بدأت الاستعدادات مبكرا للانتخابات الرئاسية الموريتانية المقررة حزيران/يونيو القادم، فيما احتدم الجدل بشأن محاولات لعرقلة ترشح سياسيين معارضين لهذه
الانتخابات التي يخوضها الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني، ورئيس حزب "التجمع الوطني للإصلاح والتنمية" (ثاني أكبر حزب ممثل في البرلمان بعد الحزب الحاكم) أمادي ولد سيدي المختار.
"انتقاء المرشحين"
اتهم تسعة مرشحين الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني بالسعي "لانتقاء مُرشَّحين على مَقاسِه لمنافسته، في الانتخابات القادمة، وذلك بسَلْبِ المستشارين المحليين والعُمَد حقوقهم الدستورية والقانونية في تزكية المرشحين بالترهيب والترغيب".
وجاء ذلك في بيان مشترك للمرشحين المحتجين: أحمد ولد صمب ولد عبد الله، اعلي الشيخ الحضرامي أمم، با مامادو بوكار، صدافه الشيخ الحسين، محمد الشيخ، محمد ولد عبد العزيز، سيدي محمد محمدو عاليون، علي بلال، نور الدين محمدو.
وسبق أن أعلن الموقعون على البيان ترشحهم للانتخابات الرئاسية، لكن قبول المجلس الدستوري لملفات ترشحهم يتطلب الحصول على تزكية من 100 مستشار محلي و5 عمد.
خطوات تصعيدية
وقد أعلن المرشحون المعارضون عزمهم تنظيم احتجاجات أمام وزارة الداخلية، رفضا لما يعتبرونه محاولات لعرقلة ملفات ترشحهم.
وقالوا إن الهدف من هذه الاحتجاجات هو "الوقوف في وجه الاتجاه نحو المسار الأحادي، ورفض الحجر على الإرادة الحرة للمستشارين والعمد البلديين، ورفض الإقصاء الممنهج للشباب ومنعهم من الإسهام في التغيير الديمقراطي" داعين "الجماهير الراغبة في التغيير للمشاركة في هذه الوقفات".
وشدد المرشحون المعارضون على اتحادهم وتكاتفهم وبقائهم في حالة اجتماع دائم حتى حل هذه المشكلة، ومتابعة مسارهم من أجل التغيير الشامل، ووضع حد للممارسات الاستبدادية المتزايدة لهذا النظام وتقويضه لأسس الديمقراطية والنظام الجمهوري.
خطة للفوز من الشوط الأول
وقال المرشح المعارض للانتخابات الرئاسية نور الدين محمدو، إن السلطات "تسعى لعرقلة ملفات ترشح بعض المعارضين حتى يتمكن مرشح السلطة من الفوز في الشوط الأول".
وأضاف في تصريح خاص لـ"عربي21": "السلطات قامت قبل فترة بتغيير قانون النسبية على حين غفلة من المعارضة المُنوَّمة آنذاك، كي يستحوذوا على 230 عمدة من أصل 238 (أي لم يبقَ للمعارضة سوى 8 عُمد)، وهو ما يسمح لهم اليوم في التحكم في من يمكن أن يترشح ممن لا يروق لهم ترشحه، وبذلك يتمكنون من اختيار منافسيهم مسبقا في الانتخابات".
واعتبر ولد محمدو، أن محاولات "عرقلة ترشح شخصيات معارضة انتكاسة تاريخية في الديموقراطية وتوجيه بوصلة الجمهورية نحو المجهول".
وأضاف: "خطواتنا لرفض هذه المحاولات ستبدأ بالمظاهرات السلمية الحاشدة من أمام مقر وزارة الداخلية بنواكشوط وأمام مقرات كل الحُكام في الداخل".
الأهلية السياسية والإدارية
في المقابل يرى القيادي بحزب "الإنصاف" الحاكم، اجّ ولد الدي، أن القصد من اشتراط المشرع في المترشح لمنصب رئيس الجمهورية الحصول على تزكية 100 مستشار محلي، خمسة منهم عمد، هو "البرهنة على الأهلية السياسية إلى جانب الأهلية الإدارية والأخلاقية التي يبرهن عليها بالوثائق القانونية المعروفة".
وأضاف في تصريح لـ"عربي21": "من أجل أن يكون توفر شرط الأهلية السياسية منسجما مع فلسفة المشرع محققا القصد منها، ينبغي أن يكون تحصيله ذاتيا؛ أي من الرصيد الانتخابي للمترشح أو المرشِّح وليس مكتسبا بوسائل كسب التزكيات الأخرى".
مغالطة للرأي العام
ولفت ولد الدي إلى أن "تسويق بعض المعارضين فشلهم في إكمال ملفات ترشحهم على أنه محاولة لمنعهم من الترشح مغالطة للرأي العام".
وأضاف: "الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني سيدخل السباق الانتخابي من خلال إنجازات تحققت، وهو مدعوم من طرف العديد من التشكيلات السياسية، وبالتالي من غير الوارد أن تكون هناك أي محاولات لمنع ترشح أي شخص خوفا من الهزيمة".
وحددت اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات في
موريتانيا 29 حزيران/يونيو القادم، موعدا للانتخابات الرئاسية، وفي حالة وجود إعادة فإنها ستكون يوم السبت 13 تموز/ يوليو 2024.
كما حددت اللجنة المستقلة للانتخابات يوم الجمعة 14 حزيران/يونيو المقبل، موعد انطلاق الحملة الدعائية، على أن تُختتم يوم الخميس عند منتصف ليلة الـ27 من الشهر نفسه.
وفي بيانات سابقة، أبدت أحزاب معارضة خشيتها من عدم قدرة "اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات" في تشكيلتها الحالية على تنظيم انتخابات شفافة.
وأثارت الانتخابات النيابية والمحلية التي أجريت في 13 مايو الماضي جدلا واسعا في موريتانيا، إثر حديث أحزاب سياسية من المعارضة والموالاة عن "تزوير" واسع، ومطالبتها بإلغاء نتائجها وإعادتها.
وأسفرت تلك الانتخابات عن فوز كاسح لحزب "الإنصاف" الحاكم الذي حصد 107 مقاعد من إجمالي مقاعد البرلمان البالغ 176، فيما تقاسمت أحزاب المعارضة وأحزاب أخرى موالية للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني بقية المقاعد بنسب متفاوتة.