صحافة دولية

ديفيد هيرست: حماس ستبدي مرونة بشأن حكم غزة بعد الحرب.. بشروط

الاحتلال فشل فشلا ذريعا بإقصاء حماس في غزة- منصة إكس
نقل موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، عن مصدر مقرب من حركة المقاومة الإسلامية حماس قوله، إن الحركة على استعداد لإبداء مرونة حول مستقبل الحكم في غزة، طالما أن قرار حكم القطاع يتم الاتفاق عليه من قبل الفصائل الفلسطينية الأخرى، وليس مفروضا على الفلسطينيين سواء من قبل الولايات المتحدة أو من قبل دولة الاحتلال.

وذكر تقرير أعده رئيس تحرير الموقع ديفيد هيرست نقلا عن المصدر، أن حماس تشعر بأن ميزان القوة قد مال لصالحها بينما تواجه "إسرائيل" انقسامات سياسية متفاقمة بشأن مستقبل قطاع غزة ما بعد الحرب.
 
كما أشار المصدر إلى أن حماس على ثقة تامة بأنها متجذرة بعمق في المنطقة وأنه لا يمكن لأحد أن يتجاوزها.

فيما يلي النص الكامل للتقرير:

في تصريح لموقع ميدل إيست آي، قال مصدر فلسطيني كبير لديه اطلاع على سياسات حركة حماس إن الحركة على استعداد لإبداء "مرونة" حول مستقبل الحكم في غزة، طالما أن قرار حكم القطاع الذي دمرته الحرب يتم الاتفاق عليه من قبل الفصائل الفلسطينية الأخرى وليس مفروضاً على الفلسطينيين سواء من قبل الولايات المتحدة أو من قبل إسرائيل.
 
وقال المصدر، الذي اشترط عدم التصريح بهويته نظرا لحساسية الموضوع الذي يتحدث فيه، إن حماس تشعر بأن ميزان القوة قد "مال" لصالحها بينما تواجه إسرائيل انقسامات سياسية متفاقمة بشأن مستقبل قطاع غزة ما بعد الحرب.
 
وقال المصدر في تصريحه لموقع ميدل إيست آي: "لدى حماس ثقة بأنها متجذرة بعمق في المنطقة وأنه لا يمكن لأحد أن يتجاوزها".
 
وأضاف: "ومع ذلك يوجد لدى حماس من المرونة السياسية ما يجعلها تقبل بالعديد من الصيغ بشأن مستقبل غزة. وهي منفتحة على صيغة وطنية متفق عليها خدمة لصالح شعبها. ولكن أي تسوية لديها فرصة الاتفاق عليها وطنياً لا يجوز بحال أن تفرض من قبل أمريكا أو إسرائيل. فهم لا يمكنهم إبرام صفقة مع دولة فلسطينية ضعيفة".
 

كان من المقرر أن تُستأنف المحادثات حول وقف إطلاق النار هذا الأسبوع، ولكن حماس أبلغت الوسطاء الدوليين يوم الثلاثاء بأنها سوف تنهي مشاركتها بعد "مذبحة" الأحد التي ارتكبتها إسرائيل في رفح.
 
وكان ما لا يقل عن خمسة وأربعين شخصاً قد قتلوا وأصيب عشرات آخرون بجروح، معظمهم من النساء والأطفال، عندما قصفت إسرائيل مخيماً يؤوي نازحين فلسطينيين في منطقة تل السلطان غربي رفح.
 
جاءت الضربات الجوية، التي نجم عنها احتراق بعض الفلسطينيين أحياء، بعد يومين من إصدار محكمة العدل الدولية أمراً لإسرائيل "بأن توقف فوراً هجومها العسكري في رفح".
 
وفي تصريح لموقع ميدل إيست آي، قال مصدر ثان، هو الآخر مقرب من حركة حماس: "ليست حماس مضطرة للجلوس للتفاوض بينما يستمر الإسرائيليون في القتل".
 
وأضاف: "إن استمرار المفاوضات بينما المذابح مستمرة إنما يوفر غطاء للمذابح، بل أدى أيضاً إلى مقتل جندي مصري. وهذا لن يحدث ثانية".
 
وقال المصدر إن حماس يمكن أن تستأنف المفاوضات فقط فيما لو توقفت إسرائيل عن ارتكاب المذابح وغادرت رفح. وأضاف أنه يجب أن يعود معبر رفح إلى إدارته السابقة، مشيراً بذلك إلى الترتيب الذي كان معمولاً به حتى ما قبل السابع من أكتوبر (تشرين الأول).
 
المفاوضات أمام طريق مسدود
وقال المصدر الأول، الذي كان يتحدث قبل القصف الذي تعرض له مخيم اللاجئين، إن المفاوضات وصلت فعلياً إلى طريق مسدود، وذلك بعد الإخفاق الذي منيت به الجولة الأخيرة في القاهرة والدوحة.
 
وقال إن المفاوضات بعد العدوان الإسرائيلي على رفح وصلت إلى طريق مسدود، وإن الولايات المتحدة بحاجة لأن تعالج مجموعة من الأمور مع إسرائيل بخصوص الوقف الدائم لإطلاق النار.

وأضاف: "بالنسبة لحماس، من الواضح أنه يتوجب على الولايات المتحدة التعامل مع هذه المفاوضات. ويجب على الإسرائيليين احترام الوثيقة التي قبلت بها حماس، بدون الخوض في ألاعيب سخيفة ومحاولة الالتفاف على مطالب حماس الأساسية."
 
وكانت حماس قد أعلنت في وقت مبكر من هذا الشهر عن قبولها لصفقة وقف إطلاق النار التي تقدم بها الوسطاء القطريون والمصريون لها، ولكن إسرائيل قالت إن المقترح لم يحقق لها مطالبها.
 
بعد انهيار المحادثات في القاهرة، توجهت مصادر أمريكية باللوم إلى مصر لتعديلها العرض المقدم لحماس بحيث أصبح لصالحها. فما كان من القاهرة إلا أن عبرت عن سخطها على مثل هذه المزاعم.
 
أكد المصدر الفلسطيني الرواية المصرية حول ما جرى، وقال إن مصر لم تعدل في الوثيقة، وأن الولايات المتحدة كانت على دراية تامة بكل التعديلات، فقد كان مدير وكالة المخابرات الأمريكية بيل بيرنز حاضراً في القاهرة وفي الدوحة على حد سواء، حيث تمت مناقشة الوثيقة.
 
وقال المصدر: "أعلنت حماس عن تعديلاتها التي قبلها المفاوضون. ولقد أبلغ الطرف الأمريكي بالتعديل وقبل به. فلم تكن تلك غلطة مصر. إلا أن الإسرائيليين تراجعوا عن الصفقة، ولم تجبرهم الولايات المتحدة على قبول شيء كان يمكن أن يكون لصالحهم".
 
حماس تندد بتحركات السلطة الفلسطينية
وبينما تستمر رحى الحرب للشهر الثامن على التوالي، تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن تحتفظ إسرائيل بالسيطرة الأمنية على قطاع غزة. في نفس الوقت انتقدت الولايات المتحدة نتنياهو لإخفاقه في الخروج بخطة ذات مصداقية حول من سوف يحكم القطاع المدمر.
 
وكان نتنياهو قد اقترح عندما تحدث عن الموضوع لآخر مرة في شهر فبراير (شباط) استبدال حماس بممثلين محليين "لا يرتبطون بعلاقات مع بلدان أو مجموعات إرهابية ولا يتلقون دعماً مالياً منها".
 
في واقع الأمر، كانت محاولة استبدال الحكومة المركزية بشبكة من زعماء العشائر قد وئدت في مهدها.
 
قبل ذلك بأسابيع، ندد زعماء قبليون في غزة بمقترحات الجيش الإسرائيلي تقسيم غزة إلى مناطق تحكمها القبائل أو العشائر بدلاً من بقائها كياناً سياسياً واحداً.
 
بعد ذلك بشهر، برزت تقارير تفيد بأن إسرائيل تنظر في فكرة تنصيب ماجد فرج، رئيس جهاز المخابرات في السلطة الفلسطينية، حاكماً إدارياً على غزة. ولكن ذلك المشروع مني بالفشل أيضاً. كما منيت بالفشل محاولة فرج تسريب مجموعة من المسلحين تظاهروا بأنهم فرقة حماية لقافلة مساعدات مصرية، وتم اعتقال عناصر المجموعة.
 
منذ ذلك الحين، نددت حماس بمناورات تقوم بها السلطة الفلسطينية، بما في ذلك ما وصفته بأنه إجراء أحادي لتنصيب محمد مصطفى رئيساً للوزراء. قالت حماس إن القرار اتخذ بدون استشارتها، على الرغم من مشاركة الحركة في لقاء جرى في موسكو وحضرته فتح بهدف إنهاء الانقسام.
 
منذ توليه منصبه، صرح محمد مصطفى في بيان مهمته أنه يريد إصلاح السلطة الفلسطينية وتوحيد الضفة الغربية وغزة والإشراف على إعادة إعمار القطاع.
 
سعى موقع ميدل إيست آي للتواصل مع السلطة الفلسطينية للحصول على تعليق منها على ذلك ولكنه لم يتلق رداً حتى موعد النشر.
 

استراتيجية إسرائيل تتعرض للنقد
تقول المصادر الفلسطينية إنه على الرغم من أن غاية نتنياهو المعلنة هي تدمير حماس، إلا أن إسرائيل تقوم حالياً بإعادة حساب موقفها حول كيفية التعامل مع سيناريو اليوم التالي، أخذاً بالاعتبار أنه لم يتسن لها خلع حماس.
 
من الناحية العسكرية، لقد أثبتت كتائب القسام، الجناح المسلح لحركة حماس، أن لديها القدرة على الظهور مجدداً في المناطق التي أخلاها الإسرائيليون والاشتباك مع الجنود في مواجهات قتالية مباشرة، وهو الأمر الذي لاحظه بشيء من الإحباط كبار الجنرالات في الولايات المتحدة.
 
وفي الأسبوع الماضي، انتقد الجنرال تشارلز براون، رئيس هيئة الأركان المشتركة، الاستراتيجية الإسرائيلية في غزة، فيما اعتبر توبيخاً علنياً نادراً منه للإسرائيليين.
 
وقال براون في إشارة إلى المهمة العسيرة التي تواجه القوات الإسرائيلية في غزة: "لا يقتصر الأمر على الحاجة لأن تدخل فعلياً وتقضي على العدو الذي تواجهه هناك أيا كان هذا العدو، بل يجب عليك أن تدخل ثم تفرض سيطرتك على المنطقة، ثم يجب عليك أن تحدث حالة من الاتزان داخلها".
 
فقط بعد بضعة أيام من ذلك زعمت حماس أنها أسرت مجموعة من الجنود الإسرائيليين في كمين داخل شبكة من الأنفاق، وذلك في خضم قتال كثيف في مخيم جباليا في الشمال، وهو الذي زعم الجيش الإسرائيلي أنه طهره في ديسمبر (كانون الأول).
 
نفت إسرائيل تلك المزاعم، فما كان من كتائب القسام إلا أن نشرت مقطعاً مصوراً فيما بعد يظهر فيه مقاتلوها وهم يسحبون رجلاً داخل النفق بدا فاقداً للوعي. كان يتم سحبه بسلاحه.
 
ثم عرض الفيديو بشكل منفصل ثلاث بنادق نصف آلية وغير ذلك من الأسلحة التي تقول حماس إنها استولت عليها من الإسرائيليين الذين أسرتهم.
 
وفي تصريح لموقع ميدل إيست آي، قال مصدر ثالث لديه اطلاع على الأمور في الميدان داخل غزة إنهم يقدرون بأن 20 بالمائة فقط من شبكة الأنفاق قد تم تدميرها من قبل إسرائيل، وأن شبكة الأنفاق الهائلة تحت الأرض مازالت توفر ملاذاً ووسيلة نقل ومقراً لتصنيع الأسلحة والصواريخ.
 
عدا عن إعادة تدوير المتفجرات الشديدة المستخرجة من القنابل والصواريخ الإسرائيلية والتي أخفقت في الانفجار، استولت حماس على كميات كبيرة من الأسلحة الخفيفة والمعدات أثناء الهجوم الإسرائيلي الأخير على خان يونس. وعن ذلك يقول المصدر إنه في كل واحد من أيام القتال، كانت الوحدات التي تتكون من الشباب الاحتياطيين تتخلى عن مواقعها عندما يحل الليل تاركة خلفها جل معداتها.
 
تواصل موقع ميدل إيست آي مع الجيش الإسرائيلي ومع وزارة الخارجية الإسرائيلية للحصول على تعليق على الأمر، ولكنه لم يتلق رداً من أي منهما.
 

"تعلمت حماس دروساً من الحروب السابقة"
يقول المصدر المطلع على سياسات حماس إن المجموعة لديها ثقة بقاعدتها الشعبية الداعمة لها في غزة، وأوضح أنه على الرغم من الدمار الشامل، فإن إسرائيل تعاني من انقسامات كبيرة حول الاتجاه الذي ينبغي أن تؤول إليه الحرب.
 
وتابع المصدر: "على الرغم من اختلال الميزان بين حماس وإسرائيل، إلا أن حماس تعلمت دروساً من الحروب السابقة".
 
وأضاف: "إن صورة المقاومة {والجماعات الفلسطينية مثل حماس} في أوساط شعبنا في غزة هي أن المقاومة تقاتل نيابة عنا، بينما يعتقد الإسرائيليون أن نتنياهو يقاتل من أجل مصالحه الشخصية".
 
وأكد المصدر أنه على الرغم من أن إسرائيل تدفع بكل شيء خلف جهدها الحربي في غزة، إلا أن الاستراتيجية فشلت، وكذلك سوف يفشل الهجوم على رفح.
 
بعد ثمانية شهور من الهجوم الجوي والبري، حول الجيش الإسرائيلي معظم المنطقة التي يقطنها 2.3 مليون فلسطيني إلى أرض محروقة لا يمكن العيش فيها.
 
لقد مسحت أحياء كاملة عن وجه الأرض، وتحولت المنازل والمدارس والمستشفيات إلى رماد تحت وطأة الضربات الجوية ونيران الدبابات التي لا تبقي ولا تذر. ما زالت بعض المباني قائمة، ولكنها تحولت إلى هياكل ممزقة.
 
تفيد التقارير بأن كل السكان تقريباً غادروا منازلهم، ومن بقي منهم في شمال غزة باتوا على شفا المجاعة.
 
يقول المصدر: "لقد فشل القصف السجادي، وفشلت المساعي لخلق حالة من الفوضى بهدف تحريض الناس لكي ينقلبوا على حماس، وكذلك فشل استخدام المجاعة كوسيلة لقهر الناس وكسر إرادتهم. لقد ظنوا قبل ثمانية شهور أنه سوف يسهل عليهم سحق غزة، فهي بلا جيران يهبون لنجدتها، ولا يوجد بها جبال يحتمي بها الناس. ولكن غزة لديها الصمود".
 
تواصل موقع ميدل إيست آي مع وزارة الخارجية الأمريكية، ولكنه لم يتلق رداً منها حتى حين موعد النشر.
الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع