اقتصاد عربي

معلومات مثيرة عن أزمة الغاز والكهرباء.. كيف أهدر السيسي موارد مصر؟

كانت الحكومة المصرية تحلم بأن تكون مصدرا لتصدير الكهرباء والغاز المسال بالشرق الأوسط- جيتي

مع استمرار انقطاع التيار الكهربائي عن المنازل المصرية لأكثر من ثلاث ساعات يوميا خلال الأسابيع الماضية، جاء تلويح النظام المصري بالاتجاه إلى زيادة الأسعار كأحد الحلول لضمان إمداد كهربائي مستقر، ليعيد أزمة الكهرباء المستعصية إلى الواجهة، مجددا.

يرى خبراء أن أزمة انقطاع التيار الكهربائي في مصر تعود إلى عدم استعداد الحكومة للتعامل مع الاستهلاك الكبير للكهرباء في فصل الصيف٬ خاصة مع تزايد درجات الحرارة إلى مستويات غير مسبوقة. ويأتي هذا في ظل حديث النظام المصري عن تجاوز أزمة قطع الكهرباء ببناء عدد من المحطات٬ بالإضافة إلى اكتشافه حقول للغاز في البحر المتوسط مما سيجعله مركزا لتصدير الغاز المسال لأوروبا.

كشف الخبير الاقتصادي المصري، محمد أحمد فؤاد٬ عن قيام الحكومة بإهدار المال العام في شراء شحنات الغاز المسال الأخيرة، من أجل تفادي مشكلة قطع الكهرباء، وتوقّف المصانع، مؤكّدا أن هذا جانب من جوانب أزمة التخطيط والإدارة في البلاد، والتي تطال كل شيء، حتّى الكهرباء.


وبحسب مصادر تجارية، الأربعاء الماضي٬ فإن مصر أرست مناقصات لعشرين شحنة من الغاز الطبيعي المسال، في أكبر عملية شراء للوقود المنقول بحرا، بهدف تغطية الطلب الصيفي الكبير في الفترة من تموز/ يوليو إلى أيلول/ سبتمبر القادم.

وكتب فؤاد، عبر صفحته الرسمية في موقع التواصل الاجتماعي "إكس"، الجمعة: "بالنسبة للشحنات التي تمت ترستيها أمس الأول من الغاز المسال. السعر المتداول للترسية 13.4 دولار ويعكس ارتفاع سعر الغاز خلال الثلاثة أشهر الماضية عالميا".

وأضاف: "وأيضا يحتوي على علاوات عن سعر السوق٬ العلاوات قدرتها S&P -مؤشر ستاندرد آند بورز- ووكالة رويترز، بدولار علاوة فوري٬ و40 سنت علاوة أجل السعر بتاع يونيو٬ مقارنة بـ 8.16 دولار السعر بتاع أبريل".

وتساءل الخبير": "لماذا انتظرت مصر حتى يتحرك السعر العالمي للغاز واشترت كمية أقل بسعر أغلى؟"، وقال الخبير الاقتصادي: "هذا الذي سألته مرارا: طالما عارفين إن فيه عجز، ليه انتظرنا حتى تحرك السعر عالميا، ونضطر نشتري غالي وندفع علاوات ونجيب كميات أقل من اللي كان ممكن نجيبها!".

وتابع بأن "الحكومة تضيّع ما تم توفيره، بعد رفع الدعم على المواطنين نتيجة لسوء التخطيط٬ ففي 29 أيار/ مايو الماضي، صرّح وزير التموين بأنه بتحريك دعم الخبز٬ المواطن سوف يتحمل 16 في المئة فقط من قيمة الدعم الذي يبلغ 120 مليار سنويا"؛ مردفا بأنه "يعني هنوفر 19 مليار جنيه من دعم العيش على مدار سنة٬ وضيعنا التوفير ده في يوم في فرق سعر شراء شحنات غاز في توقيت متأخر وكمان كدرنا الناس!".

وأكد الخبير نفسه: "بالمناسبة احنا عارفين من أول السنة إننا هنكمل شراء غاز مسال، وتعاقدنا في شهر 4 على وحدة تغويز عائمة FSRU، يعني متأكدين إننا محتاجين غاز مسال، وشايفين السعر بيجري قدّامنا، وعارفين إن الشّراء الفوري والشراء الآجل له علاوة وفي 2016 كان عندنا نفس الموقف بس اتصرّفنا أحسن من كدة!".


الشراء الغالي لسرعة الوصول
ووفقا لوكالة رويترز، فإن "المناقصة الأصلية التي قامت بها الحكومة كانت تطلب 17 شحنة، وتمت زيادتها بثلاث شحنات أخرى، وحظيت باهتمام أعلى من المتوقع من أكثر من 15 من مقدمي العروض من كبار الأطراف في مجال الغاز الطبيعي المسال".

وبحسب الوكالة، فإن "المناقصة التي طرحتها مصر في الآونة الأخيرة لشراء 17 شحنة من الغاز الطبيعي المسال للتسليم خلال أشهر الصيف تتضمن سدادا مؤجلا لمدة تصل إلى 6 أشهر".

وأضافت أن "خيار تأجيل السّداد من المرجح أن يرفع العلاوة التي سيتعين على مصر دفعها في ظل تنافسها على إمدادات كبيرة وسط زيادة الطلب في آسيا كما أنها ستضيق قائمة مقدمي العروض".

  وذكرت مصادر للوكالة أن الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس)، تسعى في المناقصة التي أغلقت في 26 حزيران/ يونيو الماضي، إلى تسلم سبع شحنات في تموز/ يوليو٬ وست في آب/ أغسطس٬ وأربع في أيلول/ سبتمبر بنظام التسليم على متن السفينة بميناء الوصول في هذا العام.

وسعت مصر في السنوات القليلة الماضية، لأن تكون مُصدّرا يمكن التعويل عليه للغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا، لكن انخفاض إمدادات الغاز الطبيعي أجبرها على العودة لاستيراد الغاز.

 وقالت عدد من المصادر إنه من أجل تأمين الكميات المطلوبة، ربّما تدفع مصر في نهاية المطاف علاوة بأكثر من المتوسط بين دولار ودولارين لكل مليون وحدة حرارية بريطانية على سعر الغاز في مركز تي.تي.إف الهولندي.

وقالت المصادر إن "الشحنات رست على شركات تجارية منها غلينكور وفيتول"٬ مشيرة إلى أن "شركات كبيرة، منها بي.بي وتوتال إنيرجيز، بالإضافة إلى شركات أصغر منها مثل شركة هارتري لتجارة السلع الأولية، حصلوا على عدد قليل من الشحنات"، دون تقديم المزيد من التفاصيل.

البحث عن غول السيسي
في الثلاثاء الماضي، عزا رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، سبب نقص الغاز إلى توقف الإنتاج في دولة مجاورة، في إشارة واضحة إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي، وضغوط كبيرة على الموارد الدولارية.

 وقال مدبولي إن "مصر ستنفق أكثر من مليار دولار لاستيراد ما يكفي من الغاز، لإنهاء مشكلة انقطاع التيار الكهربائي هذا الصيف".

وبعد اكتشاف مصر لحقل ظهر للغاز الطبيعي في البحر المتوسط، بدأ الحديث عن تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز والتحول إلى مركز لتصدير الطاقة في شرق البحر المتوسط.

ومن أجل أن تكون مركزا لتصدير الطاقة٬ وُقعت القاهرة اتفاقا في عام 2018 بقيمة 15 مليار دولار لمدة 10 سنوات بين 3 شركات مصرية وإسرائيلية وأمريكية، لشراء الغاز الطبيعي من حقلي تمار وليفياثان المحتلين، وتوريده إلى مصر لإعادة تصديره مرة أخرى بعد إسالته في محطتي إسالة الغاز بدمياط وإدكو.


وفي 21 شباط/ فبراير 2018 قال رئيس النظام المصري، عبد الفتاح السيسي: "احنا جبنا جون (هدف) جبنا جون يا مصريين في الموضوع ده"، معلّقا على اتفاقية استيراد مصر للغاز من الاحتلال الإسرائيلي بقيمة 15 مليار دولار. ويذكر أن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو علّق على ذات الاتفاقية بأنها "يوم عيد" لبلاده.


 إلى ذلك، تتناقص إمدادات الغاز الطبيعي، التي تساعد مصر في توليد الكهرباء، مع ارتفاع الطلب على الطاقة في ظل العدد المتنامي للسكان البالغ 106 ملايين نسمة فضلا عن زيادة الاستهلاك خلال الصيف.