أنهى رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك أشهراً من التكهنات حول موعد
توجه المملكة المتحدة إلى صناديق الاقتراع، وأعلن عن إجراء
انتخابات عامة مبكرة في
الرابع من يوليو/ تموز المقبل.
ويأتي إعلان سوناك عن موعد الانتخابات التشريعية المبكرة في ظل خلافات
سياسية كبيرة تعصف بالحزبين الرئيسيين في البلاد، المحافظين والعمال، بسبب الأوضاع
الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد منذ أزمة كورونا، وبسبب الحرب الدائرة بين
روسيا وأوكرانيا، وأخيرا وليس أخيرا التباين الحاصل حول ملفي ترحيل المهاجرين إلى
رواندا وكذا الحرب التي تخوضها إسرائيل على قطاع غزة منذ ثمانية أشهر.
وبعد أن كانت استطلاعات الرأي تميل لصالح حزب العمال، الذي عاد ليحتل
الصدارة في عدد من الدوائر الانتخابية، فإن الخلافات التي عصفت بهذا الحزب بسبب
الموقف المنحاز لإسرائيل الذي عبرت عنه قيادته قد أفقده الكثير من شعبيته، لا سيما
في المناطق ذات الكثافة السكانية المسلمة.
للإشارة، فإن المملكة المتحدة تنقسم إلى 650 منطقة، تسمى دوائر
انتخابية، وتقوم كل واحدة منها بانتخاب نائب واحد لتمثيل السكان فيها. ويمثل معظم المرشحين حزبًا سياسيًا محددًا، لكن بعضهم يترشح
كمستقلين. وفي الانتخابات العامة في المملكة المتحدة، يكون لكل شخص صوت
واحد.
وقد أعلنت حملة الصوت
العربي، وهي مبادرة موجهة لتعزيز
مشاركة
الجالية العربية في
بريطانيا، اليوم الخميس، عن بدء التحركات والأنشطة استعدادا
للانتخابات العامة المقرر عقدها في بريطانيا وإيرلندا الشمالية في 4 يوليو/ تموز
المقبل.
وتدعو الحملة، التي انطلقت في فبراير 2024 مع أكثر من 120 شخصية،
“الجاليةَ العربية بأسرها إلى التفاعل الجاد مع هذه الانتخابات، التي تمثل مرحلة
فارقة في تاريخ البلاد”.
وقالت الحملة في بيانها: "يأتي هذا النداء بعد تورط الحزبَين
الرئيسَين في بريطانيا بتأييد أفعال تمس الأمن والسلامة في غزة، ما يستدعي ردا
حاسما وواضحا من الجالية العربية".
وأشارت إلى أنه "ومع وجود تمثيل سكاني كبير للمسلمين والعرب في
العديد من الدوائر الانتخابية، تؤكد الحملة أهمية استغلال هذا الثقل الديموغرافي
لدعم المرشحين، الذين يُظهرون موقفا جادا ومساندة لقضايا العرب والمسلمين".
ونبهت الحملة إلى أن الغياب عن صناديق الاقتراع قد يؤدي إلى تعزيز
مواقف المرشحين الأقل دعما والأكثر عداوة للقضايا العربية والإسلامية، وعلى رأسها
غزة حاليا.
وحثّت الحملة "الجاليةَ العربية على تجنب السلبية واللامبالاة؛
حيث إن التقاعس عن المشاركة يمكن أن يفسح المجال لقوانين وتشريعات قد تكون ضارة
بالمصالح العربية والإسلامية في بريطانيا" وفق قولها. وتعمل الحملة على
التنسيق مع الحملات الأخرى، مثل: حملة الصوت المسلم؛ لتعزيز الصوت العربي
والإسلامي في الانتخابات.
وكشفت أنها "تسعى وفق أسس ومعايير مدروسة، إلى تزكية عدد من
المرشحين، الذين أبدوا دعمهم وتضامنهم مع القضايا العربية والإسلامية، وتعلن
أسماءهم قبل موعد الانتخابات؛ لتمكين الجالية من اتخاذ قرارات حكيمة عند الإدلاء
بأصواتهم".
وختمت بيانها بالقول: "لا تأتي حملة الصوت العربي في ميدان
العمل الانتخابي كجزيرة معزولة، بل إنها تشكل جزءا من تحالف يضم حملة الصوت المسلم،
ومجموعة من المبادرات الأخرى؛ بهدف توحيد الجهود وتعزيز الأثر الجماعي. وتسعى هذه
الحملات معا إلى إسماع الصوت العربي والإسلامي في بريطانيا، ولا تقتصر على هذا
فحسب، بل تطمح إلى جعله علامة فارقة ترسم ملامح المشهد السياسي في هذه الانتخابات
وما يليها من تطورات".
وذكر تقرير لصحيفة "ميدل إيست آي" اليوم الخميس، أنه وفي
العديد من المناطق ذات الكثافة السكانية الكبيرة من المسلمين، يتنافس المرشحون
المستقلون المؤيدون للفلسطينيين لتحدي السياسيين العماليين الحاليين.
ويشمل ذلك الناشطة البريطانية الفلسطينية ليان محمد التي تقف ضد وزير
الصحة في حكومة الظل ويس ستريتنغ في إلفورد نورث، والنائب الجنوب أفريقي السابق
أندرو فينشتاين الذي يقف ضد زعيم حزب العمال كير ستارمر في هولبورن وسانت بانكراس.
وقال أحد كبار المطلعين على شؤون حزب العمال لصحيفة ديلي ميل، إن
"ويس [ستريتنغ]، وشبانة [محمود]، وروشانارا [علي]، وجيس [فيليبس] وآخرين
سيخوضون معارك حقيقية". .
ووجد التحليل الذي نُشر الأسبوع الماضي أن حزب العمال فقد ثلث حصته
من الأصوات في المناطق ذات الأغلبية المسلمة خلال الانتخابات المحلية الأخيرة.
واستنادًا إلى تحليل أجرته شركة Number
Cruncher Politics،
فقد خسر حزب المعارضة 33 نقطة مئوية في المناطق التي يسكنها معظم السكان المسلمين
عندما توجهت بريطانيا إلى صناديق الاقتراع في 2 مايو.
وفي دوائر المجالس المحلية التي تضم أكثر من 70% من السكان المسلمين،
خسر حزب العمال 39 نقطة مئوية من حصته من الأصوات. وفي العديد من هذه المناطق، وقف
المرشحون المستقلون ضد الأحزاب الرئيسية، وغالباً ما كانت حملاتهم الانتخابية تركز
فقط على قضية حرب غزة.
وفي مسابقة منصب عمدة وست ميدلاندز، تغلب ريتشارد باركر من حزب
العمال على آندي ستريت من حزب المحافظين بفارق 1500 صوت فقط.
ويُعزى هامش الفوز الضئيل جزئياً إلى المرشح المستقل أحمد يعقوب،
الذي جعل الحرب الإسرائيلية جزءاً كبيراً من حملته الانتخابية وحصل على ما يقرب من
70 ألف صوت.
وأشار يعقوب إلى أنه سيخوض الانتخابات
البرلمانية هذا العام في مقعد
برمنغهام ليديوود، ضد شبانة محمود من حزب العمال.
وأعلن الناشط البريطاني من أصول فلسطينية سامح حبيب، عن عزمه على خوض
الانتخابات البرلمانية المقبلة المقرر أن تجرى قبل نهاية العام الجاري 2024.
وانضم حبيب إلى حزب "ووركرز بارتي" الذي يتزعمه النائب
البريطاني المخضرم جورج غالاوي والذي يُعتبر أحد أشهر المناصرين للقضية الفلسطينية
في بريطانيا، وسبق أن شارك في تسيير قوافل لكسر الحصار عن غزة.
ويخوض حبيب الانتخابات البرلمانية عن دائرة (إيلينغ نورث) في غرب
لندن، وهي واحدة من الدوائر الانتخابية التي يفوز فيها حزب العمال منذ سنوات
طويلة، بل منذ عقود، لكنها تعتبر معقلاً للناخبين العرب والمسلمين الذين أصبحوا
مؤخراً ناقمين على سياسة حزبي العمال والمحافظين على حد سواء بسبب تطابق موقفهم من
الحرب الإسرائيلية على غزة، كما أن النائب الحالي عن هذه الدائرة الانتخابية سبق
أن رفض التصويت في البرلمان من أجل الدعوة لوقف إطلاق النار في غزة.
وأيد كل من حزب العمال المعارض في المملكة المتحدة وحزب المحافظين
الحاكم الحرب الإسرائيلية على غزة، على الرغم من أن حزب العمال دعا منذ ذلك الحين
إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية.