أعربت عضو مجلس التحرير في صحيفة "
نيويورك تايمز" الأمريكية، فرح ستوكمان، عن استيائها من الاعتذارات التي تصدرها دولة
الاحتلال الإسرائيلي في كل مرة تقدم فيها على العدوان على المدنيين وعمال الإغاثة خلال عدوانها المتواصل على قطاع
غزة.
وقالت ستوكمان في مقال لها في الصحيفة الأمريكية، إنها كثيرا ما تقول لابنتها البالغة من العمر 8 سنوات إن قول "آسف" لا يفي بالغرض إذا استمرت في السلوك الذي تعتذر عنه.
وأضافت أنه درس أساسي يتعلمه الأطفال. ومن الواضح أن زعماء العالم يحتاجون إلى تعلم هذه الحقيقة أيضا.
وأشارت إلى أنه بعد مواجهة رد الفعل الدولي على الضربة العسكرية الإسرائيلية التي أدت إلى حرق العشرات من الأشخاص أحياء في خيامهم في مخيم اللاجئين في
رفح الأحد، وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو مقتل (استشهاد) المدنيين بأنه "حادث مأساوي". وأضاف أن حكومته تبذل "قصارى جهدها لعدم إلحاق الأذى بالمدنيين الأبرياء" وأنه سيتم التحقيق في الأخطاء.
ولفتت إلى أن ذلك ذكّرها بالتصريح المماثل الذي أدلى به في نيسان/ أبريل الماضي، بعد أن هاجم جيش الاحتلال الإسرائيلي قافلة من موظفي "المطبخ المركزي العالمي" الذين كانوا قد أفرغوا للتو مساعدات غذائية في أحد المستودعات في غزة.
ووقعت تلك الغارات الجوية القاتلة على الرغم من أن عمال "المطبخ المركزي العالمي" كانوا يقودون سياراتهم في قافلة تحمل علامات واضحة وقاموا بتنسيق تحركاتهم بدقة مع الجيش الإسرائيلي. وبعد احتجاج دولي، أصدر نتنياهو بيانا وصف فيه الوفيات بأنها "حادث مأساوي.. يقع أثناء الحرب".
وأضاف البيان الإسرائيلي آنذاك: "إننا نجري تحقيقا شاملا ونتواصل مع الحكومات. سنفعل كل شيء لمنع تكرار ذلك".
ولكن بحلول ذلك الوقت، أثار العدد الهائل من الهجمات على عمال الإغاثة والمدنيين في غزة الذين يطلبون المساعدة تساؤلات حقيقية حول ما إذا كنا نشهد عمليات قتل متعمدة أو "عدم كفاءة متهورة"، كما أشار كريستوفر لوكيير، المسؤول في منظمة أطباء بلا حدود، بحسب مقال الكاتبة.
وقالت ستوكمان إنه من ناحية عدم الكفاءة المتهورة، كان هناك وقت في كانون الأول/ ديسمبر عندما أطلق جنود إسرائيليون النار على ثلاثة رجال غير مسلحين كانوا يلوحون بأعلام بيضاء - ليكتشفوا أنهم رهائن إسرائيليون تمكنوا من التحرر من خاطفيهم. في ذلك الوقت، أصدر مكتب نتنياهو بيانا وصف عمليات القتل بأنها "مأساة لا تطاق". وتعهد البيان بـ"تعلم الدروس" لضمان عدم تكرار ذلك مرة أخرى.
واختتمت الكاتبة مقالها متسائلة، كم من الاعتذارات ستصدر والتعهد بالتحقيقات قبل أن تنتهي هذه الحرب المرفوضة؟ قائمة الاعتذارات الدولية التي يقدمها نتنياهو في تزايد مستمر. ولكن الهجمات على رفح - والمعاناة التي لا توصف للمدنيين
الفلسطينيين - مستمرة.
ويشن الاحتلال قصفا عنيفا بشكل متكرر على مدينة رفح متعمدا استهداف المدنيين وخيام النازحين، ما أسفر عن مجازر مروعة راح ضحيتها أكثر من 72 شهيدا خلال الساعات الـ48 الماضية، بحسب المكتب الإعلامي في القطاع.
والأحد، قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي خيام النازحين في منطقة تل السلطان شمال غرب رفح الحدودية، ما تسبب في مجزرة مروعة بحق المدنيين راح ضحيتها ما يزيد على الـ45 شهيدا وعشرات الإصابات.
ولليوم الـ237 على التوالي، يواصل الاحتلال ارتكاب المجازر، في إطار حرب الإبادة الجماعية التي يشنها على أهالي قطاع غزة، مستهدفا المنازل المأهولة والطواقم الطبية والصحفية.
ومنذ 6 أيار/ مايو الجاري، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي هجوما بريا عنيفا على مدينة رفح التي تكتظ بالنازحين والسكان، وذلك رغم التحذيرات الأممية والدولية من مغبة العدوان على المدينة الحدودية وأمر محكمة العدل الدولية بوقف الهجوم.
وارتفعت حصيلة ضحايا العدوان المتواصل على قطاع غزة إلى ما يزيد على الـ36 ألف شهيد، وأكثر من 81 ألف مصاب بجروح مختلفة، إضافة إلى آلاف المفقودين تحت الأنقاض، وفقا لوزارة الصحة في غزة.