سلط "
المركز الروسي الاستراتيجي للثقافات"
الضوء على قرار الولايات المتحدة نشر أسلحة جديدة في ألمانيا في سنة 2026 ذات مدى أطول
من تلك المنتشرة حاليا في أي مكان في أوروبا، بحسب بيان أمريكي ألماني مشترك.
وقال المركز في تقرير نشره موقعه
الالكتروني، ترجمته "عربي21"، إن هذا القرار يعني أن الولايات المتحدة ستبدأ
النشر الدوري للأنظمة النارية طويلة المدى لمجموعتها التكتيكية متعددة المجالات في
ألمانيا اعتبارًا من سنة 2026 كجزء من التخطيط لنشر مستمر لهذه الأنظمة في المستقبل.
وستشمل هذه الوحدات الأنظمة العادية من
صواريخ "إس إم-6" [متعددة الأغراض]، وصواريخ كروز من طراز توماهوك، والأسلحة
الفرط صوتية التجريبية التي تمتلك مدى أطول بكثير مما هو منتشر حاليًا في أوروبا. ويؤكد
القرار أن هذه الخطوات ستظهر التزام الولايات المتحدة تجاه الناتو ومساهمتها في الإمكانيات
الأوروبية للردع المتكامل.
ومن المعروف أن صواريخ "إس إم-6"
المضادة للطائرات من تطوير شركة رايثيون، وهي تمثل تطورًا لعائلة صواريخ "آر آي
إم-156" و"إس إم-2 إي آر"، والفرق الرئيسي هو نظام التوجيه المحسّن،
ويبلغ مدى الطيران الأقصى لهذا الصاروخ حوالي 450 كيلومترا.
أما "توماهوك" فهي عائلة من صواريخ كروز طويلة
المدى للغواصات، والسفن السطحية، والقواعد الأرضية، والقواعد الجوية. وتطير هذه الصواريخ
على ارتفاعات منخفضة للغاية مع التحليق حول تضاريس الأرض. وخدمت هذه الصواريخ في ترسانة
الولايات المتحدة منذ سنة 1983، ويصل مدى طيران الصاروخ إلى 5500 كيلومتر، والمسافة
من ألمانيا إلى الأراضي الروسية (دون حساب كالينينغراد) حوالي 1200 كيلومتر.
وأفاد الموقع بأن الحلفاء في الناتو يتبنون
نفس الخطط العدائية ضد
روسيا بناءً على توجيهات من الولايات المتحدة. وكما كتبت صحيفة
"فاز" الألمانية، فإن ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبولندا يعتزمون تطوير صواريخ
كروز بمدى يتجاوز الألف كيلومتر. وقد وقّع وزراء الدفاع من الدول الأربع إعلان نوايا
لتطوير أسلحة دقيقة طويلة المدى على هامش قمة الناتو في واشنطن، لكن الوثيقة تحتوي
حاليًا على صيغ عامة فقط.
وأكد المستشار الألماني أولاف شولتز هذه
الخطط العدائية في مؤتمر صحفي بقمة الناتو في واشنطن، كما أنه وصف نية الولايات المتحدة
نشر أنظمة الأسلحة بعيدة المدى في الأراضي الألمانية بأنها "قرار جيد للغاية".
ويتوافق البيان المشترك الصادر في واشنطن
مع خطط الجيش لنشر خمس فرق عمل متعددة المجالات. وأفادت مجلة "ديفينس نيوز"
لأول مرة في نيسان/ أبريل بأن فرقة العمل متعددة المجالات في أوروبا ستكون مكتملة في
السنة المالية 2026 بإضافة كتيبة نيران بعيدة المدى لدعم المسرح الأوروبي للعمليات
العسكرية.
ونشر الجيش فرقة العمل متعددة المجالات
الثانية في أوروبا في سنة 2021. ولديها فرقتان أخريان في مسرح العمليات في المحيطين
الهندي والهادئ مع خطط لإنشاء وحدتين أخريين ليصبح العدد الإجمالي خمس وحدات، ستكون
ثلاث منها موجهة نحو العمليات في المحيط الهادئ، وواحدة في أوروبا، وواحدة ستتواجد
في الولايات المتحدة، وستكون قادرة على النشر السريع حيثما كان ذلك ضروريًا. وقد صُممت
الوحدات للعمل في جميع المجالات - البر والجو والبحر والفضاء والفضاء السيبراني - ومجهزة
بقدرات الجيش المتنامية، بما في ذلك الأنظمة النارية الدقيقة بعيدة المدى.
ووفقًا للوثيقة التي تحتوي على تحليل تفصيلي
لبنية القوات التابعة للجيش، والتي حصلت عليها المجلة في بداية هذه السنة، فإن الجيش
يخطط لاستكمال تكوين جميع وحدات العمل متعددة المجالات بحلول السنة المالية 2028.
مع ذلك، اعترفت مجلة "ديفينس نيوز"
بأن تطوير الأسلحة الفرط صوتية للجيش الأمريكي قد تأخر بشكل كبير بسبب مشاكل في الاختبارات
إذ كان من المخطط في البداية إجراء تدريب على المعدات وتلقي الذخائر في خريف 2023،
ولكن بسبب سلسلة من اختبارات الفاشلة أو الإلغاء، تم تأجيل هذه التواريخ إلى وقت لاحق.
ووفقًا للجنرال روبرت راش، مدير مكتب الفرص
السريعة والتكنولوجيات الحرجة للجيش الأمريكي، فقد اضطر الجيش والبحرية، اللذين يعملان
بشكل مشترك على تطوير الأسلحة، إلى تعليق اختبارات الطيران في آذار/ مارس وتشرين الأول/
أكتوبر وتشرين الثاني/ نوفمبر من السنة الماضية بسبب "مشاكل في الموقع التجريبي".
وأوضح الموقع أن خطط الولايات المتحدة الخطيرة
هذه أثارت في روسيا ردود فعل حادة. فقد أشارت رئيسة مجلس الاتحاد فالنتينا ماتفيينكو
إلى أن قرار نشر صواريخ أمريكية في ألمانيا غير مقبول، وأكدت أن لدى روسيا ردا صارما
ومناسبا على هذه الخطوة.
وأعلن نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي
ريابكوف بدوره أن قرار نشر صواريخ بعيدة المدى أمريكية في ألمانيا لن يجبر روسيا على
نزع سلاحها بشكل يضر بها أو الانغماس في سباق تسلح مكلف. وأضاف أن بلاده أعدت لهذه
الاحتمالات منذ وقت طويل، مؤكدًا أن الولايات المتحدة وألمانيا بقرارهما سيرميان بأموالهما
في الهواء.
في مقابلة مع صحيفة "شبيغل"،
وصفت السياسية سارة فاجنكنخت، التي أسست حزبها حديثًا، قرار نشر الأسلحة الأمريكية
بعيدة المدى في ألمانيا بأنه جنون يجب إيقافه. وأضافت السياسية أنه بدلاً من سباق التسلح،
يجب إجراء مفاوضات سلام بشأن أوكرانيا والعودة إلى اتفاقيات نزع السلاح التي كانت تضمن
الأمان في أوروبا بعد نهاية الحرب الباردة. وتابعت فاجنكنخت: "نحتاج أيضًا
إلى حكومة اتحادية تمثل المصالح الوجودية لبلدنا بدلًا من الانصياع لأوامر الولايات
المتحدة التي لن تمسها عواقب الحرب الأوروبية الكبيرة مباشرةً".