رفض رئيس حركة النهضة
التونسية راشد
الغنوشي مجددا المثول أمام
القضاء في القضية المرفوعة ضده تحت ما يسمى قضية "اللوبيينغ"، معتبرا أن
القضاء مسيس.
وجاء في رسالة بعث بها الغنوشي من سجنه إلى القاضي، ونشرها على صفحته
على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "بعد التحية والاحترام
لصفتكم القضائية، آسف أن أعلمكم عن رفضي المثول بين يدي جنابكم".
وأضاف: "كم كنت أتمنى لو كنت قادرا على ذلك لأني على تمام
القناعة ببراءتي وبراءة الحزب من العمل السري والعنف فأنا قد أمضيت نصف قرن ذابا
عن الإسلام السمح بعدله ورحمته. كنت أتمنى لو توفر الحد الأدنى من المحاكمة العادلة حيث يأمن
المتقاضيان والقاضي نفسه على أنفسهم، حيث يكون القانون والضمير هما راية القاضي.
ولكن للأسف يعيش السادة القضاة تحت سيف التهديد من أعلى سلطة في البلاد لأن من
يبرؤهم منهم فهو منه.. وقد تجاوز الأمر التهديد إلى الفعل
والمحاكمة لعشرات من النخب وخيرة قضاة تونس".
وأكد الغنوشي أنه لأجل ذلك "يجد نفسه في حالة الإكراه عن عدم
الحضور حتى يرفع الحرج عن القضاة وحتى لا يساهم في الضغط والتهديد الذي قد يتعرض
له السادة القضاة إن حكموا بالعدل وقضوا ببراءته وحزبه".
وأنهى رسالته قائلا: "إننا إزاء قضية تمس العدالة، قضية سياسية
تهم الطرف الأهم في البلاد بما يجعل القضاء مستخدما لأغراض وغايات سياسية"،
على حد تعبيره.
وأقرت محكمة الاستئناف بتونس، أمس الجمعة، حكما ابتدائيا على رئيس
حركة "النهضة" راشد الغنوشي، بـ3 سنوات سجنا فيما يعرف بقضية
"اللوبيينغ".
ونقلت وكالة الأنباء التونسية (رسمية) عن الناطق باسم المحكمة الحبيب
الطرخاني، قوله إن الدائرة الجناحية لدى محكمة الاستئناف بتونس أصدرت الجمعة، حكما
يقضي بإقرار حكم ابتدائي سابق صدر قبل أشهر فيما يعرف إعلاميا بقضية اللوبيينغ
المرفوعة ضد حركة النهضة ورئيسها الغنوشي (مسجون) وغيابيا ضد صهره رفيق عبد السلام
(وزير خارجية أسبق).
وقضية ملاحقة الأحزاب بسبب التمويل الأجنبي (اللوبيينغ) تتعلق بوجود
شبهات في تلقي جهات في البلاد تمويلا خارجيا لدعم حملاتها الدعائية في انتخابات
2019، وبدأ القضاء التحقيق فيها في يوليو/ تموز 2021 ضد جهات شملت حزبي
"النهضة" و"قلب تونس" وجمعية "عيش تونسي" (غير
حكومية).
وأضاف الطرخاني، أن "القضية متعلقة بالحصول على تمويلات مالية
أجنبية قضى الحكم فيها أيضا بتخطئة (تغريم) حركة النهضة في شخص ممثلها القانوني
(الغنوشي) بخطية مالية تساوي قيمة التمويل الخارجي المتحصل عليه والمقدر بمليون
و170 ألفا و478 دولارا و35 سنتا".
وتابع أن "النيابة العمومية كانت استأنفت في فبراير (شباط)
الماضي، الأحكام الابتدائية المتعلقة بهذه القضية التي تعود لمارس (آذار) 2022".
ومطلع فبراير الماضي، صدر قرار الدائرة الجناحية المختصة بالنظر في
قضايا الفساد بالمحكمة الابتدائية بتونس العاصمة، بالسجن ثلاث سنوات مع
"النفاذ العاجل" بحق الغنوشي، وصهره القيادي بالحزب رفيق عبد السلام.
وإثر ذلك أعلنت حركة النهضة، رفضها الحكم "الظالم" الصادر
بحق رئيسها الغنوشي، نافية اتهامات "تلقيها أي أموال أجنبية".
وشدّدت الحركة على أنها "لم تتلقّ مُطلقا تمويلا من أيّ جهة
أجنبية وأن حسابها الوحيد تحت رقابة كل المؤسسات القضائية والمالية ولا تطاله أية
شبهة".
وأكدت أنه لا وجود لأيّ تمثيلية لها في الخارج، وأنها "أثبتت
أنها لم تشغّل أبدا العنوان المزعوم في لائحة الاتهام".
وفي 17 أبريل/ نيسان 2023، أوقف الأمن، الغنوشي، بعد مداهمة منزله،
قبل أن تأمر المحكمة الابتدائية بإيداعه السجن في قضية "التصريحات المنسوبة
له بالتحريض على أمن الدولة".
والغنوشي، أحد أبرز قادة "جبهة الخلاص" المعارضة الرافضة
لإجراءات استثنائية بدأ الرئيس قيس سعيد، فرضها في 25 يوليو/ تموز 2021، ومن
أبرزها: حل مجلس القضاء والبرلمان (كان يرأسه الغنوشي)، وإصدار تشريعات بأوامر
رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة قاطعتها
المعارضة.
ومنذ 11 فبراير 2023، تنفذ السلطات حملة توقيفات شملت قادة وناشطين
في المعارضة التي تعتبر الإجراءات الاستثنائية "انقلابا على دستور الثورة
(دستور 2014) وتكريسا لحكم فردي مطلق"، بينما يراها فريق آخر "تصحيحا
لمسار ثورة 2011"، التي أطاحت بالرئيس آنذاك زين العابدين بن علي (1987-2011).
وعادة ما تنفي "النهضة" وبقية قوى المعارضة صحة الاتهامات
الموجهة إلى قادتها وتعتبرها ملاحقات سياسية، بينما اتهم سعيّد، موقوفين
بـ"التآمر على أمن الدولة".