سياسة دولية

"كل العيون على رفح".. كيف بدأت قصة الصورة التي جابت العالم؟

"كل العيون على رفح" جابت مواقع التواصل الاجتماعي حول العالم- إنستغرام
انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية، صورة لخيام نازحين في منطقة صحراوية، كُتب عليها "كل العيون على رفح".

الصورة التي تم نشرها نحو 50 مليون مرة عبر قصص (ستوري) على منصة "إنستغرام"، وشارك في الترويج لها مشاهير عالميون، تم تصميمها بواسطة الذكاء الاصطناعي.

وجاءت الصورة بعد أيام من "مجزرة الخيام" التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في خيام للنازحين بمدينة رفح جنوب قطاع غزة، وأسفرت عن استشهاد نحوة 45 شخصا بينهم نساء وأطفال.

ماذا يميز الصورة؟
الصورة التي تم تصميمها بواسطة الذكاء الاصطناعي تميزت بتفاصيلها الدقيقة، وتناسقها مع المشهد الحقيقي للنازحين في رفح، مع إضفاء طابع خيالي مثير.

ففي وسط صحراء كبيرة مفتوحة، مغطاة بجبال من الثلوج، وضع مصمم الصورة آلاف الخيام التي تعبر عن النازحين في رفح.

وفي منتصف الصورة كُتبت عبارة بالإنجليزية "كل العيون على رفح" بواسطة الخيام نفسها.

من صمّم الصورة؟
وتتبعت "عربي21" مصدر الصورة، ووجدت أن أول شخص قام بتصميمها ونشرها، هو مصور ماليزي يملك حسابا باسم "shahv4012"، ويهتم بشكل يومي بمستجدات العدوان على غزة.

وقام "shahv4012" بنشر عدة تصميمات مشابهة حول المجازر التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة منذ 7 تشرين أول/ أكتوبر من العام الماضي.

وبعد تحقيقها انتشارا واسعا، قام الحساب ذاته بابتكار تصاميم جديدة تخدم العبارة ذاتها "كل العيون على رفح".


انتشار غير مسبوق
رغم أن الحساب الذي صمم الصورة لا يتابعه سوى 37 ألفا - جلّهم بدأوا بمتابعته بعد نشر الصورة - إلا أن "كل العيون على رفح" حققت انتشارا غير مسبوق، وجابت العالم بأسره.

وشارك في نشر الصورة مشاهير عبر العالم، يتابعهم مئات الملايين، على غرار بيلا حديد، والممثلة الكوميدية الأسترالية سيليست باربر، والممثل آرون بول، وغوستاف سكارسغارد.

وبرزت كذلك مشاركة أبرز لاعبي كرة القدم في مشاركة الصورة مثل: بول بوغبا، ورياض محرز، ومسعود أوزيل، وإريك كانتونا، وعثمان ديمبلي، ومحمد النني. إلا أن النجم المصري محمد صلاح تجاهل المشاركة رغم الأعداد الضخمة من النجوم المشاركين.

سر الانتشار

حول سر انتشار الصورة، ومشاركة المشاهير فيها، قال خبراء إن التصميم المميز للصورة، وتزامنها مع المجزرة الوحشية، ساهم في الانتشار الكبير.

إلا أن السبب الأبرز في دفع المشاهير لمشاركة الصورة، هو عدم احتوائها على أي مناظر لجثث أو دماء، أو دمار، وهو ما يعني أن الخوارزميات الخاصة بـ"إنستغرام" ليس لديها أي مبرر لإزالة الصورة، ومعاقبة ناشريها.

ويعاني مستخدمو مواقع التواصل، لا سيما "فيسبوك" و"إنستغرام"، من الحذف المتكرر لكل مشاركاتهم المتعلقة بالعدوان على غزة، كما تقوم إدارة "ميتا" التي تضم تحت جناحيها "إنستغرام" بالحد من الوصول إلى بعض الحسابات التي تنشر عن غزة بشكل متكرر.

وقال حسين كسفاني، الخبير في "الأنثروبولوجيا الرقمية"، إن "الصورة الأخيرة انتشرت بسرعة كبيرة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن معظم الصور القادمة من غزة هي لجثث أو أطفال وعائلات ينتحبون، والتي يحجم الكثير من الناس عن مشاركتها في قصصهم الشخصية على ’إنستغرام’".

ويشير كسفاني في حديث لموقع "VOX" إلى أن من أسباب الانتشار الكبير للصورة أيضا هو انخفاض الثقة في كل من المنصات الاجتماعية ووسائل الإعلام الرئيسية، والتي يشعر الكثيرون بأنها قمعت الأصوات المؤيدة للفلسطينيين وفشلت في إيصال حقائق الحرب بدقة.

تذكير بحالة "فلويد"
يعيد التفاعل الضخم مع صورة "كل العيون على رفح"، التذكير بالتضامن الواسع مع السود في الولايات المتحدة الأمريكية، في أعقاب قضية قتل رجال الشرطة لجورج فلويد عام 2020.

وبعد قتل فلويد، والاحتجاجات الواسعة التي عمّت الولايات المتحدة، أطلق ناشطون حملة بعنوان "حياة السود مهمة Black Lives Matter".

وحينها، شارك مئات ملايين المستخدمين في مواقع التواصل الاجتماعي بالحملة، إلا أن المختلف عن ما يجري من مجازر في رفح، هو تجاهل المنصات ذاتها للمشاركة.

ففي 2020، تحول شعار كل من "إنستغرام" و"فيسبوك" و"تويتر" وغيرها من الشركات العالمية إلى اللون الأسود تضامنا مع فلويد.

إلا أن "إنستغرام" و"فيسبوك" تحديدا أبدت تحيزا إلى الجانب الإسرائيلي في الحرب على غزة، رغم سقوط أكثر من 36 ألف شهيد فلسطيني جلهم من الأطفال والنساء.