يسود هدوء حذر مشوب بالقلق مناطق متفرقة في
لبنان، في جبيل وبرج حمود والأشرفية على خلفية مقتل القيادي في حزب "
القوات اللبنانية" باسكال سليمان، والاعتداءات من اللبنانيين الغاضبين على بعض اللاجئين السوريين، فور إعلان مخابرات الجيش اللبناني عن وقوف "شبكة سورية" وراء الجريمة.
ووفق المعلومات المتداولة عن التحقيقات مع أعضاء العصابة فإن سليمان كان قد قتل في أثناء محاولة العصابة سرقة سيارته في منطقة جبيل، بعد أن ضربوه على رأسه ووجهه حتى يتوقف عن مقاومتهم، ومن ثم وضعوه في صندوق سيارته ودخلوا إلى
سوريا، وبعد وصولهم إلى الأراضي السورية، فارق الحياة، ليقوموا برمي الجثة في منطقة القصير الحدودية، بريف حمص.
وأكدت مصادر لـ"عربي21" من بيروت أن السوريين التزموا منازلهم استجابة لتعميم مديرية المخابرات اللبنانية وطلبها من السوريين عدم التجول تفادياً للفتنة، في الوقت الذي جرى فيه نقل جثمان سليمان الأربعاء إلى مشفى "المعونات" في جبيل.
وقال الصحفي محمد الشيخ من لبنان لـ"عربي21" إن السوريين في مناطق الأحزاب "المسيحية" اللبنانية التزموا البيوت، إلى يوم الجمعة موعد الدفن.
وأضاف أن ما حجم الغضب الشعبي هو اعتبار حزب "القوات اللبنانية" أن الجريمة "سياسية"، بحيث انخفضت وتيرة الاعتداءات على السوريين بعد أن جرى تسجيل أكثر من حادثة، مشيراً إلى عدم اقتناع أنصار الحزب برواية مخابرات الجيش اللبناني.
وكان مصدر عسكري لبناني قد أعلن عن توقيف سبعة سوريين يُشتبه بضلوعهم في مقتل سليمان، لافتاً إلى أن النظام السوري سلّم ثلاثة منهم، في حين كشفت مصادر إعلامية لبنانية عن تحديد اسم جديد على علاقة بـ"العصابة" التي قتلت سليمان، موضحة أنه "كان من الموقوفين السابقين في جرم تأليف عصابة سرقة سيارات وهو الآن موجود في سوريا".
وبحسب الشيخ، فإن الجريمة أثرت بشكل كبير على حياة اللاجئين السوريين في لبنان، بحيث اضطر غالبيتهم إلى التوقف عن مزاولة العمل وإغلاق المحال التجارية، مؤكداً أن "توقيت الجريمة كان مؤثراً بحيث يعد العيد من المواسم، فضلاً عن تقطع السبل ببعض العائلات".
إلى ذلك، جرى تداول بيان عن اللاجئين السوريين في لبنان، جاء فيه أن السوريين يستنكرون الجريمة، وينفون مسؤوليتهم عنها.
وقال البيان الذي رصدته "عربي21" إن "اللاجئين السوريين تابعوا بتوتر وقلق وحزن وألم الأخبار الخاصة بمقتل منسق "حزب القوات" في جبيل، وأعرب البيان عن إدانة واستنكار اللاجئين السوريين لهذه الجريمة، معتبراً أنها "تعبّر عن سلوك إجرامي وحشي ظلامي أراد منفذوها خلط الأوراق ونشر الفوضى وزعزعة الأمن والاستقرار في لبنان".
ودعا محمد الشيخ الائتلاف السوري المعارض إلى إصدار بيان "تعزية" خاصة لحزب "القوات اللبنانية"، مشيراً إلى أن مواقف الحزب متطابقة مع المعارضة من النظام، وقال: "مواساة الحزب من شأنها تخفيف الاحتقان ضد السوريين".
الائتلاف يشير إلى "حزب الله"
من جهته، أدان الائتلاف الوطني السوري بأشد العبارات جريمة اغتيال سليمان، وتقدم بالتعازي لأسرته ورفاقه ولعموم الشعب اللبناني.
وطالب في بيان، الأربعاء الجهات المسؤولة في الحكومة اللبنانية بضرورة الكشف عن المرتكبين الحقيقيين لهذه الجريمة المستنكرة والجهات التي خططت لها ونفذتها، والتي تسعى لزعزعة أمن واستقرار لبنان، وإشغال الرأي العام عن القضايا الأساسية، وعن منفذيها الحقيقيين، عن طريق اصطناع الفتن وحملات الكراهية والتحريض ضد الأبرياء من اللاجئين السوريين.
وشدد الائتلاف على أن هذه الجريمة لا تمثل بأي حال من الأحوال قيم وأخلاق الشعب السوري، وإنما هي أسلوب قديم يتبناه النظام السوري و"حزب الله" في التعامل مع معارضيهم، ولا سيما أن المنطقة التي وقعت فيها الجريمة ومواقع أحداثها تقع في مناطق نفوذ "حزب الله" والنظام.
بدوره، دعا رئيس هيئة التفاوض السورية، بدر جاموس، الأطراف اللبنانية لوقف الاعتداءات على اللاجئين السوريين، معتبراً أن الشعبين السوري واللبناني دفعا ثمن ممارسات وإجرام النظام السوري وحلفائه بحقهما معا.
واستنكر جاموس أعمال العنف التي قام بها البعض ضد اللاجئين السوريين في بعض المناطق في لبنان، داعياً المنظمات الدولية، وفي مقدمتها مفوضية اللاجئين، إلى حماية اللاجئين السوريين في لبنان، وتحمل مسؤولياتها والتزاماتها.
وكان وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، بسام المولوي، قد طالب بفرض مزيد من القيود والتقييد على اللاجئين السوريين في لبنان، وقال إن "الوجود السوري في لبنان يجب أن يكون محدوداً".
وعلى حد تأكيده فإن لبنان "يشهد المزيد من الجرائم التي يرتكبها السوريون"، وقال إن "نحو 35 في المئة من المعتقلين في السجون اللبنانية هم مواطنون سوريون".
وأهاب مولوي بضبط النفس، داعياً اللبنانيين إلى التعقل وعدم الانجرار إلى ردود فعل وأحداث تضر بالأمن.
"العقاب الجماعي"
وتعليقاً على ذلك، فقد عبر المحلل السياسي فواز المفلح عن استغرابه من حديث الوزير اللبناني، مؤكداً أن "أولوية اللاجئ هي العيش بأمان، وخاصة في لبنان الذي يهيمن على قراره حزب الله حليف النظام السوري".
وفي حديث لـ"عربي21"، دعا المفلح إلى التوقف عن التحريض على السوريين، والكف عن ممارسة سياسة "العقاب الجماعي" بحق اللاجئين السوريين في لبنان وغيرها، وقال: "لو سلمنا بحقيقة أن عصابة سورية كانت وراء مقتل سليمان، فهل يتحمل أكثر من مليون لاجئ سوري في لبنان المسؤولية".
وتؤكد وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أن عدد اللاجئين السوريين في لبنان يقارب الـ785 ألف لاجئ مسجل لديها، في حين تقول مصادر لبنانية إن العدد الفعلي قد يتجاوز المليوني لاجئ.