ما إن تدخل مدينة ديربورن في ولاية ميتشغان٬ حتى تعتقد أنك في مدينة من المدن
العربية٬ فكثرة المطاعم العربية٬ وصوت الأذان٬ كلها مشاهد توحي لك بوجودك في دولة عربية.
وتعتبر ديربورن، التي يبلغ عدد سكانها 110،000 نسمة، المدينة الأولى في الولايات المتحدة بأغلبية السكان العرب وفقًا للإحصاءات الرسمية لعام 2023.
وتضم المدينة المتحف العربي الأمريكي الوطني٬ وأكبر مسجد في أمريكا الشمالية.
وتميزت عن باقي المدن بأن عمدتها عادةً ما يكون مسلمًا وعربيًا، كما تعتبر واحدة من القليل من المدن في الولايات المتحدة التي تحتفل بأعياد المسلمين.
كما تعد واحدة من الأماكن القليلة في البلاد التي تسمح بالأذان عبر مكبرات الصوت في المساجد. لقد وصفها أحد السكان المحليين بأنها "الوطن الأم البعيد عن الوطن الأم".
أصل الحكاية
وبحسب أمين متحف ديربورن التاريخي، جاك تيت، فإن المدينة لم تكن سوى أرض زراعية ذات كثافة سكانية قليلة حتى أوائل القرن العشرين. تغير كل ذلك في عشرينيات القرن الماضي عندما قام رجل الأعمال وصانع السيارات هنري فورد٬ بنقل المقر الرئيسي لشركة فورد للسيارات من هايلاند بارك على بعد 10 أميال إلى ديربورن.
وأكد تيت أنه بمجرد افتتاح المصنع الجديد، تحولت المدينة من مجتمع صغير هادئ٬ إلى مدينة يأتي إليها الناس من جميع أنحاء الولايات المتحدة، ومن جميع أنحاء العالم للعمل في مصانع فورد٬ فكانت هذه هي البداية الكبيرة لسكان الشرق الأوسط هنا.
ويذكر أنه عندما بدأ فورد في تصنيع السيارات في عام 1908، كان بحاجة إلى عمال للعمل في المصنع٬ ولكن رجل الأعمال الأمريكي كان يفضل العمال الشرق أوسطيين عن الأمريكيين من أصل أفريقي واليهود٬ فتوافدت أعداد كبيرة إلى ديترويت من أجل العمل.
وتركز الوافدون من لبنان وسوريا والعراق واليمن وفلسطين إلى ديترويت الكبرى بحثا عن هذه الوظائف الجديدة ذات الأجور المرتفعة. فبحسب إحدى الأساطير المحلية فإن فورد أخبر في أحد الموانئ بحارا يمنيا٬ أن مصنعه كان يدفع للعمال آنذاك 5 دولارات يوميا، وهو ما دفع هذه الموجة من اليمنيين وغيرهم من الشرق الأوسط للقدوم إلى المنطقة.
حتى كان غالبية العمال في أوائل العشرينيات في خط تجميع السيارات من أصل عربي.
وعندما انتقل فورد إلى ديربورن، تبعه العديد من موظفيه. وهذا لم يحول المدينة من قرية صغيرة يسكنها 2400 شخص فقط٬ بل إلى المقر الرئيسي لأكبر موقع صناعي في العالم وأصبحت موطنا لأكبر تجمع للأمريكيين العرب في الولايات المتحدة.
وفقا لتعداد عام 2020، فإن 54.5 في المئة من سكان المدينة البالغ عددهم حوالي 110.000 نسمة من أصول شرق أوسطية أو شمال أفريقية.
وفي سياق رد الفعل في مدينة ديربورن على الإبادة الجماعية في قطاع غزة٬ قرر عمدة المدينة الديمقراطي عبد الله حمود٬ عدم الاجتماع مع حملة جو بايدن الانتخابية وأعلن رفضه دعم الإدارة الأمريكية غير المشروط للاحتلال الإسرائيلي.