نشرت صحيفة "
الغارديان" البريطانية، مقالا، للصحفية شذى الإسلام، قالت فيه "إن بريدها الإلكتروني يمتلئ بالرسائل التي تطلب منها استخدام صوتها في
الانتخابات الأوروبية وتذكرها بأنها إن لم تصوت فإن الآخرين، سيقررون نيابة عنها".
وتقول إن "عقلها يقبل منطقية تلك الرسائل التي يرسلها ساسة
الاتحاد الأوروبي ولكن للمرة الأولى فإن قلبها ليس مرتاحا".
وتضيف أنها "باعتبارها أوروبية ذات بشرة سمراء ومسلمة أيضا، وطالما أرادت أن ينجح "مشروع" الاتحاد الأوروبي، تشعر بالرعب من مدى القوة والنفوذ الذي يمارسه، داخل الحكومة وخارجها، سياسيون عنصريون، كارهون للأجانب ويعلنون عن عدائهم للإسلام بلا خجل. والذين رؤيتهم لأوروبا، مهما قالوا في العلن، هي أيضا معادية بطبيعتها للنساء واليهود والمثليين" فيما أعربت عن قلقها من أن "الأمر سوف يزداد سوءا".
وتقول الكاتبة: "إنها لحظة حزينة ومثيرة للقلق بالنسبة لكل الأوروبيين التقدميين. وبالنسبة للمسلمين والأقليات العرقية والإثنية في أوروبا، فهو وقت من القلق الشخصي العميق؛ ويشعر كثيرون بالخيانة والتخلي عنهم، ليس فقط من جانب السياسيين وصناع السياسات في الاتحاد الأوروبي، فهم لم يهتموا بنا كثيرا على أي حال، بل من جانب قطاعات كبيرة من وسائل الإعلام و"خبراء" الاتحاد الأوروبي الذين فشلوا في رؤية مخاطر أوروبا اليمينية المتطرفة، وقللوا من شأن التهديد الذي تشكله، أو تعمدوا النظر في الاتجاه الآخر".
وتردف: "الأمر الأكثر إيلاما هو أن العديد من أصدقائنا وزملائنا البيض لا يزالون غير قادرين، أو لا يريدون، أن يفهموا أن كل هذا بالنسبة لنا قريب وشخصي، وله تأثير حقيقي على صحتنا العقلية وحياتنا اليومية".
وتؤكد أنه "مع ذلك، إذا انتبهوا، فسوف يرون دليلا على أن العنصرية، منتشرة وبلا هوادة، في جميع أنحاء أوروبا. وأن الإسلاموفوبيا آخذة في الازدياد، وكذلك معاداة السامية، وكلاهما من أشكال العنصرية التي تفاقمت بسبب الحرب بين الاحتلال الإسرائيلي وغزة"، متابعة: "مع توقع سيطرة اليمين المتطرف على مزيد من السلطة في المستقبل، ومع استنفاد خطة عمل الاتحاد الأوروبي لمكافحة العنصرية، فإن هذا التعصب سوف يزداد سوءا".
وتشير إلى "حقيقة أن العنصرية والتمييز وكراهية الأجانب تؤدي إلى تآكل الديمقراطية الأوروبية من الداخل، وتخلق انقسامات مجتمعية واستقطابا سياسيا، نادرا ما تتم مناقشتها في كتاب "بروكسل شديدة البياض". كما أن الحقيقة المزعجة هي أن ساسة يمين الوسط والليبراليين في أوروبا قد تبنوا علنا أو ضمنا الأجندة السياسية للمتطرفين ووجهة نظرهم الكارهة للأجانب".
وتشدد على أن تلك وجهة نظر سامة تنعكس في ميثاق الهجرة واللجوء الجديد للاتحاد الأوروبي والخطط، على غرار رواندا، لإرسال اللاجئين والمهاجرين إلى بلدان ثالثة والتي وضعها حزب الشعب الأوروبي، المجموعة السياسية التي تضم أورسولا فون دير لاين، التي تسعى إلى الحصول على فترة ولاية ثانية مدتها خمس سنوات كرئيسة للمفوضية الأوروبية.
وتقول إن "العديد من حكومات الاتحاد الأوروبي تشن حملة قمع على حرية التعبير والحق في التجمع السلمي لأولئك الذين يعارضون الهجوم الإسرائيلي على غزة، مما دفع منظمة العفو الدولية إلى إصدار تحذير".
كذلك، دعت المفوضية الأوروبية مؤخرا وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، الذي تم الاستناد إلى تصريحاته بشأن الفلسطينيين في محكمة العدل الدولية كدليل على نية حكومة الاحتلال الإسرائيلي للإبادة الجماعية، كضيف افتراضي في اجتماع حضره نائب رئيسة المفوضية الأوروبية، مارغريتيس شيناس، المسؤول عن "حماية أسلوب حياتنا الأوروبي".
وأبرزت: "الآن علينا أيضا أن نقلق بشأن المعركة الحضارية". ويشير الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إلى أنه "على عكس الثقافات الأخرى، فإن أوروبا لديها علاقة معينة مع الحرية والعدالة والمعرفة".
وترى كاتبة
المقال، أن أي شكوك متبقية حول مسار أوروبا نحو منطقة اليمين المتطرف التي كانت محظورة ذات يوم، أو الآمال في إمكانية خروج هذا الانجراف، نحو اليمين، عن مساره بطريقة سحرية، كان لا بد أن تتبدد بتشكيل الائتلاف الهولندي الجديد على يد خيرت فيلدرز. وقد ينفذ الشعبوي تهديده بإغلاق كل المساجد وحظر القرآن والحجاب، وقد لا ينفذه. لكنه يظل معاديا للمسلمين قولا وفعلا.
وتشير إلى أنها تجد أملاً في الوعود ببناء "طوق وقائي" حول أعضاء البرلمان الأوروبي المنتخبين حديثا من اليمين المتطرف. لكن فقط على اليسار كانت هناك إشارة واضحة إلى معالجة العنصرية النظامية.
وتتساءل عن الالتزام أيضا بجعل مؤسسات الاتحاد الأوروبي أكثر تنوعا وشمولا من الناحية العرقية، وإنهاء استعمار التجارة والمساعدات والسياسات الخارجية المنغلقة والتي تتمحور حول أوروبا، وترى أنه من خلال تجاهل مثل هذه التساؤلات، يعمل العديد من هؤلاء البرلمانيين على إدامة الانفصال المدمر بين مؤسسات الاتحاد الأوروبي التي يهيمن عليها البيض وواقع أوروبا النابضة بالحياة والمتنوعة والمتعددة الثقافات.
وتؤكد أن التمثيل لا يضمن العدالة العرقية ويجب أن نكون حذرين من غسل التنوع، حيث أن بعض السياسيين الأكثر تشددا في مناهضة الهجرة في أوروبا ليسوا من البيض. وينحدر فيلدرز من أصول إندونيسية من جهة والدته، في حين كان شريكه في الائتلاف، ديلان يشيلجوز زيجيريوس، زعيم حزب الشعب من أجل الحرية والديمقراطية، طفلا لاجئا سابقا من تركيا.
ومع ذلك، لا يزال من الملفت للنظر أن الأعضاء السود والملونين لا يمثلون سوى حوالي 3 في المئة من البرلمان الأوروبي الحالي، مما يعكس إحجام الأحزاب السياسية عن وضع الأشخاص ذوي البشرة الملونة على قوائمها للانتخابات الأوروبية. وهذا يؤدي إلى تآكل شرعية مؤسسات الاتحاد الأوروبي، ويؤدي بدوره إلى خلق حلقة مفرغة.
وتقول: "أخبرني السياسي الهولندي، محمد شاهيم، وهو أحد أعضاء البرلمان الأوروبي القلائل من ذوي البشرة الملونة، أنه نظرا لنقص التمثيل ووجود نماذج يحتذى بها من غير البيض في بروكسل، فإن العديد من الشباب الأوروبيين الملونين والمتعلمين جيدا والمغامرين إما أنشأوا أعمالهم الخاصة أو ذهبوا إلى لندن أو نيويورك، أو اختاروا سياسات وطنية "أكثر تأثيرا"، وأكثر شمولا "نسبيا"".
ويشكل التعامل مع الاتحاد الأوروبي تحديا خاصا للمسلمين الأوروبيين. ولم يعقد منتدى الشباب الإسلامي والمنظمات الطلابية الأوروبية "فيميسو"، الذي يجمع الشباب من مختلف أنحاء أوروبا، اجتماعا ثنائيا حتى الآن مع المنسق الجديد للمفوضية الأوروبية لمكافحة الكراهية ضد المسلمين، على الرغم من الطلبات المتكررة.
إلى ذلك، انتقدت الحكومة الفرنسية، اجتماع فيميسو مع مفوضة الاتحاد الأوروبي للمساواة، هيلينا دالي، في عام 2021 بسبب مزاعم لا أساس لها من الصحة حول روابط فيميسو مع جماعة الإخوان المسلمين، وهي تهمة تنفيها المنظمة بشدة. إن التعامل مع هذا القدر الكبير من التحيز الواعي وغير الواعي يتطلب "مرونة عاطفية"، كما أخبرني شاب مسلم مطلع على فقاعة بروكسل.
ومع ذلك، لم يستسلم الكثيرون. يقول العديد من الأصدقاء السود والملونين وكذلك أعضاء فيميسو وأصوات الشتات إنهم متحمسون للتصويت في الانتخابات لأنهم يرون أن من واجبهم ومسؤوليتهم أن يكونوا جزءا من الحوار. ويمكن أن تكون الأمور أسوأ على خلاف ذلك. وحجتهم أقوى وأكثر إقناعا من أقوال صناع السياسات والساسة في الاتحاد الأوروبي حول أهمية الحضور إلى مراكز الاقتراع.