تمكن حزب
العمال البريطاني (يسار وسط) من الحصول على الأغلبية البرلمانية في البلاد منهيا بذلك حكم حزب المحافظين، في وقت بدأ فيه اليمين المتطرف بالصعود في العديد من الدول الأوروبية.
ومع اكتمال فرز الأصوات في 648 دائرة من أصل 650، فقد حصل العمال على أغلبية 412 مقعدا، أي بزيادة 211 مقعدا مقارنة بالانتخابات السابقة عام 2019، لينهي حقبة استمرت 14 عاما من حكم المحافظين.
ولفت تقرير نشرته شبكة "
سي إن إن" الأمريكية، إلى أن نتائج الانتخابات البريطانية جاءت بعدما شهدت الانتخابات الأوروبية التي جرت في حزيران / يونيو الماضي، انتخاب عدد تاريخي من المشرعين من أحزاب اليمين المتطرف لعضوية البرلمان الأوروبي.
وكانت نتائج الانتخابات الأوروبية تسببت في فوضى دفعت الرئيس الفرنسي إلى الإعلان عن إجراء انتخابات برلمانية مبكرة، فاز في الجولة الأولى منها حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف، بزعامة جوردان بارديلا.
وبحسب تقرير "سي إن إن"، تشكلت حكومة يمينية متطرفة في هولندا أيضا هذا الأسبوع.
وتشهد إيطاليا حكومة هي الأكثر يمينية منذ حكم الزعيم الفاشي بينيتو موسوليني، وفقا للتقرير، الذي ذكر أن هناك عدة أسباب وراء "الطفرة الشعبوية"، غالبا ما تكون مختلفة في كل دولة على حدة، لكن بشكل عام ترجع إلى "معاناة عدة دول أوروبية من تباطؤ الاقتصاد وارتفاع معدلات الهجرة وزيادة أسعار الطاقة".
ويلقي كثيرون باللوم في تلك الأزمات على الاتحاد الأوروبي وسياساته. لكن في
بريطانيا، فتحت الانتخابات العامة أبواب داونينغ ستريت أمام زعيم حزب العمّال، كير ستارمر.
وأعلن القصر الملكي البريطاني، تعيين ستارمر، رئيسا للوزراء بعد فوز حزبه بالانتخابات التشريعية، خلفا لريشي سوناك الذي قدم استقالته للملك، بعد أن خسر المحافظون الاستحقاق الانتخابي.
وقال رئيس وزراء بريطانيا الجديد: "البلاد صوتت بشكل حاسم لصالح التغيير والتجديد الوطني".
وحصد حزب المحافظين 131 مقعدا بعدما فاز في الانتخابات الماضية بـ365 مقعدا، في حين تمكن حزب العمال من الفوز بـ410 مقاعد من مجلس العموم المكون من 650 مقعدا.
من جهته، حقّق حزب "إصلاح بريطانيا" المناهض للمهاجرين نتيجة أفضل من المتوقع، بحصوله على 13 مقعدا نيابيا، وفقا لنتيجة الاستطلاع التي نشرتها التلفزة البريطانية.
أما حزب الديمقراطيين الليبراليين (وسط) فسيحصل في البرلمان المقبل على 61 نائبا.
وفي كلمة شكر وجهها إلى ناخبيه، قال ستارمر "إلى جميع من قاموا بحملات لحزب العمال في هذه الانتخابات، إلى جميع من صوتوا لنا ووثقوا في حزب العمال الجديد، شكرا لكم".
وأضاف ستارمر الذي وصل إلى رئاسة الوزراء بعد 4 سنوات على توليه منصب زعيم حزب العمال، في خطاب ألقاه بعد إعادة انتخابه في دائرته الانتخابية في شمال لندن: "الناخبون هنا وفي كل أنحاء البلاد قالوا كلمتهم، وهم مستعدون للتغيير ولإنهاء سياسة الاستعراض، وللعودة إلى السياسة بوصفها خدمة للجمهور".
ما أسباب اختلاف بريطانيا عن أوروبا؟
أشار تقرير شبكة "سي إن إن"، إلى أنه على الرغم من عدد المقاعد المتوقعة لحزب العمال، فإن اليمين البريطاني "لم يمت"، ومن المتوقع أن يتفوق المحافظون على الرغم من الليلة المخيبة للآمال، حيث أن توقعات استطلاعات رأي خلال الحملات الانتخابية، كانت تشير إلى هزيمة أسوأ.
ولفت إلى أن حزب الإصلاح بقيادة اليميني المتشدد، نايجل فاراج، سيتجاوز التوقعات، وهو الحزب الذي وقف بشدة وراء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، موضحا أنه من المحتمل أن يكون الانقسام بين فاراج واليمين قد ساعد ستارمر في زيادة أغلبيته البرلمانية.
واستدركت الشبكة الأمريكية: "لكن في الوقت نفسه سيكون من المستحيل تجاهل اليمين المتشدد في البرلمان الجديد، حيث ينمو نفوذه بشكل أكبر".
وتجدر الإشارة إلى أن بريطانيا تواجه نفس المشاكل التي تعاني منها دول أوروبية أخرى، وفقا للتقرير الذي أشار إلى أنه في حال تعثر ستارمر كرئيس للوزراء، فإن الفرصة ستكون سانحة أمام استمرار اليمين المتشدد في الاستحواذ على عقول العامة، كما حدث في دول أخرى، وفق "سي إن إن".