بدأ العد التنازلي للعمل بقانون الجنسية الألمانية الجديد، وسط ترقب في أوساط
المهاجرين واللاجئين على الأراضي الألمانية لآلية تنفيذ القانون الجديد ومعايير منح
الجنسية الألمانية الجديدة المقرر تنفيذها في حزيران/ يونيو القادم.
وسيكون الحصول على الجنسية الألمانية بحسب القانون الجديد أسرع من ذي قبل، حيث
ينظر البعض إلى أن القانون الجديد قدم تسهيلات جديدة في إطار الحصول على الجنسية الألمانية.
وينتظر حوالي 5.3 مليون مهاجر مسلم يعيشون في ألمانيا، من الممكن أن
يكونوا مؤهلين للحصول على الجنسية، بشغف معرفة آليات وتنفيذ قرار منح الجنسية الألمانية
الجديد، حيث تشير التقارير إلى أنه خلال سنة 2022، تم منح الجنسية لـ 168,500 شخص فقط.
ويعيش في ألمانيا حاليا نحو 5.6 مليون مسلم، بنسبة تقترب من 6.7% من سكان
البلاد، وفي مقدمة هؤلاء: المسلمون الأتراك، وذوو الأصول التركية. ومن بين مليونين
و800 ألف تركي في ألمانيا، لم يحصل مليون و500 ألف منهم على الجواز الألماني، بحسب
مصادر رسمية، بسبب رفضهم التنازل على الجنسية التركية. أما السوريون الذين يقدر
عددهم بنحو مليون و200 ألف نسمة، فإن نسبة قليلة منهم تحصل على الجواز.
أهم بنود قانون الجنسية الجديد
وتنص مواد القانون الجديد الذي أقره البرلمان الألماني في شباط/ فبراير الماضي
على تقليل مدة الإقامة المطلوبة للحصول على الجنسية من 8 سنوات إلى 5، أو حتى إلى
3 سنوات في حال تحقيق "إنجازات" مهنية أو دراسية في ألمانيا.
وينص القانون الجديد على حصول الأطفال المولودين في ألمانيا لأبوين
أجنبيين على الجنسية إذا كان أحد الوالدين على الأقل مقيما في ألمانيا لأكثر من 5
سنوات.
ويعفي القانون المهاجرين القدماء (جيل العمال الضيوف) في البلاد من شرط
امتحان اللغة، الذي كان حاجزا أمام عدد منهم سابقا للتجنيس، وكذلك من شرط إعالة
أنفسهم.
ويمنح القانون الجديد للجنسية الألمانية إمكانية ازدواجية الجنسية، وسيكون
من الممكن بالنسبة للأجانب الاحتفاظ بجنسيتهم الأصلية دون أي قيود، على عكس السابق، إذ كانت الجنسية المزدوجة في ألمانيا ممكنة بالنسبة لمواطني الدول الأعضاء في الاتحاد
الأوروبي وبعض الدول القليلة الأخرى، وكذلك أصبح بإمكان الألمان الذين يريدون
الحصول على الجنسية في بلد آخر عدم التخلي عن جنسيتهم الألمانية.
قانون مفخخ.. الجنسية مقابل الاعتراف بـ"إسرائيل"
يتضمن قانون الجنسية الألماني الجديد ضرورة تبني بعض المواقف من قبل من
يريد أن يحصل على الجنسية، إذ إنه لن يتم التسامح مع "معاداة السامية"، حيث يتعين على
الأجانب تحمل "المسؤولية التاريخية" عن حقبة النازية، والمشاركة في
حماية الحياة اليهودية، بحسب تصريحات الحكومة الألمانية.
وشهد القانون نقاشا مطولا، بسبب رغبة عدد من الأحزاب والشخصيات في جعل
الاعتراف بدولة
الاحتلال الإسرائيلي شرطا لنيل الجنسية، بعد المظاهرات الكبيرة في
البلاد الداعمة لفلسطين مؤخرا. لكن القانون اكتفى في نسخته الأخيرة بالتنصيص على
أن "معاداة السامية" تتعارض مع حق التجنيس، وأنه يجب "الالتزام
بمسؤولية ألمانيا التاريخية" عن عواقب النازية، ومن ذلك "حماية الحياة
اليهودية".
ويتضمن القانون بعض البنود المطاطة أو غير الواضحة ولا تظهر كيفية تنفيذها
أو كيفية التحقق من تنفيذها، حيث يمنع منح الجنسية الألمانية بحسب القانون الجديد لأي
شخص تثبت عدم التزامه بمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة دون تحديد كيفية عدم الإثبات.
وفي سياق متصل أكد أحد المهاجرين المنتظرين لقانون الجنسية الألماني، رفض ذكر اسمه، في تصريحات خاصة لـ"
عربي21"، أن المهاجرين في حالة
ترقب وانتظار لمعرفة آلية تنفيذ قانون الجنسية الألمانية الجديد، خاصة أن القانون
يحتوي على الكثير من التسهيلات تتخللها العديد من المخاوف في ما يتعلق بأمور
الاعتراف بالاحتلال الإسرائيلي وآلية الاعتراف به التي تتنافى مع مبادئه، وتتنافى مع
مبادئ الديمقراطية والحرية التي تنادي بها ألمانيا.
وأضاف أن من أهم مميزات القانون الجديد تسهيل وتقليل عدد السنوات التي يتمكن
من خلالها المهاجر التقديم على الجنسية، كما أنه يتيح الفرصة لازدواجية الجنسية التي
لم تكن متاحة من قبل، كما أن القانون الجديد يعطي الفرصة في المستقبل أن يكون عدد
المسلمين (المهاجرين) شركاء في القرار الألماني بعد أن يكون لهم حرية التصويت والانتخابات
في السنوات القادمة.
وأشار إلى أن التجنيس يضيف حقوقا جديدة للمهاجر والمقيم على الأراضي
الألمانية مثل: التصويت في الانتخابات الألمانية، وشغل مناصب عامة، ما سيساعد
المهاجرين على الاندماج بشكل أفضل"، وسيدعم التعايش داخل المجتمع، إذ سيشعر
المهاجرون بأنهم جزء منه، ما سيقلل احتمالات التمييز أو التهميش.
التخوف من الاعتراف بـ"الاحتلال"
وتابع حديثه قائلا، إن من ضمن الأمور المربكة التي يتخوف منها المهاجرون في ألمانيا
هو الحديث عن الاعتراف بالاحتلال الإسرائيلي، حيث لا يوجد آلية واضحة لتنفيذ القرار،
ولا الجدوى منه، ولا خطورته.. متسائلا: هل سيكون تنفيذه باعتراف كتابي؟ أم باعتراف أمام
موظف؟ وهل سيعيق الاعتراف ممارسة الحرية الشخصية في دعم فلسطين التي تعتبر حقا من
حقوق حرية الرأي التي تدعمها ألمانيا؟
وذهب إلى التقليل من أهمية ذلك الاعتراف، كون حكومة ألمانيا تدعم
الاحتلال بشكل واضح وعلني ومع ذلك فإنها تخرج التظاهرات الداعمة لفلسطين بشكل مستمر ولا
تستطيع ألمانيا أن تمنعها أو تصادر حقوق المشاركين في التعبير عن رأيهم، ورأى أن ذلك الاعتراف قد يكون وسيلة جديدة من الحكومة الألمانية لتضييق الخناق على
المهاجرين، حتى يتم رفض من يرفض الاعتراف وبذلك يكون فتح الأبواب أمام حل مشكلة
الجنسية أمام المهاجرين وإغلاق الباب في وجه المنتقدين، ومن ناحية أخرى قيد القانون
بشكل غير مباشر.
ومن ناحيته أكد الحقوقي المختص بشؤون اللاجئين بسام طبلية، في تصريحات خاصة
لـ "
عربي21" أن القانون الجديد للحصول على الجنسية الألمانية به إيجابيات
وسلبيات، حيث تتلخص الإيجابيات في تسهيل الحصول على الجنسية سواء في الوقت ومدتها
من ثماني سنوات إلى خمس وثلاث في بعض الأحيان، كمان أنه سهل الحصول على الجنسية دون
التنازل عن الجنسية الأم، حيث تعد تلك أزمة كبيرة للاجئين حيث يصعب عليهم التواصل
مع حكوماتهم للتنازل عن الجنسية ما يعيق حصولهم على الجنسية والاستقرار.
سهولة التجريد من الجنسية
وأضاف طبلية أنه رغم وجود إيجابيات في القانون إلا أن هناك بعض السلبيات افيه، منها على سبيل المثال إعطاء وزارة الداخلية الألمانية الصلاحية لتجريد الحاصلين
على الجنسية منها بسهولة كبيرة بمجرد الاتهام بأن الحاصل على الجنسية خطر على
الأمن العام أو لديه جنسية أخرى، وغيرها من الاتهامات كعدم احترام الحرية والمساواة.
الاعتراف بـ"إسرائيل" مخالف
ومن ناحية أخرى قال طبلية إن بند الاعتراف بدولة الاحتلال الإسرائيلي بند يدعو
إلى التساؤل والقلق العميق لأن من يدعو إلى الاعتراف بدولة هي الدولة ذاتها وليس
الأفراد وبالتالي فإن من المفترض ألا يتأثر اعتراف الأفراد بذلك، والأمر إن دل على شيء فإنه يدل على
الضغوط التي تمارس على ألمانيا لأهمية الاعتراف بدولة الاحتلال الإسرائيلي من قبل
الأفراد، وإلا فلمَ يتم منحهم الجنسية الألمانية؟ وبالتالي فإنه لا يحق للشعب الفلسطيني الذي
اكتسب الجنسية الألمانية أن يطالب بحقه في أرضه أو اتهام "دولة إسرائيل" بأنها قائمة عبر احتلالها للأراضي الفلسطينية.. واصفا الأمر بأنه غير عادل وبأنه مجحف.
وفي السياق ذاته أشار الحقوقي والمختص بشؤون اللاجئين إلى أن تلك البنود تعد
خرقا للمادة العاشرة من معاهدة حقوق الإنسان التي أعطت الحق للإنسان بحرية التفكير
وأبداء الرأي دون قيد، وأن ذلك يعد تقييدا لحرية الأفراد، ومن الناحية القانونية يمكن
الطعن على القانون بمثل هذه البنود.