفلسطينيين، كونه أول صدام يحدث بين الجماهير الفلسطينية داخل دولة
الاحتلال وسلطات الاحتلال.
بداية الأحداث
عام 1975، أعلنت حكومة الاحتلال خطة لتهويد منطقة الجليل، لبناء تجمّعات سكنية يهودية على أراض تعود لفلسطينيين يمثلون أغلبية في المنطقة.
جاءت تلك الخطة، ضمن مشروع أطلقت عليه سلطات الاحتلال اسم "تطوير الجليل".
وصادقت الحكومة، في 29 شباط/ فبراير 1976، على قرار لمصادرة 21 ألف دونم، من أراض تعود ملكيتها لفلسطينيين في بلدات "سخنين، وعرابة، ودير حنا، وعرب السواعد"، وخصصت تلك المساحات المُصادَرة لبناء المزيد من المستوطنات.
واستباقا لأي مواجهة فلسطينية، أعلنت سلطات الاحتلال حظر التجوال في القرى التي شهدت مصادرة للأراضي منذ الساعة الـ5 مساء من يوم 29 آذار/ مارس من ذلك العام، واعتبرت أي تظاهرة ستخرج احتجاجا على المصادرة غير قانونية.
كما هدد الاحتلال بإطلاق النار على المتظاهرين الفلسطينيين، لمنع تنفيذ الإضراب.
وفي إطار مواجهة هذا القرار، اجتمعت لجنة الدفاع عن الأراضي، التي انبثقت عن لجان محلية فلسطينية، وأقرّت إعلان الإضراب الشامل في اليوم التالي الذي وافق 30 آذار/ مارس، ولمدة يوم واحد فقط.
وبدأت شرارة المظاهرات الاحتجاجية، في 29 آذار/ مارس من ذلك العام، بانطلاق مسيرة شعبية في بلدة دير حنا، تعرضت للقمع الشديد، تلتها تظاهرة أخرى في بلدة عرّابة، وكان القمع أقوى، حيث سقط خلالها شهيد وعشرات الجرحى.
وأدى انتشار خبر استشهاد المتظاهر، إلى اتساع دائرة المظاهرات والاحتجاج في كافة المناطق العربية في اليوم التالي.
وتركزت المواجهات في منطقتي "الجليل" و"المثلث" شمالي فلسطين المحتلة، لاسيما قرى وبلدات "عرابة - دير حنا – سخنين"، وكذلك صحراء النقب (جنوبا).
وأفضت هذه المواجهات إلى استشهاد 6 فلسطينيين وإصابة العشرات؛ جرّاء قمع الاحتلال الإسرائيلي.
ورفض الاحتلال تشكيل لجنة للتحقيق في ظروف استشهاد هؤلاء الفلسطينيين، على الرغم من أنهم كانوا يحملون "الهوية الإسرائيلية".
استمرار مصادرة الأراضي
وتسيطر دولة الاحتلال، بحسب تقرير لهيئة مقاومة الجدار والاستيطان التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، على 42 بالمئة من مجمل أراضي الضفة الغربية، و68.7% من مجمل المناطق المصنفة (ج)، وهي المناطق التي تخضع للحكم العسكري الاحتلالي الإسرائيلي وتبلغ مساحتها ما مجموعه 61% من مجمل مساحة الضفة الفلسطينية.
وتبلغ مساحة المناطق المصنفة (أ) ما نسبته 17.6% من مساحة الضفة الغربية. فيما بلغت نسبة المناطق المصنفة (ب) ما نسبته 18.4% من المساحة الإجمالية للضفة الغربية.
ومنذ احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967 بلغ مجموع مساحات الأراضي الفلسطينية التي أعلنها الاحتلال كـ"أراضي دولة" حوالي 1700 كم2، أي ما نسبته 29% من مجمل أراضي الضفة الغربية، حيث تم تخصيص أجزاء منها لإقامة المستوطنات، أو وضعت تحت تصرف المستوطنين، أو تركت كاحتياطي للاحتياجات المتزايدة للمشروع الاستيطاني الإسرائيلي.
وبلغ عدد المستوطنين في الضفة الغربية 740 ألف مستوطن، يتمركزون في 184 مستوطنة، و194 بؤرة استيطانية، منها 90 بؤرة زراعية رعوية تمنع وصول المواطنين إلى أكثر من 410 ألف دونم معظمها في الأغوار والسفوح الشرقية، بما يعادل أربعة أضعاف مساحة المستوطنات القائمة.
وفي العام 2023 وحده، أقيمت 18 بؤرة جديدة، وبلغ عدد المواقع الاستيطانية الخدماتية والصناعية وغيرها 52 موقعاً، إلى جانب 94 موقعاً عسكرياً و40 كلية عسكرية.
وأشار البيان إلى أنه وفي العام الماضي، درست سلطات الاحتلال إقامة أكثر من 18 ألف وحدة استيطانية جديدة، منها 8 آلاف وحدة جرت عملية المصادقة عليها، بالإضافة إلى 10 آلاف وحدة أخرى جرت عملية إيداعها للمصادقة اللاحقة.
وبين التقرير أن مساحة الأراضي الفلسطينية التي يزرعها المستوطنون بلغت 120 ألف دونم، واستولت سلطات الاحتلال في عام 2023 وحده على أكثر من 48 ألف دونم من أراضي المواطنين تحت مسميات مختلفة، منها إعلانات المحميات طبيعية وإعلانات أراضي الدولة وغيرها.
وبلغ مجموع إخطارات الهدم التي تم توزيعها في العام 2023 ما مجموعه 1330 إخطار، شملت (إخطارات هدم، وقف بناء) ، وقد تركز 60% من هذه الإخطارات في محافظات الخليل، بيت لحم ورام الله.
هذا وهدمت دولة الاحتلال (659) منشأة معظمها في محافظات القدس والخليل وأريحا، وأصدرت قوات الاحتلال 32 أمراً عسكرياً تقضي بوضع جيش الاحتلال الإسرائيلي يده على مساحة 619 دونما.
وأدت إجراءات الاحتلال إلى تهجير 25 تجمعاً بدوياً فلسطينياً تتكون من 266 عائلة تشمل 1517 فرداً من أماكن سكنهم إلى أماكن أخرى، منها 22 تجمعاً بدوياً جرى تهجيرها بعيد السابع من أكتوبر، بحسب البيان.
وأوضح البيان أن إجراءات الاحتلال واعتداءات المستوطنين منعت وصول المواطنين إلى أكثر من نصف مليون دونم من الأراضي الزراعية.
ورصدت الهيئة عمليات اعتداء على أكثر من 21 ألف شجرة فلسطينية بالتحطيم والاقتلاع والتسميم، منها أكثر من 18 ألف شجرة زيتون في العام 2023 وحده.
هيئة مقاومة الاستيطان أٍشارت إلى أن عدد الحواجز الدائمة والمؤقتة (بوابات، حواجز عسكرية أو ترابية) التي تقسم الأراضي الفلسطينية وتفرض تشديدات على تنقل الأفراد والبضائع بلغت 700 حاجزاً عسكرياً وبوابة، منها أكثر من 140 بوابة جرت عملية وضعها بعد السابع من أكتوبر.
ويفيد البيان بأن جدار الفصل الإسرائيلي المقام في العام 2002 ما زال يعزل أكثر من 295 كيلو متر2 من أراضي المواطنين.