في ظل استهداف المقاومتين الفلسطينية واللبنانية لشمال فلسطين المحتلة، منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، تتزايد المخاوف "الإسرائيلية" مما تعتبره "كارثة" قد تُسفر عن إقامة الحزام الأمني في الجبهة الشمالية، لأن عناصر حزب الله باتوا قادرين على إلقاء نظرة خاطفة على نوافذ المنازل في مستوطنات المطلة ورأس الناقورة.
وأكّد شمعون شاباس، وهو المدير السابق لديوان رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي الراحل، إسحاق رابين، أنه "بعد ثمانية أشهر من الاستهداف المركّز للجبهة الشمالية بالقذائف الصاروخية القادمة من
لبنان، وما أسفر عنه من طرد 80 ألف مستوطن من منازلهم، صحيح أن عدد القتلى الإسرائيليين قليل قياسا بقتلى الجبهة الجنوبية، لكن هناك رقم مرعب ما زال مستمرا، ويتمثل بطرد 80 ألف مستوطن من منازلهم، وما زالوا مشردين منذ عدة أشهر".
وأضاف شاباس، في
مقال ترجمته "عربي21" أن "الوضع الأمني اليوم على الحدود الشمالية يذكرني بوضع سابق، قبل قرابة ثلاثين عاما حين كنت مساعداً لوزير الحرب، ومسؤولاً عن الجانب المدني من الحدود اللبنانية، عندما اتخذ قرار إعادة تنظيمها، والانسحاب من الخط الأمني، وتعزيز جيش
جنوب لبنان العميل للاحتلال".
وتابع: "صحيح أن القرار لم يكن سهلا، بل كان الأداء صعبا، وعلى مدى 12 عاماً، شاركت في عشرات الاجتماعات، وربما أكثر، مع زعماء العالم من الرؤساء، ريغان وبوش الأب وكلينتون في الولايات المتحدة؛ ومع ميتران وشيراك في فرنسا؛ ومع رئيس الوزراء البريطاني جون ميجور وتوني بلير، وكثيرون غيرهم، جميعهم حثوا إسحاق رابين على الانسحاب إلى الخط الدولي، والتخلي عن الشريط الأمني".
وأشار إلى أن "مخاوف رابين تمثّلت في أنه إذا انسحب الاحتلال من جانب واحد من الشريط الأمني، فسوف نجلب الكارثة على الدولة، وسوف يجلس عناصر حزب الله على الأسوار، وينظرون من خلال نوافذ منازل المستوطنين، ولذلك فإن قراره بإقامة الشريط الأمني كلّفه ثمناً باهظاً".
وأردف: "لكنه فهم المعنى، وتمسك بقراره بحماية مستوطني الشمال، وعارض بشكل قاطع الانسحابات الأحادية دون ضمانات، ودون أمن، واقترح أن يرسل الأمريكيون والبريطانيون والفرنسيون ودول غربية أخرى قوة عسكرية حقيقية إلى تلك المنطقة لسنوات عديدة، وبعد ذلك سينسحب الاحتلال على الفور إلى الخط الدولي الذي يحمي الحدود الشمالية لإسرائيل".
وأوضح أن "الأمم المتحدة غير قادرة، ولا تستطيع حماية الحدود مع لبنان، بدليل عدد القتلى والجرحى الإسرائيليين الذين سقطوا، وسيظلون يسقطون، منذ القرار الكارثي الذي اتخذه رئيس الوزراء الأسبق إيهود باراك بـ"الفرار" من لبنان من طرف واحد، الذي يعني تخلياً عن جيش لبنان الجنوبي بضباطه وجنوده وعائلاتهم الذين خدمونا، وهو ثمن أعلى بمئات بالمئة من الخسائر التي تكبدناها خلال 16 عاماً من وجود الشريط الأمني".
وختم بالقول إن "الانسحاب المهين من جنوب لبنان في مثل هذه الأيام، قبل أربعة وعشرين عاما عاد على إسرائيل بجملة من النتائج الرهيبة أهمّها اندلاع الانتفاضة الثانية، بعد فشل محادثات كامب ديفيد مع الفلسطينيين، الأمر الذي يتطلب العودة هناك، وإقامة الشريط الأمني الذي سيحمي حياة عشرات الآلاف من المستوطنين، ومزارعهم ومصانعهم".
وأوضح
التقرير، أنه "من الواضح أننا أمام تحوّل جديد في موقف الأوساط الإسرائيلية الداعية للعودة من جديد إلى جنوب لبنان، رغم تغير الظروف وتنامي قوة المقاومة اللبنانية والفلسطينية هناك، مع أن هذه الدعوة مشفوعة بمزاعم غير مقنعة".
واسترسل: "من بينها أنه بدون منطقة أمنية جدية، فلن يعود المستوطنون لمنازلهم هناك، على اعتبار أن الهروب من جنوب لبنان أدى إلى اندلاع حرب لبنان الثانية، وتعزيز قوة حزب الله، والتسبّب في أضرار لا يمكن إصلاحها، مما يستدعي من الدولة أن تحمي مستوطناتها، لأن هذا هو دور الحكومة والجهاز الأمني، وإلا فسوف يستمر الفشل الذريع الممتد منذ ثمانية أشهر".