نشرت مجلة "
كويداتي بلوس" الإسبانية تقريرًا تحدثت فيه عن الأسباب التي تجعل بعض الأشخاص لا يكتسبون
الوزن الزائد حتى عند تناولهم كميات كبيرة من الطعام.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الأشخاص الذين يعانون من
النحافة البنيوية هم أولئك الذين لا يكتسبون الوزن على الرغم من اتباعهم أنظمة غذائية عالية
السعرات الحرارية لمحاولة الوصول إلى الوزن المطلوب، الأمر الذي غالبا ما ينتج عنه إحباط كبير يترك أثرا عاطفيا ملحوظا.
ونقلت المجلة عن أخصائية التغذية والخبيرة في علم النفس الإيجابي روبين برافو أن "النحافة البنيوية هي حالة انخفاض في الوزن حيث يكون مؤشر كتلة الجسم أقل من 18/18.5". ويعد مؤشر كتلة الجسم طريقة تستخدم لتقدير كمية الدهون في الجسم لدى الشخص، وبالتالي تحديد ما إذا كان الوزن ضمن المعدل الطبيعي أم لا. وتصنف منظمة الصحة العالمية الوزن الزائد على أنه مؤشر كتلة الجسم أكبر أو يساوي 25، وهو رقم يرتفع إلى 30 في حالة السمنة.
وعلى الرغم من كونه مقياسا مستخدما على نطاق واسع، فهو ليس مثاليا لأنه لا يعكس تكوين الجسم. وبحسب خوان مانويل غوارديا باينا، عضو مجال التغذية بالجمعية الإسبانية لأمراض الغدد الصماء والتغذية، فإنه "يمكننا أن نجد أشخاصا يبدون نحيفين أو يتمتعون بوزن طبيعي، ولكن مع نسبة عالية من الأنسجة الدهنية غير المواتية".
وأوردت المجلة أنه في حالة الأشخاص الذين يعانون من النحافة البنيوية، توضح برافو أنه "على الرغم من أنهم يستهلكون عددا طبيعيا من السعرات الحرارية، إلا أنهم لا يكتسبون الوزن حتى بعد خضوعهم لحميات غذائية عالية السعرات الحرارية بهدف اكتساب القليل من الوزن، فإنهم بالكاد يتمكنون من تحقيق النتيجة المرجوة". وبمجرد تركهم للأنظمة الغذائية مرتفعة السعرات الحرارية (حيث يكون مستوى السعرات الحرارية المستهلكة أعلى من حرق السعرات الحرارية)، فإنهم يعودون إلى وزنهم الأصلي بسرعة".
وأضافت المجلة أن النحافة البنيوية لا ترتبط بأي نوع من المشاكل الصحية أو الأمراض الجهازية، ولا باضطرابات الأكل مثل فقدان الشهية. وبحسب أخصائية التغذية فإن "فقدان الشهية العصبي يرتبط بشكل مباشر بالبحث عن ذلك النوع من النحافة. في المقابل، فإن العديد من الأشخاص النحيفين من الناحية البنيوية لا يحاولون أن يكونوا نحيفين بل يأكلون كثيرًا دون تحقيق تلك الزيادة في الوزن".
من جانبه، يضيف غوارديا أن هناك أيضًا أنماطا أخرى للوزن المنخفض لا تتعلق باضطرابات الأكل، مثل اضطراب تناول الطعام الاجتنابي أو المقيد، الذي يكمن في تناول كمية صغيرة جدا من الطعام، ولكن ليس بسبب القلق بشأن صورة الجسم. وبحسب الخبير فإن "هناك تغيرا في السلوك الغذائي بسبب عدم الاهتمام بالأكل أو التجنب بسبب الخصائص الحسية للأطعمة، مع استمرار الفشل في تلبية الاحتياجات الغذائية المناسبة". لتشخيص هذه الحالة، يجب استبعاد الإصابة بفقدان الشهية والشره العصبي ويجب ألا يكون هناك دليل على وجود مشكلة في الصورة الذاتية أو التصور الجسدي.
ما هي العوامل التي تؤثر على النحافة البنيوية؟
بحسب غوارديا، فإن "من الصعب الإجابة عن هذا السؤال اليوم بسبب نقص الأدلة العلمية. وبطبيعة الحال، فهو يعترف بأن عوامل مثل الأيض والجينات ستكون بالتأكيد حاسمة وقد يفسران السبب وراء السهولة أو الصعوبة التي يواجهها بعض الأشخاص لتغيير تكوين أجسامهم من خلال التعديلات في العادات والنظام الغذائي وممارسة الرياضة".
وفي هذا الصدد، تؤكد برافو أنه من الشائع رؤية الأمهات وبناتهن (ذلك أن النحافة البنيوية أكثر شيوعا عند النساء) يتمتعن بعملية تمثيل غذائي بنفس الكفاءة "فعالة للغاية وتعطي الأولوية لاستخدام الدهون كمصدر رئيسي للطاقة ومعالجة الكربوهيدرات والسكريات والأملاح بطريقة فعالة". وبالتالي، فإن تناول هؤلاء الأشخاص كمية كبيرة من الكربوهيدرات لا يؤدي إلى زيادة وزنهم، وفي المقابل يحتاجون إلى تناول كميات كبيرة من الدهون الصحية والبروتينات لمحاولة زيادة كتلة العضلات.
وبعيدا عن التمثيل الغذائي وعلم الوراثة، تسلط أخصائية التغذية الضوء على أنه من الشائع لدى هذا النوع من المرضى أن يكون لديهم ملامح نفسية محددة للغاية و"عادة ما يكونون أشخاصا عصبيين ومضطربين للغاية، ولا ينامون جيدا ويقولون أحيانا إنهم يأكلون كثيرا، لكنهم لا يفعلون ذلك حقًا. وفي هذا السياق، اعتاد جهازهم الهضمي على كميات قليلة من الطعام، لذلك يصعب عليهم زيادة الكميات، ما يتطلّب معركة لمحاولة تناول الطعام بكميات أكبر بكثير".
وبحسب الأخصائية فإنه "في بعض الأحيان نحقق ذلك من خلال اتباع حميات سائلة أو من خلال الأطعمة الصحية ذات السعرات الحرارية العالية، مثل المكسرات". وأكدت أنه بصرف النظر عن المظهر العاطفي، فإن هناك رفضا لتناول كميات كبيرة جدًا من الطعام على مستوى الجهاز الهضمي. لذلك، فإنه "في بعض الأحيان سيكون من الأفضل اتباع نظام غذائي ليّن أو على الأقل وجبة واحدة لينة". بالإضافة إلى ذلك، فإن هناك فكرة أخرى تكمن في شرب المخفوقات التي توفر كمية مهمة من العناصر المغذية.
في كثير من الحالات، تكون زيادة عدد مرات الأكل في اليوم فعالة. وتقول أخصائية التغذية: "بدلا من ثلاث أو أربع وجبات، تناول ست أو سبع أو ثماني وجبات صغيرة حتى يتمكن الجهاز الهضمي من استقلاب كل هذه العناصر الغذائية شيئا فشيئا".
الآثار النفسية
أعرب الخبراء الذين استشارتهم المجلة عن أسفهم لأن النحافة البنيوية يمكن أن يكون لها تداعيات على المستوى العاطفي، لما لها من تأثير كبير على احترام الذات والإحباط بطريقة مشابهة للسمنة.
وبحسب برافو، فإنه "في حالة الأشخاص الذين يعانون من السمنة، هناك العديد ممن يبذلون جهودا لخسارة الوزن ولا ينجحون في تحقيق ذلك على المدى الطويل". وفي حالة النحافة البنيوية يحدث الشيء نفسه: هناك سعي لزيادة الوزن الذي غالبًا لا يؤتي ثماره لأن كفاءة التمثيل الغذائي لهؤلاء المرضى تجعلهم يعودون بسرعة إلى مستوى الوزن المنخفض.