أعلنت الخارجية
الإماراتية، نجاح وساطتها بإتمام عملية تبادل أسرى بين أوكرانيا وروسيا، شملت 150 أسيرا، في رابع وساطة تقودها أبو ظبي بين روسيا وأوكرانيا منذ بداية العام الجاري.
جهود الوساطة الإماراتية "نجحت منذ بداية العام الجاري في إتمام ثلاث عمليات تبادل أسرى حرب بين روسيا وأوكرانيا، كما نجحت في ديسمبر 2022 في تبادل مسجونَين اثنين بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الاتحادية".
وتلعب الإمارات دورا منذ اندلاع الصراع الروسي الأوكراني النابع عن مصالحها التي ترفض التنازل عنها من خلال إعادة تصدير البضائع الغربية المحظورة إلى روسيا، ولعب دور الوساطة في تصدير النفط ومشتقاته إلى دول العالم الأخرى، بالإضافة لما تسهم فيه الإمارات عبر إغراءات التجار الروس في تعويض روسيا عن الأسواق الغربية التي خسرتها في الطاقة، وكذلك فك الحصار عن بعض قطع الغيار والسلع التقنية التي حُظر بيعها للشركات الروسية.
الإمارات أصبحت عنصرًا فعالًا في معظم الصرعات والأزمات حول العالم ليس في الحرب الروسية الأوكرانية فحسب، ولكن لها وجود وتأثير في حرب
الاحتلال الإسرائيلي في قطاع
غزة، كما أن دورها موجود وفعال في حرب
السودان، بغض النظر أي الفريقين تدعم، لكن العامل المشترك في تواجد الإمارات في تلك الصراعات هو (المصلحة) أين توجد مكاسبها ليست بالضرورة أن توجد في صف الأشقاء عرب أو مسلمين قد تجد العكس تماما.
الحرب الروسية الأوكرانية
وتعد الحرب الروسية الأوكرانية، التي اندلعت في شباط / فبراير 2022، أحد أهم الصراعات الحديثة التي تهدد الأمن الأوروبي والعالمي؛ بالنظر إلى طبيعة المخاطر والتهديدات التي تنطوي عليها، في ظل إصرار طرفي الصراع روسيا وحلفاؤها من جهة، والكتلة الغربية بقيادة أمريكا من جهة أخرى، على تحقيق أهدافهما من الحرب.
معهد "كارنيغي" الأمريكي للدراسات يرى أن الإمارات تسعى للاستفادة القصوى من العقوبات الغربية على روسيا، حيث ذكرت صحيفة "فاينانشال تايمز" في آذار/ مارس 2023، أن الولايات المتحدة وبريطانيا ودول المجموعة الأوروبية سعت إلى إقناع المسؤولين في الإمارات بخفض تعاملاتهم التجارية مع روسيا، ولكنها لم تفلح في ذلك.
استفادة الامارات
وحسب تقرير نشرته صحيفة "
وول ستريت جورنال"، تصطاد البنوك في الإمارات المواهب من موسكو لإدارة تدفق الأموال الروسية على البلاد، فيما يقبل تجار دبي النفط والذهب الروسي أكثر من أي وقت مضى، كما يغذي المشترون الروس طفرة العقارات في هذه مدينة دبي ويتعاملون غالباً نقداً، خاصة مع قرارات العقوبات الأمريكية والغربية على روسيا.
ومنعت الولايات المتحدة وأوروبا استيراد الذهب الروسي، ولكن هذا المنع لا ينطبق على الإمارات طالما لم يصل إلى بلد يطبق العقوبات.
وارتفع تدفق العملات الأجنبية إلى الإمارات بعد الغزو الروسي، إذ زادت بنسبة 20% كل شهر منذ أيار/ مايو 2022، على أساس سنوي، وفقًا للتقرير بمؤسسة "كابيتال إيكونومكس" في لندن.
وتعد الإمارات وجهة مفضلة لأثرياء روسيا بعد حصار العقوبات الغربية، وكان لافتاً احتفال إيغور سيتشين، وهو أحد المقربين من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بالعام الجديد في نخلة الجميرة، وهي جزيرة اصطناعية قبالة دبي.
وقامت مجموعة من الشركات الناشئة غير المعروفة بنقل موظفيها إلى الإمارات العربية المتحدة لتداول نفط "روسنفت".
بالإضافى إلى أن عشرات الآلاف من الروس انتقلوا إلى الإمارات، حيث أصبح المجتمع الناطق بالروسية واضحا في بلد لا يزيد سكانه على 9 ملايين. ومعظم الروس الذين انتقلوا إلى دبي لم تفرض عليهم عقوبات.
واستوردت الإمارات ما قيمته 4 مليارات دولارا من الذهب الروسي بالفترة ما بين 24 شباط/ فبراير 2022 وآذار/ مارس 2023. وقام بنك دبي الوطني بتصيد المصرفيين من المؤسسات المالية الروسية، وفتح وحدات مخصصة لإدارة المال القادم من روسيا.
وزيرة إماراتية تهاجم حماس في مجلس الأمن
هاجمت
وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي الإماراتية، ريم الهاشمي، في كلمتها خلال جلسة مجلس الأمن الدولي، حركة حماس، واصفة هجماتها يوم السابع من تشرين الأول / أكتوبر ضد مواقع لجيش الاحتلال بـ"البربرية والشنيعة"، مشددة على أن الإمارات تدينها بشدة.
في ذات السياق، نشر الكاتب الإماراتي سالم الكتبي مقالا في
موقع اسرائيل هيوم الصهيوني ومما جاء فيه:
"إن هذه الحرب ليست من أجل استئصال حركة حماس الإرهابية وغيرها من التنظيمات الفلسطينية فقط، بل من أجل استئصال كل الميليشيات من الشرق الأوسط، لأن انتشار هذه الميليشيات يغري الآخرين بتقليد نماذجها".
وأضاف: "لم يكن العالم في حاجة إلى قيام جماعة الحوثي الإرهابية بإطلاق صواريخ وطائرات مسيرة من اليمن باتجاه إسرائيل، ليدرك خطورة الميليشيات الإرهابية وما أحدثته من فوضى واضطرابات ناجمة عن هذه الظاهرة الكارثية، والتي يعد ما يحدث في غزة أحد آثارها"..
في سياق متصل، قال رئيس لجنة الدفاع والداخلية والشؤون الخارجية في المجلس الوطني الاتحادي على راشد النعيمي خلال مؤتمر بالولايات المتحدة لعدد من المنظمات اليهودية، إنه رغم الحرب الإسرائيلية على غزة لن يتم إلغاء اتفاقيات اتفاقيات التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، زاعماً أم هذه الاتفاقيات "
جزء من تاريخنا ومستقبلنا".
تمويل اقتصاد حرب إسرائيل
في الوقت الذي قامت فيه جماعة الحوثي في استهداف السفن التابعة للاحتلال الإسرائيلي أعلنت وسائل
إعلام عبرية أن دفعة أولى من الشحنات التجارية وصلت إلى "إسرائيل" عبر
جسر بري جديد، يمتد هذا الجسر من الإمارات إلى تل أبيب، ويمر عبر السعودية والأردن وصولا إلى ميناء حيفا.
هذا الممر الذي جاء في ظل تهديدات المستمرة وشبه اليومية من قبل الحوثيين الذين أعلنوا أنهم سيستهدفون أي سفن متوجّهة إلى الدولة العبرية، يخفف أعباء إسرائيل، ويخرق الحصار الحوثي.
طوفان الأقصى يفسد مكاسب التطبيع
خسرت الامارات جراء معركة طوفان الأقصى ثمار تطبيع سنوات، وفي خضم تداعيات حرب الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة،
تواجه أبو ظبي تحديًا يتمثل في الحفاظ على توازنها الدقيق، بما يتعلق بالاستثمار مع دولة الاحتلال، فإن الإمارات العربية المتحدة لديها مصالح حيث تعد أبوظبي المستفيد الأكبر من اتفاقيات "أبراهام" في واشنطن، حيث أدى التطبيع مع تل أبيب إلى زيادة النفوذ الإماراتي والقدرة على المناورة.
ومنذ توقيع اتفاقيات "أبراهام"، نجحت الإمارات في جعل صناع السياسة الأمريكيين يغضون الطرف عنها في بعض الملفات لدى احتضانها على سبيل المثال الرئيس السوري بشار الأسد، ولدى تنسيقها المزعوم مع شركة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة في أفريقيا، واتخاذها موقفًا محايدًا نسبيًا بشأن الحرب الروسية الأوكرانية، فضلًا عن التعاون الدفاعي والأمني مع الصين.
كما أن التدفق الثنائي للسلع بين دولة الاحتلال الإسرائيلي والإمارات، باستثناء البرمجيات، تجاوز ملياري دولار في الفترة من كانون الثاني/ يناير، إلى آب/ أغسطس 2023، وفقا لسفير دولة الاحتلال الإسرائيلي في أبوظبي. ودخلت اتفاقية الشراكة الإماراتية مع دولة الاحتلال حيز التنفيذ العام الماضي، حيث خفضت التعريفات الجمركية وتهدف إلى تعزيز التجارة الثنائية إلى 10 مليارات دولار في غضون خمس سنوات.
نفوذ الإمارات في السودان
والأمر لم يختلف كثيرا في وجود نفوذ للإمارات وسط الصراع والحرب في السودان، مما جعل الأجواء متوترة بين دولة الامارات والجيش السوداني الذي يتهم أبوظبي بمساندة قوات
الدعم السريع، حيث تعرضت الامارات في تشرين الثاني/ نوفمبر لاتهام علني، يُعد الأول من مسؤول سوداني، وقال عضو مجلس السيادة السوداني ياسر العطا، إن "الإمارات ترسل إمدادات إلى قوات الدعم السريع، عبر مطار أم جرس التشادي".
وأضاف العطا خلال حديثه أمام مجموعة من أعضاء جهاز المخابرات العامة في أم درمان، أن "المعلومات الواردة إلينا من جهاز المخابرات والاستخبارات العسكرية ومن الدبلوماسية السودانية تشير إلى أن الإمارات ترسل الإمدادات إلى الدعم السريع".
وأكد الخبير في إدارة الأزمات والتفاوض، اللواء السابق بالجيش السوداني، أمين إسماعيل، أن "اتهام عضو مجلس السيادة السوداني إلى الإمارات، لم يصدر من فراغ، وإنما استند إلى أدلة مصدرها ثلاث جهات رسمية، ممثلة في جهاز المخابرات والاستخبارات العسكرية والخارجية السودانية".
من جانبها نقلت صحيفة "
وول ستريت جورنال"عن مسؤولين أوغنديين، عثورهم في 2 حزيران/ يونيو 2023 على "شحنات أسلحة في طائرة، كان يفترض أن تحمل مساعدات إنسانية من الإمارات إلى اللاجئين السودانيين" في تشاد.
الاستثمار الإماراتي وثروات السودان
يوجد في السودان كميات كبيرة من معدن الذهب، ويبلغ مخزون الاحتياط 533 طنًا، بينما هناك 1.117 طنًا من الذهب تحت التقييم. وخلال عام 2021 أنتج السودان أكثر من 85 طنًا من الذهب.
وفي 2022 اشترت الإمارات كل الذهب السوداني، الذي تم تصديره خلال النصف الأول من السنة، بقيمة بلغت حوالي 1.31 مليار دولار. وفي النصف الثاني من نفس العام اشترت الإمارات أيضًا حوالي 21.832 كيلو غرامَا من الذهب الخالص وذلك بزيادة 5 كيلو جرامات عن ذات الفترة في العام الماضي.
ما تفعله الإمارات يساهم في تعزيز مصالحها في السودان للحصول على الذهب والموارد الطبيعية الأخرى، كما أن ما تقوم به من مساندة الدعم السريع يمنحها أيضاً نفوذاً لمواجهة دول مثل مصر والسعودية، وكلتاهما تدعمان الجيش السوداني.
ومن جانبه قال عضو مجلس السيادة الفريق ركن إبراهيم جابر للقناة الرابعة البريطانية حول دعم ابوظبي لقوات الدعم السريع: "تواصلنا مع الإمارات بخصوص دعمهم للميليشيا، وكان ردهم بأن لديهم مناطق تجارة حرة وبإمكان أي شخص نقل الأسلحة عن طريقها وإيصالها لأي مكان".
وكان
السودان قد تقدم بشكوى ضد الإمارات في مجلس الأمن بسبب دعمها لقوات "الدعم السريع" في مواجهة الجيش السوداني، وقال مندوب السودان الدائم في الأمم المتحدة، الحارث إدريس الحارث، إنّه "في 15نيسان/ أبريل 2023، نفّذت قوات الدعم السريع هجوماً واسع النطاق على أهداف سيادية واستراتيجية في العاصمة الخرطوم" بهدف القضاء على مجلس السيادة الانتقالي "ومن ثم استلام السلطة تنفيذاً لأجندة تدخل خارجية".
وأضاف الحارث: "وعندما فشل الهجوم، تحوّلت الميليشيا المتمردة إلى ارتكاب انتهاكات وفظائع بدعم غير محدود من الإمارات العربية المتحدة، فنفذت هجمات ممنهجة ضد الدولة وخربت بنيتها التحتية واستهدفت المدنيين بالقتل والنهب والاغتصاب والتشريد".