لم تشفع للحاج
الفلسطيني المسن رضوان أبو ندى شيخوخته، ولا صعوبة حركته، من أن يكون هدفا لحقد وإجرام قوات
الاحتلال التي قتله بدم بارد، حين توغلت في
مخيم جباليا وعاثت فيه قتلا وتخريبا على مدار 20 يوما متواصلة، قبل أن تنسحب منه، الأربعاء الماضي، مخلفة وراءها مئات الشهداء والجرحى.
وكشفت شهادات حصلت عليها "عربي21" من المخيم المنكوب عن إعدام قوات الاحتلال للمسن رضوان أبو ندى البالغ من العمر 85 عاما، بعد اعتقاله وتقييد يديه، والتحقيق معه لساعات ميدانيا، رغم سنه المتقدمة وعجزه جزئيا عن الحركة.
اعتقاله من منزله
وفي التفاصيل، كشفت شهادات متطابقة حصلت عليها "عربي21" من مخيم جباليا للاجئين شمال القطاع، أن المسن أبو ندى اعتقلته قوات الاحتلال من منزله وسط المخيم، وقامت بتقييده بسلاسل حديدية، واقتادته إلى ساحة خلف مسجد الخلفاء الراشدين في المخيم، قبل أن تقوم بإعدامه رميا بالرصاص وهو مقيد اليدين.
وذكر الشهود أن أبو ندى يسكن في منزله القريب من شارع الهوجا، وتحديدا على أطراف الحي الذي ارتكبت قوات الاحتلال فيه
مجرزة مروعة وسط المخيم في 31 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
"ساحة الإعدام"
وقال الشهود إن دبابات الاحتلال تمركزت في الساحة الفارغة التي أحدثتها القنابل الأمريكية الثقيلة التي ضربت المنطقة وأحالتها إلى دمار واسع، ومنها انطلقت لتنفيذ عمليات دهم وقصف لما تبقى من المنازل في المنطقة، بينها منزل الحاج رضوان أبو ندى الذي هدمت الجرافات جزءا منه وجرفت بعض الأشجار المزروعة داخله، قبل أن تقوم باعتقاله، ونقله إلى "ساحة الإعدام".
ورجح الشهود أن اعتقال أبو ندى جرى مساء يوم الاثنين 27 أيار/ مايو الماضي، أي قبل انسحاب قوات الاحتلال بيومين فقط من المخيم، حيث أكد أحد الشهود الذين تحدثوا لـ"عربي21" أن المسن كان في منزله حتى هذا التاريخ قبل أن يتم اختفاؤه.
منزل الحاج رضوان أبو ندى الذي اعتقلوه منه أعدموه لاحقا
ولفت شهود عيان إلى أن أبو ندى؛ الذي رفض أن يترك منزله، رغم تقدم دبابات الاحتلال؛ انتشلت جثته أمس الأحد من ساحة خلف مسجد الخلفاء الراشدين، بعد ثلاثة أيام من البحث عنه، حيث وُجد مقيدا بالسلاسل وآثار طلقات نارية في رأسه وأنحاء متفرقة من جسده، وإلى جانبه عدد من الجثث الأخرى يعتقد أنها تعرضت للإعدام أيضا، وتم نقلهم جميعا إلى مستشفى كمال عدوان.
ورضوان أبو ندى الذي عايش النكبة الأولى حين هجر قسرا من قريته "بيت جرجا" عام 1948، كان يعمل مدرسا في إحدى مدارس مخيم جباليا التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا، قبل أن يتقاعد.
منزل الحاج رضوان أبو ندى الذي اعتقلوه منه أعدموه لاحقا
وانسحب جيش الاحتلال الأربعاء الماضي من مخيم جباليا شمال قطاع غزة بعد عدوان بري استمر 20 يوما، مخلفا دمارا واسعا غير مسبوق خاصة في مخيم جباليا، فيما تتواصل عمليات انتشال جثامين الضحايا من الشوارع والأزقة ومن تحت ركام المباني المدمرة.
وصنفت لجنة طوارئ البلديات في قطاع غزة، مدينتي جباليا وبيت حانون منطقتين منكوبتين، نظرا للدمار الهائل الذي حل بهما نتجية العدوان الإسرائيلي، والعمليات العسكرية التي جرت فيهما مؤخرا.
وقالت اللجنة في مؤتمر صحفي، إن الاحتلال دمّر 50 ألف وحدة سكنية وجرف شبكات الصرف والطرقات بمعظم بلديات شمال غزة، مشيرة إلى تدمير 35 بئرا للمياه ومدارس ومرافق للـ"أونروا"، محذرة من مجاعة وشيكة باتت تهدد شمال غزة. في حين قالت مصادر طبية إها انتشلت أكثر من 120 شهيدا حتى الأحد.