في خطوة تثير جدلا واسعا، تم تعيين المهندس محمد إبراهيم شيمي وزيرا لقطاع الأعمال العام، بينما يشغل منصب الرئيس التنفيذي لإحدى شركات مجموعة رجل الأعمال السيناوي إبراهيم
العرجاني الذي صعد نجمه على نحو مفاجئ كقوة مالية مترامية الأطراف.
هذه الخطوة تأتي بالتزامن مع تعيين كامل الوزير، وزير النقل، نائبا لرئيس الوزراء ووزيرا للصناعة، ضمن مساعي الدولة لبيع الأصول. هذا التحرك يطرح تساؤلات حول تأثير وجود هذين الرجلين على رأس الوزارتين في تنفيذ خطط الخصخصة.
تتزامن هذه التغييرات مع تزايد نفوذ مجموعة العرجاني في الساحة الاقتصادية والسياسية. تُطرح الآن تساؤلات حول تأثير هذا التعيين على سياسات القطاع العام ومستقبل الخصخصة في
مصر، وسط انتقادات سابقة للوزارة حول تصفية شركاتها الكبرى.
الشخصيات:
المهندس محمد إبراهيم أحمد شيمي: وزير قطاع الأعمال العام الجديد.
الشيخ إبراهيم العرجاني: رجل أعمال مصري ومالك مجموعة العرجاني.
الشركات:
كادينس للطاقة: شركة تابعة لمجموعة العرجاني.
شركة بيوردايف: شركة مساهمة مصرية تأسست بشراكة بين شيمي (كادينس) ومصر لصناعة الكيماويات.
المواقف:
شغل شيمي منصب الرئيس التنفيذي لشركة "كادينس" قبل توليه منصب وزير قطاع الأعمال.
لا تزال شركة "كادينس" مدرجة في قائمة موظفيها على موقعها الإلكتروني.
وقع شيمي (كادينس) عقد شراكة مع وزارة قطاع الأعمال (قبل توليه المنصب) لتأسيس شركة بيوردايف.
تزاوج المال بالسلطة
انتقد رجل الأعمال المصري الأمريكي، محمد رزق، مثل تلك التجاوزات التي يقدم عليها النظام دون اعتبار لكونه مسؤولا عن تطبيق القانون وليس خرقه، وقال: "من ضمن المعضلات الكبرى التي تسببت في خلع الطاغية مبارك كانت تزاوج المال مع السلطة كما يحدث الآن".
توقع رزق، وهو خبير اقتصادي أيضا، في حديثه لـ"عربي21" أن "تشهد الحقبة القادمة بيع المزيد من أصول مصر لسببين؛ السبب الأول يرجع إلى خطاب النوايا مع صندوق النقد والجهات الدولية الأخرى المقرضة لمصر، والسبب الآخر تدبير موارد إضافية لتغطية فجوة الدولار".
وأكد أن "تزاوج المال مع السلطة نهايته خراب كما قال لنا التاريخ ولن يكون من ورائه خير لمصر كما حدث من قبل، وما يحدث يؤشر على غياب تام للقانون والشفافية وتفشي الفساد بشكل علني وصارخ وفج دون أي اعتبارات لقانون".
ما أهمية وزارة قطاع الأعمال؟
تمتلك وزارة قطاع الأعمال العديد من الشركات القابضة في مجالات متنوعة، بما في ذلك الصناعات الكيماوية وهو نفس المجال الذي تعمل فيه شركة كادينس.
تمثل شركات الوزارة هدفًا للخصخصة، مع سعي الدولة لجذب استثمارات القطاع الخاص.
وبناءً على هذه المعلومات، يخشى البعض أن يستخدم الوزير منصبه في تسهيل بيع المصانع ويستغل شيمي منصبه الوزاري لمنح شركات العرجاني ميزة غير عادلة في عمليات الخصخصة أو المناقصات العامة، أو أن يؤثر وجوده على قرارات الوزارة المتعلقة بالشركات العاملة في مجالات يمتلك العرجاني فيها نفوذا، أو قد تُستخدم المعلومات السرية من الوزارة لصالح شركات العرجاني.
تستهدف مصر بيع حصص في أربع شركات حكومية أو أكثر بقيمة 3.6 مليار دولار خلال العام المالي 2024-2025، تماشيًا مع تعهداتها لصندوق النقد الدولي. سيتم توجيه هذه العائدات إلى موازنة السنة المالية بهدف تقليص الدين العام.
الدولة ملكا لرجال النظام وليس للشعب
في رؤيته لتلك الخطوات غير المسبوقة، قال الباحث الاقتصاد السياسي، مصطفى يوسف: "منذ قيام النظام الجديد وجدنا حكومات لا تتمتع بالكفاءة أو المهنية إنما تتمتع بالولاء المطلق للجمهورية الجديدة وسيطرة الجيش على مقدرات البلاد، وجدنا وزارات من عينة شيمي والوزير وعلى رأسهم مدبولي وهم رجال الطاعة العمياء، وتصعيد أصحاب السجلات الإجرامية أو المشبوهة أخذ شكلا واضحا يتماشى مع طبيعة النظام بمن فيهم رجل النظام إبراهيم العرجاني الذي كان خارجا عن العدالة".
وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" أن "تعيين شيمي أحد رئيس شركات العرجاني على رأس وزارة قطاع الأعمال التي تضم عشرات شركات الدولة المصرية مثير للريبة، ويضع علامات استفهام حول المغزى من هذا التجاوز الخطير وعلاقته بأن الدولة كلها تؤول إلى ملكية حفنة من رجال النظام ولم تعد ملكا للشعب".
أما في ما يتعلق بعسكرة وزارة الصناعة، فبين أن "هذا يأتي في الوقت الذي تعهدت فيه مصر ببيع المزيد من المصانع والشركات للمستثمرين المحليين المرتبطين بتحالفات خارجية و لمستثمرين أجانب، وهي خطوة نحو بيع المزيد من الشركات لسداد الديون وليس لتعظيم وتعزيز دور القطاع الخاص وزيادة الإنتاج ما ينذر بأزمة اقتصادية أكبر وأصعب على المدى القصير ربما قبل نهاية حكم
السيسي".
مخالفات بالجملة وشبهات فساد
تضارب المصالح لم يقتصر على الوزراء الوافدين بل والمغادرين أيضا، حيث ظهر وزير الإسكان السابق عاصم الجزار، بعد أيام قليلة من مغادرة الوزارة، في ليبيا بوصفه رئيسًا لمجلس إدارة شركة "نيوم للتطوير العقاري"، إحدى الشركات التابعة لمجموعة العرجاني المملوكة لرجل الأعمال السيناوي المقرب من النظام.
ووقع "الجزار" بصفته رئيسا لشركة "نيوم" عقودًا مع صندوق إعادة إعمار ليبيا بحضور "العرجاني" وبلقاسم خليفة حفتر، مدير الصندوق، بحسب الصفحة الرسمية للصندوق على "فيسبوك".
تعدّ تلك الصفة مخالفة صريحة لنصوص قانون "تعارض المصالح" رقم 106 لسنة 2013. يحظر هذا القانون على المسؤول الحكومي عند تركه منصبه تولي أي وظيفة في القطاع الخاص لدى شركة مرتبطة بعمله السابق لمدة 6 أشهر، وفقًا للمادة 15.
وتعمل شركة نيوم للتطوير والاستثمار العقاري في مجال التطوير العقاري الإنشائي والسكني والتجاري والزراعي، وهو ما يتقاطع بشكل مباشر مع نشاطات وزارة الإسكان التي كان يترأسها الجزار لمدة 5 أعوام منذ عام 2019.