نشرت وكالة "
بلومبيرغ" الأمريكية تقريرا، تحدثت فيه عن التأثير المحتمل لرد فعل إيران على الهجوم الذي استهدف سفارتها في سوريا على
أسعار النفط.
وقالت، في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنه حتى بعد الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل، هناك فرصة جيدة لأن تتمكن منظمة
أوبك+ من إبقاء أسعار النفط الخام أقل من حاجز الثلاثة أرقام.
وأضافت أن الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط لا تؤدي إلا إلى إرباك الحسابات، وتجعل من المستحيل تقريبا الوصول إلى المستوى المعتدل الأسطوري لسعر النفط.
نصف قرن من أزمة النفط
وبينت أن الوضع زئبقي، وبالنسبة لسوق النفط، فكل شيء يعتمد حاليا على كيفية رد إسرائيل واحتمال حدوث دورة من التصعيد. مع ذلك، يمكننا استخلاص بعض الاستنتاجات الأولية.
من الناحية المادية البحتة، لم يتغير شيء في عالم النفط. يتدفق الخام من الشرق الأوسط إلى الاقتصاد العالمي دون عوائق، ويظل مضيق هرمز، وهو ممر الطاقة الأكثر أهمية في العالم، مفتوحًا أمام سفن الشحن، وبكل بساطة، لا يوجد نقص في النفط، وفق الوكالة.
وتابع: لقد ارتفع خطر حدوث اضطراب في المستقبل، وسيكون من السذاجة القول إن الشرق الأوسط يبدو اليوم تماما كما كان في الأسبوع الماضي، لقد تغير الكثير.
وأوضح أنه لا يُعتقد أنه كان هجومًا رمزيًا بحتًا. وعلى الرغم من أن إيران أرسلت برقية في وقت مبكر، فإنها أطلقت نحو 170 طائرة مسيرة، و30 صاروخ كروز، و120 صاروخا باليستيا، بهدف واضح وهو التغلب على دفاعات إسرائيل. وينبغي أن يعكس سوق الخيارات، من خلال عقود الاتصال العميقة خارج المال، المخاطر الأعلى.
ورأت الوكالة أنه يبدو أن إيران كانت تهدف إلى التصعيد من أجل التهدئة، بدلاً من فتح الفصل الأول من الحرب الإقليمية.
وحتى قبل وصول الطائرات المسيرة والصواريخ إلى إسرائيل بفترة طويلة، أشارت طهران إلى أن الهجوم كان بمثابة "دفاع مشروع" لمرة واحدة بعد القصف الإسرائيلي لسفارتها في سوريا.
وذكرت أنه "إذا اعتبرت إسرائيل أن ردّها كان بمثابة نصر استراتيجي، فإن المنطقة تعود إلى وضعها الراهن المحفوف بالمخاطر. وإذا كان الأمر كذلك، فلن تحتاج أسعار النفط الرئيسية إلى الارتفاع".
وبدلا من ذلك، سوف تنعكس المخاطر بشكل أفضل من خلال سوق الخيارات.
وقالت الوكالة إنه إذا وضعنا العوامل الجيوسياسية جانبا، فإن أساسيات العرض والطلب على النفط تبدو صحية. وحتى أكثر التوقعات هبوطية للطلب على النفط تشير إلى أن نمو الاستهلاك في سنة 2024 سيطابق المتوسط السنوي التاريخي البالغ 1.2 مليون برميل يوميا.
وفي الواقع، تشير التوقعات الصعودية إلى نمو أعلى بكثير، في نطاق 1.5 إلى 1.9 مليون برميل يوميا.
وعلى جانب العرض، أدت سلسلة من الأخطاء إلى خفض الإنتاج هذه السنة، خاصة إنتاج النفط الصخري في
الولايات المتحدة. ونتيجة لذلك، ظلت مخزونات النفط العالمية، التي تزيد عادة في النصف الأول من السنة، دون تغيير، وما لم تقم مجموعة أوبك+ بزيادة الإنتاج قريبا، فإن المخزونات ستنخفض في النصف الثاني من السنة.
وتعمل أوبك+ على إبقاء السوق متماسكة، وعلى الرغم من أن أسعار النفط أعلى بكثير من 80 دولارًا، فقد قررت في أواخر آذار/ مارس تمديد تخفيضات الإنتاج في الربع الأول إلى الربع الثاني.
ومن المتوقع أن تفتح المجموعة الصنابير في اجتماعها المقبل، المقرر عقده في الأول من شهر حزيران/ يونيو.
وفي تقريرها الشهري الأخير عن النفط، أشارت المنظمة في الحادي عشر من نيسان/ أبريل إلى أن "التوقعات القوية للطلب على النفط في الصيف تستدعي مراقبة السوق بعناية".
وقالت الوكالة، إن كيفية قيام أوبك+ بزيادة الإنتاج ستكون بنفس أهمية الزيادة نفسها. ومن المتوقع أن ترفع المجموعة إنتاجها ببطء، تاركة خياراتها مفتوحة.
وبدلا من الإعلان المسبق عن سلسلة من زيادات الإنتاج، يمكنها بدلاً من ذلك اختيار الدعوة إلى اجتماعات شهرية، ما يجعل السوق في حالة تخمين ما إذا كانت ستضيف ما يكفي من النفط الخام.
وأوضحت، أنه ما لم تنخرط إسرائيل وإيران في هجمات متبادلة تعطل تدفقات النفط، فإن أوبك + لديها ما يكفي من القدرة الإنتاجية الفائضة للسيطرة على ارتفاع الأسعار.
وتحتفظ السعودية والإمارات والعراق بحوالي 5 ملايين برميل يوميا خارج السوق، وهو ما يعادل نحو خمسة بالمئة من الطلب العالمي، وأكثر مما تنتجه إيران نفسها.
وبحسب تقرير الوكالة، فإنه باستثناء حرب إقليمية، فإن أكبر خطر على إمدادات النفط سياسيّ. وعد الرئيس جو بايدن برد "دبلوماسي" على الهجمات الإيرانية.
ومنذ تنصيبه في سنة 2021، سمح بايدن لإيران بزيادة إنتاجها النفطي، ما أدى إلى تخفيف تطبيق العقوبات الأمريكية على طهران.
وفي آذار/ مارس، وصل إنتاج النفط الإيراني إلى أعلى مستوى له منذ خمس سنوات عند 3.25 مليون برميل يوميًا، مسجلا ارتفاعًا من 2.1 مليون في كانون الثاني/ يناير 2021، وإذا استأنف بايدن تطبيق العقوبات، فقد يؤدي إلى تشديد السوق بشكل كبير ما لم تعوض أوبك + التأثير، لكنه احتمال مستبعد.
وتعتبر الوكالة أن روسيا ستفوز بفضل سوق النفط الضيقة، تبيع موسكو بالفعل خامها بسعر 75 دولارًا للبرميل، وهو أعلى بكثير من سقف مجموعة السبع البالغ 60 دولارًا للبرميل.
وإذا فرضت واشنطن عقوبات على إيران، فقد تخلق مساحة لروسيا الخاضعة للعقوبات للفوز بحصة في السوق وتحقيق أسعار أعلى.
وقالت إن أحد الأسباب التي دفعت البيت الأبيض إلى غض الطرف عن صادرات النفط الإيرانية، هو أن أولويته كانت إيذاء روسيا.
وكان ارتفاع الإنتاج الإيراني هو التكلفة غير المعلنة -وغير المعترف بها- لتلك السياسة. والآن تحتاج واشنطن إلى إعادة النظر في مصدر قلقها الأكبر.
وازدادت بشكل ملحوظ مخاطر قيام البيت الأبيض باستغلال الاحتياطي النفطي الاستراتيجي للبلاد في وقت لاحق من هذه السنة، وفق الوكالة.
وحتى لو كان حجم المخزون يصل إلى نصف ما كان عليه قبل عقد من الزمن، فإن المخزون البالغ نحو 365 مليون برميل لا يزال يمثل قوة هائلة.
ويمكن لبايدن استخدام غطاء التوتر المتزايد في الشرق الأوسط لتبرير استخدامه، ومحاولة دفع أسعار النفط إلى الانخفاض نحو 80 دولارًا للبرميل إذا قررت أوبك + أنها راضية بالسماح لها بالارتفاع إلى 99.99 دولارًا، أو حتى أكثر من ذلك.