حث
رجال أعمال
كبار وبشكل سري، عمدة مدينة نيويورك إريك أدامز، على استخدام الشرطة لقمع تظاهرات واعتصام
جامعة كولومبيا، ضمن أنشطة قاموا بها من أجل تشكيل رأي عام أمريكي من حرب الاحتلال
على غزة.
ونشرت صحيفة
"
واشنطن بوست" تقريرا أعدته حنا نتانصن وإيمانويل فيلتون، في تحقيق حصري
عن الطريقة التي استخدم فيها رجال الأعمال مجموعة على واتساب ركزت حصريا على أدامز
وبعد أحداث السابع من تشرين الأول/أكتوبر بهدف تشكيل الرأي العام الأمريكي من
الحرب في غزة.
وقالت الصحيفة
إن مجموعة من المليارديرات وحيتان الأعمال عملوا على تشكيل الرأي العام الأمريكي
من غزة ومارسوا الضغوط على أدامز للموافقة على إرسال شرطة نيويورك إلى جامعة
كولومبيا لفض اعتصام طلابي مؤيد لفلسطين.
وتابعت الصحيفة أن المجموعة التي تضم
مؤسس "كيندسناك" دانيال لوبتزكي ومدير محفظة وقائية، دانيال ليوب
والملياردير لين بلافاتينك وتاجر العقارات جوزيف سيت، عقدت اجتماعا على
"زووم" في 26 نيسان/أبريل الماضي مع
عمدة نيويورك الديمقراطي أدامز، وقبل أسبوع
من إرساله شرطة نيويورك إلى حرم جامعة كولومبيا، حسبما يظهر سجل رسائل الدردشة على
واتساب.
وعرض البعض
أثناء المكالمة تقديم تبرعات سياسية لأدامز وكيف يمكن أن تساعد مجموعة الدردشة في
الضغط على رئيسة جامعة كولومبيا ومجلس أمنائها للسماح بدخول الشرطة والتعامل مع
المحتجين، حسب رسالة واتساب تلخص الاجتماع.
وأخبر أحد أعضاء
مجموعة واتساب، واشنطن بوست أنه تبرع لأدامز بأقصى مبلغ يسمح به القانون وهو 2,100
دولار، ذلك الشهر، وعرض بعض أعضاء المجموعة تمويل عمل محققين خاصين لمساعدة شرطة
نيويورك للتعامل مع الاحتجاجات، حسب سجل الدردشة. وهو عرض قال المشاركون في
المجموعة إن أدامز قبله.
وقال المتحدث
باسم مقر العمدة في نيويورك إن شرطة نيويورك لا تستخدم ولم تستخدم محققين خاصين
للتعامل مع المحتجين، وتكشف الصحيفة أن
الدردشات والرسائل التي جرى تبادلها على منصة واتساب مع أدامز هي جزء من آلاف الرسائل
المتبادلة بين رجال الأعمال والممولين البارزين في أمريكا ومن بينهم مدير شركة
مقاهي ستاربكس السابق هاوارد شولتز ومؤسس شركة ديل ومديرها مايكل ديل ومدير محفظة وقائية بيل أكمان
وجوشوا كوشنر، مؤسس ثرايف كابيتال، وهو شقيق جارد كوشنر، مستشار الرئيس السابق
دونالد ترامب وصهره.
وحصلت الصحيفة
على محتويات الرسائل من أشخاص لهم منفذ عليها، ولكنهم قدموها بشرط عدم الكشف عن
هويتهم. وأكد أعضاء في مجموعة الدردشة ما كتبوه من تعليقات، وكان الداعي للمجموعة
والبادئ بها هو عامل في شركة رجل العقارات باري ستيرنليتش، والذي لم ينضم مباشرة،
حيث تواصل مع المجموعة من خلال موظفه، وذلك حسب الرسائل وشخص مقرب من ستيرنليتش،
وأرسلت أول رسالة في 12 تشرين الأول/أكتوبر حيث أخبر الموظف في شركة ستيرنليتش
المجموعة أن الهدف هو "تغيير السرد" وحرفه لصالح "إسرائيل"، وذلك من
"خلال نقل الجرائم التي ارتكبتها حماس لكل الأمريكيين".
وتم تشكيل
مجموعة الدردشة بعد فترة قصيرة من أحداث 7 تشرين الأول/أكتوبر وتوسعت أبعد من
نيويورك ووصلت إلى المستويات العليا في حكومة الاحتلال الإسرائيلية وعالم رجال الأعمال
الأمريكيين وجامعات النخبة، وأطلق على المجموعة اسم "أحداث إسرائيل
الحالية" حيث توسعت المشاركة فيها إلى 100 حسب سجل الدردشة، ويظهر عدد كبير
من أفراد المجموعة على قائمة أثرياء مجلة فوربس السنوية من المليارديرات، فيما
يعمل آخرون في مجال العقارات والمال والاتصالات.
وبالمجمل تظهر
الرسائل الطريقة التي حاول فيها هؤلاء استخدام ثرائهم وتأثيرهم لتشكيل مواقف الرأي
العام الأمريكي من الحرب في غزة وكذا التأثير على أفعال الأكاديميين ورجال الأعمال
والقادة السياسيين بمن فيهم عمدة نيويورك، وقال سيت، عضو المجموعة ومدير شركة
تجارة التجزئة "أشلي ستيوارت" وشركة عقارات “ثور إيكويتز" عن أدامز
"هو منفتح على أي فكرة لدينا" و"كما لاحظتم فهو مع استئجار محققين
خاصين وعمل فرقة استخبارات شرطته معهم"، ورفض سيت التعليق.
وأكد عدد من
المشاركين في المجموعة دورهم فيها، فيما أكد عدد من الأشخاص المطلعين على المجموعة
أسماء الأعضاء الآخرين، وقال الملياردير القبرصي الإسرائيلي ياكير غاباي في بيان
أرسله المتحدث باسمه إنه انضم للمجموعة من أجل "المشاركة بالدعم في وقت مؤلم
وصعب".
ولم يرد مكتب
عمدة نيويورك على اللقاء عبر "زووم" لكنه أشار إلى بيان من نائبه فابيان ليفي
الذي قال إن شرطة نيويورك دخلت جامعة كولومبيا مرتين بناء على "طلب محدد
مكتوب" من قيادة الجامعة، وقال إن أي مقترح حول وجود عوامل أخرى لعبت دورا
"غير صحيح بالكامل" و"التلميح بأن المانحين اليهود قاموا بالتآمر
سرا للتأثير على عمليات الحكومة هو مجاز معروف عن معاداة السامية، يجب أن تشعر
واشنطن بوست بالخجل منها علاوة على تطبيعه كتابة".
وعبر أدامز منذ البداية
عن استعداده لإرسال الشرطة إلى حرم جامعة كولومبيا، حيث أرسلها لتفريق المتظاهرين
المؤيدين لفلسطين في 18 نيسان/أبريل وبطلب من الجامعة. وبعد يوم من نصب الطلاب
مخيم تضامن مع غزة، واعتقلت الشرطة أكثر من 100 طالب، وزعم العمدة في وقت لاحق أن
المتظاهرين تعرضوا للاختراق من "مؤثرين خارجيين" وأن إرسال الشرطة كان
ضرورة لحماية "الأولاد" من الأفكار "المتشددة".
وتعرض أدامز ورئيسة الجامعة لانتقادات ودعم، مما زاد من مصاعب الأول الذي يواجه حملة إعادة
انتخابه في عام 2025 وتحقيقا من أف بي آي حول ما إن كانت قد تلقت حملته في 2021 تبرعات غير
قانونية من تركيا، ودافع أدامز عن حملته هذه وأكد أنها "التزمت بأعلى المعايير
الأخلاقية".
وبعد أربعة أيام من اللقاء عبر "زووم" احتل الطلاب مبنى في الجامعة حيث طلبت إدارتها من الشرطة اقتحام
المخيم والقاعة واعتقلت عددا من الطلاب وعاملت المتضامنين بقسوة، وأطلق أحد عناصر
الشرطة النار بالخطأ.
وتقول الصحيفة
إن بعضا من المشاركين في مجموعة الدردشة، حضروا قبل أشهر من احتجاجات الربيع
لقاءات مع رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت وعضو حكومة الحرب
بيني غانتس والسفير الإسرائيلي في واشنطن مايكل هيرتسوغ واستمعوا لإحاطات، وذلك
حسب سجلات مجموعة الدردشة.
وعمل أعضاء
المجموعة مع حكومة الاحتلال على عرض فيلم من 40 دقيقة أعده جيش الاحتلال بعنوان
"أن تكون شاهدا على مذبحة 7 تشرين الأول/أكتوبر"، حيث عرض أمام جمهور في
مدينة نيويورك، وطلب أحد أعضاء المجموعة مساعدة من بقية الأعضاء لعرض الفيلم في
الجامعات.
وعرض لاحقا في
هارفارد، حيث ساعد عضو المجموعة أكمان على تسهيل عرضه وشجع على مشاهدته، حسب سجلات
الدردشة، ورفض ستيرنليتش التعليق عن دوره كبادئ للمجموعة، مع أن مقربا منه أكد أنه
هو من دعا إلى إنشاء المجموعة، أما أكمان وشولتز فقد أكدا عضويتهما في المجموعة.
وقال متحدث باسم
أكمان أنه لم يشارك في المجموعة منذ 10 كانون الثاني/يناير ولم يتحدث أبدا مع أدامز
بشأن محتجي كولومبيا ولم يتبرع لحملته، مع أن أكمان "يدعم ويحب العمدة"،
وفي 12 تشرين الأول/أكتوبر أرسل الموظف في شركة ستيرنليتش رسالة إلى المجموعة قال
فيها "في الوقت الذي يعمل فيه الاحتلال على الانتصار بالحرب المادية"
فإن أعضاء مجموعة الدردشة سيساعدون على كسب الحرب بين الرأي العام الأمريكي وتمويل
حملة معلومات ضد حماس.
وكان موقع "سيمفور" قد نشر في تشرين
الثاني/نوفمبر خبرا عن تمويل ستيرنليتش حملة بـ 50 مليون دولار ضد حماس وبالتعاون
مع مليارديرات وول ستريت وهولوود، وحسب مراجعة "واشنطن بوست" فعدد من
الذين شاركوا في الحملة هذه هم أعضاء بمجموعة الدردشة.
وتبدو الحملة
ونشاطات مجموعة الدردشة المؤيدة للاحتلال الإسرائيلي متداخلة، فقد كان جزء من
النشاطات الإعلامية علنيا على تيك توك وانستغرام وفيسبوك وإكس والتي جذبت بالمجمل
أكثر من 170,000 معجب.
وكتب الموظف في
ستيرنليتش في واحدة من الثرثرات الأولى أن مديره فخور بتراثه اليهودي ويريد دعم الاحتلال
الإسرائيلي، لكنه قلق على أمنه، وكتب الموظف أن السرية ستكون الحال لو شعر
المشاركون بالخوف على أمنهم وعائلاتهم، وقال نيابة عن مديره: "أنا واع لمظاهر
القلق بأنها ستكون أقل فعالية لو ظهرت وكأنها مبادرة يهودية".
وتقول الصحيفة
إن المشاركين في المجموعة بحثوا من البداية عن نصيحة وتوجيه من حكومة الاحتلال
الإسرائيلية، حيث حضر بعضهم لقاءات لإحاطتهم حول الوضع في غزة من مسؤولين
إسرائيليين وسابقين، وقال مدير ستاربكس السابق شولتز للمجموعة في 16 تشرين
الأول/أكتوبر: "أنا ممتن للإحاطة من وراء ستار التي قدمها نفتالي بينيت"
وكانت "غير عادية للغاية"، ولم يرد بينيت للتعليق ولا غانتس الذي لم
تتمكن الصحيفة من الوصول إليه، أما إحاطات هيرتسوغ، فقد قال المتحدث باسم السفارة
إنها واحدة من الإحاطات التي قدمها السفير في ذلك الشهر لأن "المجتمعات هنا
في الولايات المتحدة تعرف ما يجري على الأرض في إسرائيل".
وأكد متحدث باسم
شولتز أنه حضر لقاء مع بنيت ولكنه لم يشترك في المناقشات مع أدامز حول جامعة
كولومبيا ولم يسهم ماليا في حملته ولا بجهود عرض الفيلم، ويبدو أن المجموعة هي من
اقترحت على المسؤولين الإسرائيليين القيام بعرض خاص للفيلم في مدينة نيويورك، وكتب
سيت للمجموعة رسالة في 27 تشرين الأول/أكتوبر قال فيها إن المسؤولين الإسرائيليين
يريدون شكر المجموعة "لأنها اقترحت المناسبة الإعلامية في نيويورك".
وأشارت الصحيفة
إلى المحادثات بين المجموعة أثناء احتجاج طلاب كولومبيا، حيث زعم الطلاب
اليهود أن المخيم أدى لخلق مناخ معاد وتحرشي ضدهم، مما أدى لتدخل شرطة نيويورك
وتفكيك المخيم واعتقال 100 طالب في 18 نيسان/أبريل.