تتواصل الهواجس
الإسرائيلية من تبعات القرارات الأخيرة الصادرة عن المحاكم الدولية، لا سيما أنه
بعد أيام قليلة سيجتمع مجلس الأمن الدولي لمناقشة بعضها.
وعلى الرغم من أن العائق
الوحيد أمام وقوع كارثة دبلوماسية غير مسبوقة للاحتلال سيكون استخدام الفيتو الأمريكي، الذي سيأتي على الأرجح، فإنه إذا جرى النقاش، وبرزت الانقسامات في
المواقف الدولية، فسيكون الثمن الذي يدفعه
الاحتلال باهظا، لأن بعض الدول ستفرض
عليه عقوبات، حتى بدون صدور قرار من مجلس الأمن.
ناحوم برنياع كبير
المحللين السياسيين بصحيفة
يديعوت أحرونوت، لم يتردد في القول إنه "يجب وقف
الانتشار العسكري الإسرائيلي في رفح، ولعله من الصواب إيقافه، ليس لأن محكمة
لاهاي أمرت بذلك، بل لأن التكلفة تفوق المنفعة، بإمكان الإسرائيليين أن يندبوا
ليلا ونهارا على دوافع القضاة، ومعاداتهم لهم، لكن هذا الرثاء لن ينقذ الدولة، لأن
الحل يكمن في مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي، وليس في القاعات المبطنة بالخشب في
محكمة لاهاي، ولأنه كان أمامنا فرص لوقف هذا الهجوم السياسي والقانوني علينا قبل
صدور هذه القرارات الدولية، أحدهما في بداية الحملة البرية؛ والثاني في نفس وقت
الهجوم على خانيونس".
وأضاف في مقال ترجمته
"عربي21" أن "العروض الدولية كانت آنذاك على الطاولة، وفي هذه
الأثناء، كان سيسمح للمستوطنين النازحين من الشمال والجنوب بالعودة لمنازلهم، لكن
نتنياهو أصر على تحويل عملية رفح إلى هدف كبير، بزعم أنها صورة النصر، ولكن وفقا
لجميع البيانات العسكرية، فإن هذا وهم، لأن رفح ليست برلين زمن الحرب العالمية
الثانية، وحل الكتائب الأربع المتبقية لحماس لن يقضي على قدرة حماس على إطلاق
الصواريخ، وقتل الجنود، والاستمرار في احتجاز الرهائن".
وأشار إلى أنه "في
أعقاب قرارات المحكمتين الدوليتين، وتحت الضغط الأمريكي، كان على الحكومة أن تضمن
أن يكون التحرك في رفح "محصورا"، لكن من أدخل ثلاثة فرق عسكرية في رفح
خلق ديناميكية يصعب إيقافها، لأن الحاجة لحماية القوات تدفعهم إلى الأمام، من
منزل إلى آخر، والنتيجة هي نفسها، ففي غضون أيام سيجتمع مجلس الأمن لمناقشة قرار
المحكمة، وأفترض أنه سيكون هناك استخدام أمريكي لحق النقض، وستعمل إدارة بايدن
مرة أخرى لحماية الاحتلال، لكن السؤال يطرح نفسه: هل تستحق عملية رفح كل هذه
الأثمان السياسية والدبلوماسية التي سيدفعها الاحتلال أمام العالم؟".
وأكد أنه "لا
يجرؤ أحد في المؤسسة الرسمية على قول ما يقوله الجنرالات المتقاعدون علنا، وفي
محادثات مغلقة، ومفاده أنه حان الوقت للتوقف، والتوصل لصفقة الرهائن، وتهدئة
الشمال، والبدء بإعادة بناء الدولة، أما الخوف من رد الفعل العدائي فيصيبهم
بالشلل، وهذه شهادة فقر لكل من يدعي خلافة بنيامين نتنياهو، أعني أساسا شريكيه
بيني غانتس وغادي آيزنكوت، رغم أن قرارات محكمة لاهاي قدمت لهما فرصة ذهبية،
نتنياهو يحتاج إليها الآن أكثر من أي وقت مضى، وانسحابهما سيقضي على بقية الشرعية
في العالم لحكومته، وسيدعم مئات آلاف المستوطنين النازحين، ويمكنهم استعادة
النفوذ الذي فقدوه في الأسابيع الماضية".
الخلاصة الإسرائيلية
المترتبة على هذه القراءة ترتبط بما ينشره المسؤولون الحكوميون من أنصاف الحقائق
في ما يتعلق باستئناف المفاوضات حول صفقة تبادل الأسرى، بالتزامن مع خروج آلاف
الإسرائيليين للمشاركة في المظاهرات الداعية لإبرام هذه الصفقة ووقف الحرب، وسط
مشاعر الغضب واليأس والقلق، على أن تشتد هذه الاحتجاجات في الأسابيع المقبلة في
حال واصلت الحكومة الحالية صم آذانها عن مطالب أهالي الأسرى.