استعرض مقال للمحلل "الإسرائيلي" تسفي برئيل نشرته صحيفة "هآرتس" العبرية، ما نشرته صحف أمريكية عن
ضغط أمريكي على
قطر، لتهديد قيادة حماس المقيمة في الدوحة بالطرد إذا لم توافق على المقترح الأمريكي.
ونقل برئيل حديث وزير الدفاع في قطر، خالد بن محمد العطية، في محاضرة القاها في يوم الجمعة في المؤتمر الذي عقد في جامعة هبوسبورس في تركيا حيث قال: "لا تعتقدوا أن مكاتب حماس في قطر ستغلق، ليس لأننا نريد فقط أن تبقى حماس في قطر، بل لأننا نريد التسهيل على المفاوضات مع الطرفين من أجل الوصول إلى حماس بشكل مباشر".
وأضاف، "أن العطية، الذي هو طيار حربي سابق ووزير خارجية سابق، والذي يدمج بين أعماله الشخصية ومنصبه الرفيع، طرح موقف قطر التقليدي الذي يقول؛ إن استضافة حماس لا تستند إلى أسباب أيديولوجية، بل هي لأسباب عملية".
وقال: "للوهلة الأولى، أقوال الوزير تبدو كرد على ما نشر في (وول ستريت جورنال)، الذي مفاده بأنه تحت ضغط واشنطن فإن مصر وقطر حذرت قيادة حماس من طرد قادة الحركة من قطر وستجمد ممتلكات حماس، لكن حتى الآن لم تسمع الردود الرسمية لقطر ومصر على هذا النشر".
وأضاف: "مع ذلك، قطر سبق لها ورمزت في شهر تشرين الثاني/ أكتوبر بأنها ستكون مستعدة لإعادة فحص علاقتها مع حماس، دون التطرق إلى قضية إغلاق مكاتبها، ومرة أخرى في شهر نيسان/أبريل عندما أوضح وزير خارجية قطر، محمد بن عبد الرحمن الثاني، بأنه على خلفية الصعوبات التي تواجهها المفاوضات والهجمات على قطر من أعضاء كونغرس أمريكيين، فإن قطر ستعيد فحص مشاركتها في الوساطة".
وتابع: "هذه الأقوال التي أثارت عاصفة تم تفسيرها كنيّة لإبعاد قيادة حماس من قطر، بعد فترة قصيرة نشر أن إيران توجهت إلى سوريا وطلبت دراسة استيعاب
قادة حماس الذين سيتم طردهم من قطر، لكن سوريا رفضت ذلك بشكل قاطع".
وأشار إلى أن "هناك شكّا إذا كانت هذه الخطوة ستؤثر على
السنوار، الذي هو ليس من قيادة حماس الخارج، يمسك بيديه المخطوفين، ومن ثم القرار الفعلي على مصير المفاوضات لإطلاق سراحهم وعلى مستقبل حماس".
وقال برئيل؛ "إن السنوار قلب التركيبة الهرمية لقيادة حماس رأسا على عقب، فقد نجح في استخدام الحرب واختطاف جنود إسرائيليين ومدنيين، ليس فقط من أجل إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين أو التوصل إلى وقف كامل لإطلاق النار، بل هو دفع قيادة حماس السياسية إلى مكانة ثانوية، مكانة مبعوثين ووسطاء يعتمدون عليه".
واستدرك، "أن (ترتيب العمل) هذا الذي يمليه السنوار وضع في الظل أيضا مجلس الشورى لحماس، الجسم الأيديولوجي المخول باتخاذ القرارات الاستراتيجية والسياسية والعسكرية، الذي هو أيضا قام بتعيين السنوار كرئيس للمكتب السياسي لحماس في
غزة، وصالح العاروري الذي تمت تصفيته في كانون الثاني في بيروت كمسؤول عن الضفة، وصادق على تولي هنية رئاسة المكتب السياسي لحماس.
وبحسب برئيل، "فإن نقل مكان إقامتهم يمكن فقط أن يصعب على ترتيبات الاتصال مع السنوار، لاسيما إذا اضطرت هذه القيادة إلى العثور على ملجأ في إيران أو الجزائر أو ماليزيا، كما قال وزير الدفاع القطري".
وتابع: "صحيح أن جزءا من نشاطات الوساطة يجري في فرنسا وفي مصر وفي تركيا، وزعماء حماس يمكنهم مواصلة إجرائها حتى لو لم يكونوا في قطر، لكن العلاقة المباشرة بين القيادة في قطر والمنظمة، يوجد لها أهمية كبيرة بسبب التجربة التي راكمتها قطر في الأشهر الثمانية الأخيرة، أو بفضل العلاقات القريبة التي بنيت مع ممثلي إسرائيل والولايات المتحدة".
مهمة بلينكن
في المقابل، بالتحديد قطر رغم الموقف الفعال الذي قدمه وزير دفاعها، فإن لها مصلحة في الاستمرار باستضافة قيادة حماس للحفاظ على مكانتها كوسيط، طالما أنها تقدر على إيجاد فرصة لعقد صفقة تشمل إطلاق سراح الأسرى وإنهاء الحرب، بحسب برئيل.
وأضاف: "قطر تتمتع منذ العام 2022 بالمكانة الرسمية كحليفة كبيرة للولايات المتحدة، رغم أنها ليست عضوة في الناتو، وقد حصلت على هذه المكانة من خلال سلسلة مبادرات الوساطة الناجحة التي شملت، ضمن أمور أخرى، الاتفاق الذي تم التوقيع عليه بين الولايات المتحدة وطالبان حول ترتيبات انسحاب الجيش الأمريكي من أفغانستان، واتفاق تبادل الأسرى بين الولايات المتحدة وإيران، وتقديم خطة لحل الصراع الدموي في التشاد".
وأردف، "أن جهود الوساطة بين الولايات المتحدة وإيران لم تثمر حول الاتفاق النووي الجديد، ومؤخرا نشطت بشكل كبير في الجهود لحل الأزمة السياسية الخطيرة في لبنان، وأصبحت وساطة قطر في الصراعات الإقليمية أمرا استراتيجيا".
والأمر المهم بالنسبة للإدارة الأمريكية على خلفية لامبالاة أو عجز دول عربية أخرى، مثل مصر أو الإمارات أو السعودية، ومن ثم فإن قرار ترحيل قادة حماس سيتم تفسيره كاستسلام قطر في قضية غزة، وأيضا يمكن أن يضر بالسجل والمكانة التي حصلت عليها بجهود كبيرة، وقد يضر بعلاقاتها مع الولايات المتحدة، لا سيما أنه تم إدراجها في قائمة الأهداف لأعضاء في الكونغرس، الذين يطالبونها باستخدام المزيد من الضغط على حماس، ويدفعون الرئيس بايدن إلى إعادة النظر في علاقاته مع قطر".
وذكر برئيل، "أن مشكلة إسرائيل والولايات المتحدة ليست هي ثقل الضغط الذي يمكن أن تستخدمه قطر على قيادة حماس الخارج، بل على الطاولة يوجد صفقة متفق عليها، يجب أن يصادق عليها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ويحيى السنوار، وليس قطر أو إسماعيل هنية".
ومضى قائلا: "عندما يصل وزير الخارجية الأمريكي غدا إلى المنطقة للمرة الثامنة منذ اندلاع الحرب، فإن مهمته لن تكون فحص كيف يمكن لقطر ليّ ذراع السنوار، بل لإقناع نتنياهو بالموافقة على الخطة التي سبق وصادق عليها، وأن يعمل على إنهاء الحرب وتطبيق خطة لإدارة القطاع".
وأشار "إلى أنه قبل عملية تحرير المحتجزين الأربعة، فإن حماس أعلنت بأنها سترسل يوم السبت الرد المكتوب على الاقتراح، حيث الطلب الرئيسي فيه هو إنهاء الحرب، والحصول على تعهد أمريكي مكتوب بأنها ستكون هي المسؤولة عن تنفيذ هذا الطلب".
"ومن غير الواضح الآن هل أرسلت حماس الرد وكيف ستؤثر عملية الإنقاذ على موقفها، ولكن اتفاق وقف إطلاق النار، حتى لو تم التوصل إليه، فإنه لا يحل القضية المتعلقة به بشكل وثيق، التي تتعلق بالإدارة المدنية في غزة"، وفقا لبرئيل.
وعزا برئيل ذلك، كون المرحلة الأولى في الاتفاق تشمل انسحاب الجيش الإسرائيلي من التجمعات السكانية في القطاع، في الوقت الذي ما زالت فيه إسرائيل ترفض السماح لممثلي السلطة الفلسطينية بإدارة ولو منظومة المساعدات الإنسانية، أو تشغيل الطرف الغزي في معبر رفح".
وختم: "إذا كانت هناك أداة ضغط حقيقية على السنوار، فهي تكمن في الإدارة البديلة التي سيتم تشكيلها في غزة، وليس في السكن المحمي الموجود لهنية في قطر، أو الذي سيتم عرضه عليه في دولة أخرى".