ما زالت الحلبة السياسية والحزبية
الإسرائيلية تعيش حالة من ردود الفعل على استقالة رئيس حزب الدولة بيني
غانتس، بين مؤيد ومعارض، فيما دعاه رئيس الحكومة بنيامين
نتنياهو إلى البقاء فيها، بزعم أن هذا "ليس الوقت المناسب للتخلي عن الحرب وأن الباب سيبقى مفتوحا أمام أي حزب صهيوني".
وأوردت مراسلة الشؤون الحزبية بصحيفة "
يديعوت أحرونوت"، موران أزولاي، جملة من ردود الفعل كان أسرعها وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير الذي بعث برسالة لنتنياهو، طالبه فيها بدخول مجلس الحرب، عقب
استقالة غانتس، بزعم أنه لم يعد هناك مبرر لإقصاء شركائه وكبار وزرائه.
أما الحاخام آرييه درعي، رئيس حزب شاس، فقد عبر عن أسفه للاستقالة خلال حالة الطوارئ، قائلا إن "التهديدات كثيرة والجنود يقاتلون والوحدة الداخلية أمر بالغ الأهمية للدولة التي أمامها مهام مصيرية، وهذا ليس الوقت المناسب للمشاحنات السياسية، أو لحملة انتخابية من شأنها أن تقسم الإسرائيليين".
وأضافت الصحيفة في تقرير ترجمته "عربي21" أن عائلات المختطفين في غزة ردت على استقالة غانتس بالقول إنها لا ينبغي أن تغير الواقع، فصفقة التبادل لا تزال مطروحة على الطاولة، وهي وحدها القادرة على إعادة جميع المختطفين، وعلى رئيس الحكومة وأعضائها تحمّل المسؤولية الأخلاقية للموافقة على الصفقة، والدولة "لن تغفر للقادة الذين تخلوا عن المختطفين في أنفاق حماس".
وجاء تعليق وزير المالية بيتسلئيل سموتريتش أنه "ليس هناك عمل أقل سخافة من الانسحاب من الحكومة أثناء الحرب، عندما تتزايد التهديدات في الشمال، ولا يزال المختطفون يموتون في أنفاق حماس، وعشرات الآلاف من المستوطنين خارج منازلهم".
وأشارت الصحيفة أن "زعيم المعارضة يائير لابيد اعتبر أن قرار غانتس بمغادرة الحكومة الفاشلة مهم وصحيح، وقد حان الوقت لاستبدالها بحكومة عاقلة، تؤدي إلى عودة الأمن للإسرائيليين وعودة المختطفين واستعادة الاقتصاد والمكانة الدولية للاحتلال، فيما رأى رئيس حزب إسرائيل بيتنا أفيغدور ليبرمان، أن تأتي الاستقالة متأخرة أفضل من ألا تأتي أبدا، وقد حان الوقت لتشكيل ائتلاف صهيوني".
فيما اعتبر زعيم حزب العمل الجنرال يائير غولان، أن قرار غانتس "مهم وضروري بالفعل، لكنه متأخر، وقد فات الأوان، وسمحت نواياه لنتنياهو بشراء الوقت، وزرع المزيد من الدمار والخراب".
وأوضحت الصحيفة أن "وزير القضاء ياريف ليفين وبّخ غانتس"، واصفا تصرفه بالعمى السياسي، وأنه "غلب الاعتبارات الحزبية على الارتقاء إلى خطورة اللحظة، واختار اتباع لابيد والتخلي عن الحكومة في منتصف الحرب". فيما اتبع رئيس لجنة الشؤون الخارجية والأمن، عضو الكنيست يولي إدلشتاين، لغة أكثر ليونة بقوله إنه "يأسف لانسحاب غانتس من تحالف الطوارئ، وهذه ساعة الوحدة، وإن تشكيل حكومة موسعة هو أمر مهم اليوم في ضوء التحديات العديدة التي تواجه الدولة".
أما منظمة "إخوة السلاح" فاعتبرت استقالة غانتس خروجا من "حكومة الخراب، وتأييدا للصوت العاقل، لأن الدولة تخضع لقيادة غير شرعية تجلب الدمار لها، ليس لديها خطة عمل على كل الجبهات، لقد مضى وقتها، وسيستيقظ الشارع، وسيعود التفويض إلى الشعب الذي لا يستحق حكومة جبناء، الآن أكثر من أي وقت مضى، من المهم النزول إلى الشوارع".
ونقلت صحيفة "
معاريف" عن الجنرال نوعام تيفون تقييمه لانسحاب غانتس بالقول إنه "من وجهة نظر استراتيجية، ستظل الدولة غارقة في الوحل دون قرار حاسم للغاية، بعد فشلها الذريع في السابع من أكتوبر، وفي رأيي أن غانتس فعل الصواب، وكتب خطاب الاستقالة، أعتقد أنه فعل شيئا جيدا بالانسحاب من الحكومة".
وأضاف في مقابلة ترجمتها "عربي21" أن "غانتس كان يجب عليه القيام بذلك منذ وقت طويل، منذ اللحظة التي أدرك فيها أن نتنياهو يقودنا ليس وفقا لاحتياجات الدولة، بل لرغباته الشخصية والحزبية، وكان ينبغي أن ينسحب منذ زمن طويل، حالما أدرك أنه ليس له تأثير على سير الحرب، واليوم أعتقد أن عجلة قيادة الدولة في أيد أقل أمانا، وضعنا الاستراتيجي ليس جيدا، ونتنياهو يعتمد أكثر من أي وقت مضى على سموتريتش وبن غفير".
وزعم مراسل الشؤون الحزبية بصحيفة "
إسرائيل اليوم"، ماتي توكفيلد، أنه "لمدة ربع ساعة لم يتمكن غانتس من إصدار بيان متماسك يوضح سبب انسحابه الآن، لكن الثابت أن وضعه السياسي قد انهار، بعد أن فشل في إخراج عبارة واحدة متماسكة من فمه تفسر خطوته بالاستقالة، مع العلم أنه أرادها منذ فترة طويلة، لكن الحرب استمرت، وظلت مقترحات صفقات التبادل تتراكم على الطاولة، وبعيون دامعة، رأى أسهمه تنخفض، لكنه لم يتمكن من الخروج في الوقت المناسب".
وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أن "غانتس سيغادر، لكن الحكومة باقية، أعضاء الكنيست الأصليون الذين يشكلونها ليسوا في عجلة من أمرهم لفتح صناديق الاقتراع، مع أن توقيت انسحاب غانتس اليوم هو خطوة للتقليل من الضرر المترتب عليه بعد أن رأى حظوظه آخذة في الهبوط بالفعل، وهو المعروف دائما بخضوعه للمتظاهرين والحركات الاحتجاجية".
وأكدت محللة الشؤون السياسية في "
القناة 12"، دفنا ليئيل، أنه "بعد يوم واحد، وفي نهاية ثلاثة أسابيع من الإنذار الذي أصدره، أعلن غانتس، انسحابه من الحكومة، ومن غير المتوقع أن يتسبب رحيله بزعزعة الائتلاف الذي يضم 64 مقعدا، لكن يبدو على المدى الطويل أن تقاعده سيخلق صعوبات أمام الحكومة التي واجهت على أي حال الكثير من الانتقادات من الداخل والخارج حتى قبل استقالته".
وأضافت في تقرير ترجمته "عربي21" أن "أجندة الحكومة ستبدو مضغوطة مع انسحاب غانتس، خاصة في مجلس الوزراء الحربي المحدود، الذي أدار الحرب فعليا بعد تشكيل حكومة الطوارئ، والآن سيتعين على نتنياهو أن يقرر ما إذا كان سيتخلى عنه، بحيث تبقى الحكومة الموسعة هي الوحيدة التي تقرر مستقبل الحرب، وإذا احتفظ به فسيكون بعضويته ووزير الحرب فقط، ويمكنه إضافة آخرين مثل بن غفير وسموتريتش".
ورجحت أن " استقالة غانتس ستؤدي إلى زيادة احتجاجات الشارع ضد الحكومة، مع صعوبة تقدير مدى تأثيرها وحدها عليها، حتى لو زادت بشكل كبير، لكن من الواضح أن المعارضة ستكثف جهودها لإيجاد شروخ في الليكود لمحاولة تمرير قانون حلّ الكنيست، ما يستدعي منها توفير خمسة أعضاء كنيست منه، وهي خطوة غير متوقعة، لكن في المقابل سيكون من الصعب للغاية على حكومة أحادية الجانب أن تتصرف في الوضع السياسي الحالي في ظل مناخ أمني معقد، وضغوط من اتجاهات مختلفة قد تؤثر على أعضائها".
وأوضحت أن "استقالة غانتس تأتي على خلفية المواجهة الصعبة للغاية التي تواجهها إسرائيل على الساحة الدولية، خاصة على صعيد محكمة الجنايات في لاهاي، ويبدو أن استقالة غانتس لن تساعد الحكومة في هذه الساحة، وليس من المستبعد أن يرى العالم مع مرور الوقت سببا آخر للمطالبة بنزع شرعية الحكومة في ما يتعلق بعلاقاتها مع الولايات المتحدة، غير الراضية عن سلوك نتنياهو، وقد يؤدي انسحاب غانتس إلى توسيع الخلاف المتشكّل فعلاً معها".