قالت
صحيفة معاريف، إن هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر، والعدوان على
غزة، غيرا المشهد العقاري في دولة
الاحتلال بصورة غير
مسبوقة، والعواقب ستكون بعيدة المدى حتى بعد انتهاء العدوان.
وقال الكاتب نير
شموئيل، في تقرير ترجمته "عربي21"، إن المشهد العقاري بات في وضع لم
يسبق له مثيل حيث تم إخلاء المنطقة الجنوبية من سكانها لفترة طويلة جدا وتغيرت
ملامحها.
وأشار إلى أن الوضع في
مدن الشمال أكثر صعوبة، ولا تلوح النهاية في الأفق حتى الآن. وقد غادر حوالي مائة
ألف ساكن المدن والمستوطنات الرئيسية في الشمال نظرا للقصف المستمر من حزب الله
الذي يستهدف باستمرار
المستوطنات والمدن الشمالية، مما يدمر المباني بشكل كبير
ويحوّل المناطق القريبة من الحدود الشمالية إلى مدن أشباح.
ويقيم معظم السكان
الذين تم إجلاؤهم من الشمال في فنادق ومساكن مؤقتة ولا يبدو أن العودة إلى منازلهم
ستكون في الأفق القريب حتى يتم التوصل إلى حل سياسي أو عسكري للوضع في الشمال.
وذكر أن لهذه
التغييرات تداعيات عديدة أولها فرض ضغوط إضافية على أسعار العقارات في وسط البلاد
بسبب تدفق السكان من الجنوب والشمال بحثا عن حلول سكنية مؤقتة في وسط البلاد
والشارون.
ولفت إلى أن هذا الوضع
يؤدي إلى زيادة التركز السكاني في وسط إسرائيل بكل ما يترتب عن ذلك من آثار، بما
في ذلك الطلب الكبير على العقارات للإيجار والشراء في منطقة تعاني بالفعل من نقص
في الأراضي وارتفاع الأسعار سنويا بسبب العرض المنخفض والطلب العالي. بالإضافة إلى
ذلك، تتسبب فرص العمل والتعليم والصحة والثقافة وغيرها في جذب الناس من جميع أنحاء
الدولة للإقامة في وسط البلاد مقارنة بالشمال والجنوب.
ووفقا للتقديرات
والاستطلاعات والأبحاث الأولية التي أُجريت في الأشهر الأخيرة، فإن حوالي 13-15
بالمئة من السكان الذين تم إجلاؤهم اتخذوا قرارا بعدم العودة إلى مستوطناتهم
السابقة، وبعضهم اشترى عقارات في مناطق أخرى في فلسطين المحتلة. وهناك مجموعة أخرى
من 15-20 بالمئة من المستطلعين يفكّرون في هذا الاحتمال، لكنهم لم يتخذوا قرارا
نهائيا بعد.
وأشار الكاتب إلى أن
بعض الذين تم إجلاؤهم قد فقدوا وظائفهم، سواء كانوا موظفين أو يعملون لحسابهم
الخاص، بسبب التغيير في منطقة السكن. بالإضافة إلى ذلك، أُغلقت بعض الأعمال،
واستقال بعض الموظفين أو تم فصلهم خلال هذه الفترة بسبب البعد الكبير بين مكان
السكن السابق والحالي. وعندما لا يكون هناك مكان عمل، فإن السكن أيضا قد يتغير من
حيث الموقع الذي سيعيش فيه العمال في المستقبل.
وأورد أن العديد من
العقارات التي تم شراؤها للاستثمار قبل الحرب، خاصة في مدن الشمال مثل كريات شمونة
ومستوطَنات أخرى، خالية. من ناحية، لا يستطيع مالكو العقارات تأجير الشقق للآخرين
نظرا للوضع الأمني بينما تستمر دفعات الرهن العقاري بالتدفق. ومن اشترى عقارا
للاستثمار وكان عنوانه في السجلات في مكان آخر في البلاد، يُعتبر غير مُجلَى،
وبالتالي لا يستحق دفعات من الدولة بسبب الإجلاء ويواجه وضعا صعبا.
وهذا هو الحال أيضا
بالنسبة لأصحاب المتاجر والمراكز التجارية الذين في وضع مشابه، حيث أن بعضهم أخذ
قروضا لشراء العقار الذي لا يزال خاليا وبموجب العقود يجب عليهم الوفاء بجميع
الدفعات الجارية بما في ذلك الرهون العقارية والقروض التجارية، دون أن يكون لديهم
دخل جارٍ.
وأضاف الكاتب أن هناك
ركودا في العديد من المستوطنات التي تم إجلاؤها في الجنوب والشمال، حيث لا يوجد
مشتر ولا بائع، ولا مستأجر ولا مؤجر، وكل السوق متوقف. هذا الوضع قد يؤدي في فترة
قصيرة إلى انخفاض أسعار العقارات في المدينة بسبب الدفعات المستمرة لتغطية القروض.
ولسنوات عديدة، كانت الدولة تعتبر المناطق الطرفية مناطق ذات أولوية وطنية من حيث
الامتيازات الضريبية والاستثمارات الوطنية. لكن ماذا يحدث اليوم عندما لا تكون
هناك أطراف؟ عندما ينتقل سكانها إلى مناطق أخرى؟ ما هي الأهمية المستقبلية لهذه
الخطوة؟ هل تعطي الدولة اهتماما لهذا الأمر؟
وأشار إلى أن الوضع
الحربي مكلف. ووفقا للتقديرات الاقتصادية، تقدر تكلفة الحرب حتى الآن بـ 500-550
مليار شيكل، وهو ما يتجاوز الميزانية السنوية للدولة. ستضطر الدولة قريبا إلى فرض
تدابير تقشفية على الجمهور، وخاصة رفع الضرائب وتقليص النفقات الحكومية بشكل كبير،
مما يعني تقليل الخدمات التي تقدمها لمواطنيها، بالإضافة إلى أن نفقات الأمن
ستزداد بشكل كبير في السنوات القادمة نظرا للتحديات الأمنية التي نواجهها.
وتساءل: "كيف
ستستثمر الدولة في ظل هذه البيانات موارد اقتصادية ضخمة في المناطق الشمالية
والجنوبية والمستوطنات التي تم إجلاؤها لإعادة إعمارها؟ والأسئلة تتعلق بجوانب
العقارات والمنازل التي دُمرت، وكذلك بالجوانب المجتمعية المطلوبة. وهل سيكون هناك
عدد كاف من المعلمين الذين يرغبون في تعليم الأطفال، أو الأطباء الذين يرغبون في
العودة إلى العيادات؟ والكثير من الأسئلة دون إجابات".
وأشار الكاتب إلى أن بعض المستوطنات، خاصة في الجنوب وكذلك في الشمال، لم تعد صالحة للسكن، وبعض
المجتمعات اختارت منازلها الجديدة في مناطق أخرى. فمن سيأتي بدلا منهم؟ هل هناك
خطة بديلة لدى الدولة؟ هل ستشمل هذه الخطة مجموعات "النحال" التي ستعيد
توطين المستوطنات كما كان الحال في الماضي، أم مجتمعات أخرى؟ هل سيكونون من
الدينيين القوميين؟ أعضاء الكيبوتسات من مناطق أخرى؟ مجموعات دينية؟ حريديم؟
علمانيين؟ مستوطنين؟ لكل قرار من هذا النوع أهمية كبيرة من الناحية الاجتماعية،
المجتمعية، السياسية وغيرها. هل يهتم أحد بهذا الأمر؟ هل يتجه أحد نحو اتجاه معين؟
الإجابات عند الدولة.
وتساءل عما إذا كان
من الممكن أن ينبثق الأمل من أكبر أزمة في تاريخ إسرائيل، أمل عقاري. وهو يرى أنه
يمكن إعادة إحياء المستوطنات التي تم إجلاؤها، واستيطان مناطق جديدة في محيط غزة
والشمال التي لم تُستَوطَن من قبل، وتوسيع المجالين الشمالي والجنوبي كهدف وطني.
ستكون هذه الإجابة المثلى لرغبة أعدائنا في تقليصنا، حرفيا ومجازيا، في دولتنا.
وتابع: "يسعى
أعداؤنا إلى جعل إسرائيل دولة صغيرة وأضعف من الناحية العقارية كجزء من خطتهم
طويلة الأمد لإلقاء اليهود في البحر يجب أن تكون الإجابة في توحيد الصفوف بين جميع
طبقات المجتمع الإسرائيلي، وتحديد رؤية مشتركة للمستقبل، وخلق مستقبل عقاري جديد
في المناطق التي تقلصت حاليا بهدف توسيعها في المستقبل كجواب مناسب لمن يريدون لنا
الشر".
وشدد على أن مستوطنات
كاملة بما في ذلك الكيبوتسات لم تعد صالحة للسكن ومجتمعات كاملة اضطرت إلى مغادرة
منازلها بعد الدمار الهائل في المستوطنات والمأساة الفظيعة التي شملت القتلى
والمختطفين والتي لا تزال مستمرة.
كما أن مجتمعات كاملة
في هذه المناطق غادرت منازلها وتعيش حاليا في مستوطنات أخرى كمجتمع أو كأفراد. جزء
كبير من سكان المستوطنات في هذه المنطقة الجغرافية لم يتأثروا بمستوى مماثل من
حملات القتل في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، لكنهم واجهوا أضرارا عقارية
"سطحية" في القرى ومدن الجنوب ومحيط غزة. وقد عادوا إلى منازلهم
ويحاولون بناء حياتهم من جديد.