تمر كل من المملكة العربية
السعودية وإيران بمرحلة تشير إلى أن كلا البلدين يقفان على حافة تحول عميق، وذلك بعد وفاة الرئيس
الإيراني إبراهيم
رئيسي جراء تحطم طائرته المروحية قبل أيام ومرض العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، وفقا لمقال نشرته مجلة "
إيكونوميست".
وقال المقال الذي ترجمته "عربي21"، إنه "منذ آذار/ مارس 2023، عندما اتفقت إيران والسعودية على استعادة العلاقات الدبلوماسية، فقد حاول الخصمان على مدى فترة طويلة إظهار الصداقة".
وأضاف أن "ذلك الروتين لم يكن مقنعا. ثم، للحظة واحدة هذا الشهر، بدا وكأنهم يأخذون هذه الوحدة الشكلية إلى مستوى آخر. اختفى الرئيس الإيراني، ومرض العاهل السعودي. لقد كان ذلك بمثابة تذكير بأن كلا البلدين على حافة تحول عميق".
وأشار إلى أن وفاة إبراهيم رئيسي في حادث تحطم طائرة هليكوبتر يوم 19 أيار/ مايو، أدت إلى "دخول إيران في حالة من عدم اليقين السياسي. لكن أي شخص يأمل في أن تصبح أقل عدوانية في المنطقة من المرجح أن يصاب بخيبة أمل. ولم يكن رئيسي المهندس الرئيسي للسياسة الخارجية الإيرانية. وبغض النظر عمن سيحل محله كرئيس، فسوف تستمر إيران في دعم المليشيات في جميع أنحاء الشرق الأوسط والسعي إلى إقامة علاقات أوثق مع روسيا والصين. ومن غير المرجح أن تهدأ مواجهتها النووية مع الغرب".
ومع ذلك، يرى المقال أن وفاة رئيسي "ستحدث تداعيات في الخارج. ولم يكن رئيسي وحده على متن المروحية: فقد قُتل وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان في الحادث. كان المسؤولون العرب مولعين به بشكل مدهش، فهو دبلوماسي يتحدث لغتهم ويعرف المنطقة. وكانت له علاقات وثيقة مع حزب الله وغيره من الجماعات المدعومة من إيران".
و"على النقيض من ذلك، فقد وجد الدبلوماسيون الأوروبيون محاضراته لا تطاق. وهم أكثر سعادة ببديله المؤقت، علي باقري كاني، المحافظ المقرب من المرشد الأعلى لإيران ولكنه يظل منفتحا على إجراء مناقشات جادة مع نظرائه الغربيين. لقد كان المفاوض الرئيسي لإيران في المحاولات الفاشلة لإحياء الاتفاق النووي متعدد الأطراف"، وفقا للمقال.
وذكر أنه "قبل أيام من وفاة رئيسي، فقد عقدت أمريكا وإيران محادثات غير مباشرة في عمان (مثل باقري كاني إيران). وأعربوا عن أملهم في تهدئة التوترات في المنطقة بعد سلسلة من الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وإيران الشهر الماضي. وربما تم تعليق هذا الحوار الآن. ومن غير المرجح أن تقوم إيران بالكثير من الدبلوماسية قبل إجراء الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 28 حزيران/ يونيو.
وبحلول الوقت الذي يتولى فيه رئيس إيراني جديد منصبه ويشكل حكومته، فستكون أمريكا قريبة من الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/ نوفمبر. لن يكون هناك سوى القليل من الوقت لأية دبلوماسية جادة".
وقال المقال إنه "بدلا من ذلك، فسوف تركز أمريكا على التوصل إلى اتفاق في مكان آخر. وفي نفس اليوم الذي تحطمت فيه مروحية رئيسي، أعلنت السعودية أن الملك سلمان، عاهلها البالغ من العمر 88 عاما، يتلقى العلاج من الالتهاب الرئوي في قصره في جدة".
وكانت هذه هي المرة الثانية التي يعاني فيها من مخاوف صحية خلال شهر واحد، بعد فترة قصيرة قضاها في المستشفى في نيسان/ أبريل. وقد التزم الديوان الملكي الصمت بشأن حالته. لكن الأمر كان خطيرا بما فيه الكفاية، حيث قام محمد بن سلمان، ولي العهد، بتأجيل زيارة مقررة إلى اليابان وبقي قريبا من الوطن.
وعلى النقيض من حالة إيران، تشير المجلة إلى أنه "لا توجد تساؤلات حول الخلافة في السعودية: فالأمير محمد سوف يتولى العرش بعد وفاة والده. لقد كان الحاكم الفعلي للمملكة منذ أن أصبح وريثا واضحا في عام 2017. ولسنوات، تساءل المراقبون السعوديون عن ما إذا كان والده يمتلك حق النقض على بعض القضايا المفضلة: التطبيع مع إسرائيل، على سبيل المثال، أو تقنين الخمور في المملكة. ربما كان الغموض يناسب الأمير محمد، لأنه سمح له بالتحرك ببطء بشأن القرارات المثيرة للجدل. لكن الأمر سينتهي بمجرد أن يصبح ملكا، وهذا ليس بعيدا: فحتى لو تعافى الملك سلمان من الالتهاب الرئوي، فمن المحتمل أنه لن يكون لديه وقت طويل ليعيشه"، وفقا لما ذكر المقال.
وأشار إلى إنه "في 19 أيار/ مايو، التقى الأمير محمد مع جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأمريكي، للحديث عن معاهدة دفاع. ومن المفترض أن تكون جزءا من صفقة أوسع من شأنها أن تشهد أيضا تطبيع السعودية لعلاقاتها مع إسرائيل. لكن السعوديين يقولون إنهم لا يستطيعون اتخاذ مثل هذه الخطوة ما لم تلتزم إسرائيل بإنشاء دولة فلسطينية، وهو أمر لن يقبله رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أبدا".
وقال إنه "مع عرقلة التوصل إلى اتفاق ثلاثي، يسعى السعوديون بدلا من ذلك إلى التوصل إلى اتفاق ثنائي مع أمريكا. وسوف يوافقون على تقليص العلاقات مع الصين، مقابل معاهدة الدفاع والمساعدة الأمريكية في برنامج نووي. وسيتعهدون أيضا بتطبيع العلاقات مع إسرائيل بمجرد أن تجعل الحكومة الإسرائيلية الجديدة ذلك ممكنا. وربما لا يكون ذلك بعيدا، لأن نتنياهو محاصر الآن وقد يتم توجيه الاتهام إليه قريبا بارتكاب جرائم حرب".
ومع ذلك، فقد أضافت المجلة أن المسؤولين الأمريكيين يقولون إن "هذا ليس بداية جيدة، ويرجع ذلك جزئيا إلى أنه من غير المرجح أن يتم تمرير معاهدة الدفاع في مجلس الشيوخ إذا لم تكن مرتبطة بالتطبيع السعودي الإسرائيلي. وهذا يترك الملك السعودي المستقبلي أمام خيار صعب. ويمكنه الاعتراف بإسرائيل دون أي تنازلات من نتنياهو، الأمر الذي من شأنه أن يضمن اتفاقية الدفاع ولكن مع مخاطر الغضب الداخلي والإقليمي. أو يمكنه تأجيل الصفقة برمتها إلى أجل غير مسمى".
واختتم المقال بالقول إن "كل هذا يشكّل لحظة غريبة. لم يكن رئيسي الرجل الأقوى في الجمهورية الإسلامية، ويمكن القول إن الملك سلمان ليس الأقوى في السعودية. ومع ذلك، فإن وفاة الأول ومرض الأخير يبشران بلحظة من التغيير الحقيقي في المنطقة".