نشرت صحيفة "
لوموند" الفرنسية، تقريرا، تحدّثت فيه عن تأثير حملة
المقاطعة ضد الشركات المتهمة بدعم دولة الاحتلال الإسرائيلي، خاصة بعد ما أظهرته النتائج الفصلية لمقاهي ستاربكس ومتاجر ماكدونالدز في عدد من الدول العربية، من انخفاض في المبيعات.
وقالت الصحيفة، في
تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن هذه الشركات المتهمة بدعم الاحتلال الإسرائيلي تعاني من آثار حملة المقاطعة التي تحظى بشعبية كبيرة في المنطقة العربية.
وذكرت الصحيفة أن دعم واشنطن غير المشروط للاحتلال الإسرائيلي في عدوانه على
غزة، أودى بحياة أكثر من 37 ألف شخص حتى الآن، ما يثير موجة من الغضب والسخط. وتدفع سلسلة ستاربكس الثمن منذ رفعها دعوى قضائية على اتحاد نقابات العمال المتحدين، لنشره رسالة تضامن مع فلسطين على شبكات التواصل الاجتماعي.
وبدورها أعلنت مجموعة الشايع الكويتية، التي تدير امتيازات ستاربكس في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، عن تسريح ألفي موظف نتيجة تراجع المبيعات. كما أعلنت الشركة الأم عن انخفاض صافي الربح الفصلي بنسبة 15 في المئة، واعترف مديرها العام بأن هذا الأداء الضعيف ناتج عن الانخفاض الكبير في المبيعات بالولايات المتحدة والشرق الأوسط، وأنه نتيجة "تصور خاطئ مرتبط بالحرب الإسرائيلية على غزة".
تغيير سلوك المستهلكين
ذكرت شركة ستاربكس أنها لا تمتلك "أجندة سياسية" وأنها ترفض "استخدام أرباحها لتمويل عمليات حكومية أو عسكرية في أي مكان"؛ وقد يدوم الضرر الذي يلحق بسمعة الشركة لفترة طويلة.
وفي محاولة لإصلاح صورتهما، أعلنت كل من ستاربكس الخيرية ومجموعة الشايع التبرع بمبلغ 3 ملايين دولار إلى منظمة "المطبخ العالمي" من أجل توفير مليون وجبة في قطاع غزة المحاصر.
وأشارت
الصحيفة، إلى أن العلامات التجارية الأخرى تكافح لنفس الأسباب. فعلى سبيل المثال، عانت مجموعة أمريكانا، التي تدير امتيازات الشرق الأوسط لسلاسل الوجبات السريعة مثل "هارديز" و"كنتاكي" و"بيتزا هت" من انخفاض أرباحها الفصلية بنسبة 50 في المئة تقريبا، منبهة إلى أن سبب ذلك "التوترات الجيوسياسية المستمرة في الشرق الأوسط".
وفي شباط/ فبراير، أعلنت شركة ماكدونالدز عن فشلها في تحقيق أهدافها الربحية للمرة الأولى منذ 4 سنوات، بسبب تضرر مبيعاتها بشدة في الشرق الأوسط، خاصة بعد أن قدمت فروعها في دولة الاحتلال الإسرائيلي وجبات مجانية للجنود الإسرائيليين.
وفي نيسان/ أبريل، أعلنت شركة ماكدونالدز عن نيّتها في شراء جميع العلامات التجارية الإسرائيلية من شركة ألونيال. وقد عانى أصحاب الامتيازات في الدول العربية من هذه الحملة في دولة الاحتلال الإسرائيلي، على الرغم من الجهود المبذولة لفصل أنفسهم عنها. ويظهر ذلك في إعلان شركة ماكدونالدز السعودية أنها سوف تتبرع بمبلغ 500 ألف يورو للجمعيات الإنسانية في قطاع غزة.
ونقلت الصحيفة، عن الباحثة، ستيفاني هوشير علي، من المجلس الأطلسي للأبحاث، أن قادة الأعمال في الشرق الأوسط قلقون بسبب "السّخط تجاه السياسة الأمريكية، التي يُنظر إليها على أنها غير أخلاقية وتضر بقدرة المنطقة على التطور الاقتصادي؛ خاصة في ظل تغيير السلوك الاستهلاكي بالنسبة للكثيرين في الشرق الأوسط، وهو الذي يُعتبر الطريقة الأكثر فعالية للتعبير عن المواقف السياسية والأخلاقية".
مسح الباركود
أضافت ستيفاني هوشير، أنه "في دول الشرق الأوسط، حيث يتم تقييد الاحتجاجات بشدّة، ويمكن أن تكون عواقب تنظيمها وخيمة، تُعتبر مقاطعة العلامات التجارية الأمريكية طريقة منخفضة المخاطر لإظهار الغضب بشكل جماعي بخصوص الوضع في غزة ودعم الولايات المتحدة لإسرائيل".
وحسب
الصحيفة، أطلِقت تطبيقات لمساعدة المستهلكين على اكتشاف العلامات التجارية التي لها علاقات بدولة الاحتلال الإسرائيلي وذلك عن طريق مسح الرموز الشريطية على منتجاتها، ويتم أيضا نشر قوائم الشركات المطلوب مقاطعتها، وغالبا ما تكون هذه القوائم أكثر شمولا من تلك التي تقدمها حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات.
انطلقت حملة المقاطعة سنة 2005 على غرار حركة المقاطعة ضد الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، بين ستينيات وتسعينيات القرن الماضي، التي تدعو إلى مقاطعة المنتجات والخدمات الإسرائيلية وسحب الاستثمارات في شركات البلاد وفرض عقوبات على الحكومة لإنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية.
كذلك، سبق لها أن خصت بالذكر شركة كوكا كولا لأنها تدير مصنعا في مستعمرة عطروت بالضفة الغربية المحتلة وشركة بيبسيكو بعد استحواذها على شركة صودا ستريم الإسرائيلية، بالإضافة إلى العديد من الشركات الأخرى.
وتعد سلاسل الوجبات السريعة وشركات الأغذية الأهداف الأولى لحملة المقاطعة، خلافا لشركات مثل غوغل وأمازون وأوراكل التي لم تتأثر إلا قليلا حتى الآن رغم أن حركة المقاطعة حددتها على أنها مرتبطة بدولة الاحتلال الإسرائيلي.
وعلى خلفية حملات المقاطعة التي أثرت على مبيعات كوكا كولا وبيبسي، ازدهرت في الشرق الأوسط بدائل محلية مثل "جلول" و"زي كولا" في لبنان، و"ماتركس كولا" في الأردن، و"سبيرو سباتس سور" في مصر.