مع استمرار الحرب الإسرائيلية المدمرة على قطاع
غزة، وتفاقم الأوضاع الإنسانية وتأزم الأحوال الاقتصادية، يعجز الفلسطينيون عن تأمين مستلزمات العيد وسط دمار شامل ورائحة الموت تفوح في الأرجاء.
ويعاني الفلسطينيون ظروفًا معيشية صعبة وشبه انعدام للحياة، مع دخول الحرب الإسرائيلية شهرها السابع، حيث تم نزوح ما يقرب من مليوني فلسطيني من منازلهم ومناطقهم السكنية إلى مناطق أخرى نتيجة للقصف الإسرائيلي العنيف، وذلك في بحث مستمر عن الأمان المفقود.
ويعيش فلسطينيو قطاع غزة البالغ تعدادهم نحو 2.3 مليون أزمتي الجوع والعطش، وسط بيوت لا تصلح للسكن وفقدان أحباب وبدون علاج وانعدام الأمان لاسيما في شمال قطاع غزة.
وتضررت العديد من أسواق قطاع غزة بفعل القصف الإسرائيلي خلال الحرب، والتي لم تتضرر مباشرة بالقصف، تأثرت بتداعيات الحرب والحصار، ما أدى إلى نقص البضائع الجديدة في محلاتها التجارية.
موسم ضائع
يؤكد عبد الله حسنين (36 عاماً)، الذي يملك متجرًا لبيع الملابس في رفح، أن القدرة الشرائية للمواطنين والنازحين انخفضت بشكل كبير جدًا نتيجة لظروف الحرب وتداعياتها الاقتصادية.
ويوضح حسنين لوكالة الأناضول التركية أن "الأولوية لدى المواطنين في عمليات الشراء تتركز على الطعام والشراب، خاصة في وقت لا يملكون فيه القدرة على توفير المال لشراء الملابس".
ورغم خفض حسنين لأسعار البضائع، إلا أن المواطنين لا يمكنهم التسوق رغم اقتراب
عيد الفطر بسبب عدم توفر أي قدرة شرائية لديهم.
ويقول: "المحلات التجارية مزدحمة جداً، لكننا نفتقد اليوم إلى البضائع والقدرة الشرائية"، مبينًا أن التجار ينتظرون موسم العيد بفارغ الصبر، إلا أن هذا "الموسم ضائع" ولن يكون هناك بيع وشراء بسبب الحرب.
وتظهر الأسواق قلة الازدحام مقارنة بالسنوات السابقة، حيث ينتشر الباعة المتجولون بأعداد قليلة على الأرض لبيع ما يملكونه من طعام، وشراب، ومواد أساسية وثانوية، بهدف تأمين المال الضروري لشراء احتياجاتهم اليومية.
ويشتكي المواطنون من الارتفاع الكبير في أسعار البضائع، في ظل عدم تلقي قطاعات واسعة رواتبها منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر الماضي، وتقتصر عمليات الصرف على سلف مالية بسيطة.
وشهدت الأسواق إحجامًا من المواطنين عن الشراء بشكل ملحوظ، حيث تسعى العائلات جاهدة لتوفير احتياجاتها الأساسية في ظل الظروف الصعبة.
فرحة منقوصة
تتجول الطفلة ليان مكاوي (10 سنوات) برفقة والدتها في سوق رفح المركزي، لشراء بعض احتياجاتهم من الملابس التي يمكن ارتداؤها في عيد الفطر السعيد.
تقول مكاوي، النازحة إلى مدينة رفح جنوب قطاع غزة: "جئت إلى السوق مع والدتي لشراء ملابس العيد، لكن لم نجد بضائع في المحلات التجارية يمكن شراؤها".
وتضيف: "اعتدنا في كل موسم عيد على شراء الملابس والأحذية والحلويات والزينة، لكن هذا العيد لم نجد فيه أي شيء".
بدورها، تقول الطفلة ريمان أبو شعبان (9 سنوات) إن الحرب الإسرائيلية حرمت سكان قطاع غزة فرحة العيد ومتعة الاستعداد لاستقباله.
وتضيف: "في هذا الوقت من العام، نستعد لاستقبال العيد بشراء الملابس والاحتياجات الأخرى".
وتُبين عدم توفر البضائع في الأسواق لشرائها في وقت تفتقر فيه العائلات إلى القدرة على شراء احتياجاتها بسبب ظروف الحرب والنزوح.
وتتفق الطفلة منة الله شاهين (11 عاما) مع سابقاتها بأن الحرب المدمرة على قطاع غزة حرمت المواطنين فرحة العيد.
وتقول شاهين: "لو لم نكن نعيش حربًا الآن، لكنا قد اشترينا ملابس العيد واحتياجاته، وعشنا أجواء من الفرح والبهجة".
وتأمل في أن يتم الإعلان عن وقف إطلاق النار في أيام العيد حتى يتمكن الأطفال من اللعب واللهو، على غرار باقي أطفال العالم.
ويحل عيد الفطر في أغلب الدول العربية والإسلامية يوم الأربعاء القادم، وسط توقعات بتقليص مظاهر الفرحة جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وخلّفت الحرب الإسرائيلية المتواصلة على غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، عشرات آلاف الضحايا المدنيين، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين، بحسب بيانات فلسطينية وأممية، ما أدى إلى مثول إسرائيل للمرة الأولى، أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب "إبادة جماعية".