أشارت مجلة "نيويوركر" الأمريكية، إلى أن اختيار الرئيس الأمريكي السابق والمرشح الرئاسي الجمهوري دونالد
ترامب لجي دي
فانس نائبًا له، جاء بهدف تعزيز تحالفه مع المحافظين المتشددين.
وقالت المجلة، في تقرير ترجمته "عربي21"، إن السيناتور الجمهوري عن ولاية أوهايو، جي دي فانس، كتب بعد ساعتين من محاولة اغتيال ترامب: "اليوم ليس مجرد حادث معزول. الفرضية الأساسية لحملة بايدن هي أن الرئيس دونالد ترامب فاشي واستبدادي يجب إيقافه بأي ثمن، وقد أدى هذا الخطاب مباشرة إلى محاولة اغتيال الرئيس ترامب".
باتباع منطق واشنطن، فإن الإعلان عن اختيار فانس نائبا لترامب الاثنين الماضي يبدو "منطقيا"، بحسب تقرير المجلة الأمريكية، وذلك لأن فانس هو الأكثر تحفظا من بين المرشحين الثلاثة النهائيين على المنصب، والأكثر ولاء وتحزبًا وشراسة.
لكنه أيضا شخص انتقل سريعا من نزعة محافظة إصلاحية إلى شعبوية متشددة، التي يبدو أنها تنتشر مرة أخرى، حسب التقرير.
ووصفت المجلة فانس بأنه "كلب هجوم لترامب"، لكنه أيضا شيء أكثر بروزا وإثارة للاهتمام: إنه "الفتيل الذي أشعله ترامب"، وفقا للتقرير.
وذكرت المجلة أنه لم يمضِ سوى سنتين فقط منذ خاض فانس البالغ من العمر تسعة وثلاثين سنة أول انتخابات له. وقد كان صعوده حادا مثل أي سياسي ظهر منذ باراك أوباما، وكان هذا الصعود مدعومًا بقدرة نادرة على تحويل المادة الخام لحياته إلى سرد اجتماعي مقنع.
فقد نشأ فانس مع جدّيه في منطقة أبالاتشيان في ولاية أوهايو، لأن والدته كانت تعاني من الإدمان. وخدم كمجند في مشاة البحرية في العراق قبل أن يلتحق بكلية الحقوق في ولاية أوهايو، ثم بكلية الحقوق في جامعة ييل حيث شجعته أستاذته إيمي تشوا على أن يصوغ تجربته في شكل مذكرات، حسب التقرير.
وكانت النتيجة كتاب "مرثية الهيلبيلي" الذي نُشر في عام 2016 وأصبح ظاهرة، حيث اختارته صحيفة "نيويورك تايمز" كواحد من ستة كتب فسّرت فوز ترامب، وهو وضع أصبح ممكنا بسبب مناهضة فانس نفسه لترامب. (خلال الحملة الانتخابية عام 2016، أرسل فانس رسالة إلى زميله السابق في السكن، قال فيها: "أتردد بين الاعتقاد بأن ترامب أحمق ساخر مثل نيكسون أو أنه هتلر أمريكا").
وأوضحت المجلة أن رحلة تحوله من شاب مثقف محافظ يتحدى التصنيفات إلى يميني متحمس ومرشح ليكون نائب رئيس عن ترامب هي رحلة استثنائية اعتمدت على تغييرين: أحدهما في فانس والآخر داخل التيار المحافظ. تمثل التغيير الذي طرأ على فانس في أن سياسته أصبحت أكثر صلابة أثناء استعداده للترشح لمنصب انتخابي. ففي مقابلة مطولة مع روس دوثات من صحيفة "التايمز" الشهر الماضي، أرجع ذلك إلى التحول الذي اكتشفه في الليبرالية مع نهاية رئاسة ترامب. وعندما ترشح فانس لمجلس الشيوخ في سنة 2022، أكد أول إعلان لحملته الانتخابية على عدائه للنخب الليبرالية.
وفي نيسان/أبريل من تلك السنة، كان فانس ينافس في أوهايو في الانتخابات التمهيدية لمجلس الشيوخ الأمريكي، وكانت مواقفه المناهضة لترامب تطارده في كل مكان، لكنه ألقى خطابا معسولا حول أنه لم يكن يحب ترامب في البداية ولكنه أدرك في النهاية أن الملياردير "كشف عن الفساد الذي كان مخفيًا في بلدنا"، حسب التقرير.
وأشارت المجلة، إلى أن فانس لم يكن سياسيا موهوبا بشكل خاص في ذلك الوقت، وقد ازداد توتر الجمهور عند اعترافه بأنه لم يكن دائما من الموالين لترامب. وعندما قال بعض الحاضرين إن هذا التاريخ جعلهم لا يثقون به، أومأ فانس برأسه وقال إنه يتفهم الأمر تمامًا، لكنه كان أيضًا الشخصية الأكثر إثارة للاهتمام في السباق بتقديم نفسه كصوت للمحافظين من الطبقة العاملة، وقد أثبت إنكاره لذاته نجاحه: فقد أيّده ترامب، وفاز فانس في الانتخابات التمهيدية ثم الانتخابات العامة.
يمثل فانس دراسة حالة عن ولاء الجمهوريين بعد السادس من كانون الثاني/يناير 2021، إذ يميل أولئك الذين دعموا ترامب بعد التمرّد في مبنى الكابيتول إلى الانغماس في الولاء لترامب حتى النهاية، فقد أصبحت حياتهم المهنية وسمعتهم مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالرئيس السابق، حسب ما أوردته المجلة الأمريكية في تقريرها.
ولفتت المجلة، إلى أن صعود فانس اعتمد أيضا على شعبويته، ومثله مثل بعض أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين الآخرين من جيله، فإنه غالبًا ما شدد على ضرورة أن يبتعد الجمهوريون عن استبداد السوق الحرة المطلق الذي كان سائدًا في الماضي.
وقال في سنة 2023، في فعالية استضافها مركز أبحاث "البوصلة الأمريكية": "لا يوجد طريق إلى أغلبية حاكمة دائمة للحركة المحافظة لا يمر عبر إعادة التفكير في العقيدة الاقتصادية في الثمانينيات والتسعينيات". كما دعم التعريفات الجمركية وحث الجمهوريين على محاولة كسب المزيد من أصوات النقابات.
في المرة السابقة، انتهت ولاية بنس كنائب للرئيس بانقلاب حركة ترامب عليه، واقتحام مبنى الكابيتول والدعوة إلى شنقه. وقد ندم العديد من الجمهوريين الذين انضموا إلى حكومة ترامب على ذلك، لكن فانس لا يزال جديدًا جدًا على كل هذا، ومن الصعب بعض الشيء تحديد ما إذا كان سيكون مصدر قوة للوزارة، ويعمق من جديتها، أو سيكون عائقا متطرفا جدا، وفقا للمجلة.
ولكن في انتخابات تتمحور حول العمر أكثر من أي شيء، فقد أعطى فانس لحملة ترامب دفعة صغيرة ولكنها لا تقدر بثمن، وهي "فرصة الإيحاء بمصداقية أن الترامبية لها مستقبل بعده"، حسب التقرير.