تعد القارة السمراء، محط أنظار العالم في الثروات الطبيعية، وبالأخص
الذهب، فأرض قارة أفريقيا تمتلئ بالكنوز، والطبيعة تجعلها مطمعا للعديد من الدول.
وتحتل
باريس المرتبة الرابعة عالميا ضمن قائمة الدول التي تملك أكبر احتياطي من الذهب في
العالم، إذ تحتفظ ب 2436 طنا من الذهب الخالص رغم أنها لا تملك أي منجم، لكنها
تعتمد في كثير من مواردها المعدنية على القارة السمراء التي هيمنت عليها سياسيا
واقتصاديا وثقافيا.
وكشفت منظمة سويسايد
السويسرية العاملة في مجالات التنمية أن الهيمنة تحولت من دول أوروبا إلى دول أخرى، وأصبحت أفريقيا تحت سيطرة نفوذها، وقد أعلنت في دراسة لها عن خسارة القارة
الأفريقية لمليارات الدولارات بسبب عمليات تبييض ذهبها المهرب إلى
الإمارات.
وأكد معدو
الدراسة التي تحمل عنوان "مسارات الذهب الأفريقي: قياس كمية الإنتاج والتدقيق
في تجارته سبيلاً إلى مكافحة التدفقات غير المشروعة" المركزة على تتبع مسارات
الذهب المنتج عبر التنقيب الأهلي الحرفي في مجاهر القارة الأفريقية أن "474
طنًا من الذهب يجري سنويا تهريبها من أفريقيا وتبييضها، بقيمة تصل إلى 35 مليار
دولار، وهو ما يمثل ثروة مالية تنتزع من القارة عبر التهريب".
وأضافت الدراسة أن
الذهب المنتج من مناطق التنقيب الأهلي يجري بشكل غير قانوني تهريبه عبر طريقين:
إما أن يُهرب إلى دولة مجاورة، وفي هذه الحالة يتم نقله في الغالب عن طريق البر، خاصة
مع اتساع الحدود بين دول الأفريقية، وضعف الرقابة الحدودية، أو أن يُهرب الذهب مباشرة
إلى الإمارات، عن طريق الجو مباشرة.
الدراسة كشفت أنه في حالة التهريب البري للذهب تكون مالي أو أوغندا "نقطتي العبور"،
وقد يكون وجود نظام ضريبي مفضل في بلد مجاور، يسهل تمرير الذهب.
وقال الباحث
المشارك في الدراسة مارك أوميل، إن هناك عوامل أخرى تقوي من عملية التهريب وهي مكاتب
شراء الذهب المؤثرة التي تقوم بتمويل كامل السلسلة من المنجم إلى استلام الكميات المهربة.
واعتمدت
الامارات لوائح جديدة في عام 2023 خاصة بدخول الذهب إلى أراضيها، حيث تؤكد منظمة "سويسايد"
في دراستها أن "الإمارات استوردت ما بين عامي 2012 و2022 من عدة دول أفريقية، 2569
طنًا من الذهب غير المعلن عنه عند التصدير، بقيمة تزيد على الـ 115.3 مليار دولار، ووفقًا
لبيانات مكتب Comtrade التابع
للأمم المتحدة، فقد لوحظ فرق قدره 3.9 مليار دولار بين ما تعلن عنه الإمارات أنها
استوردته من 21 دولة أفريقية، وما تصدره هذه الدول رسميًا نحو الإمارات نفسها".
وتؤكد الدارسة
أن الذهب المهرب يأتي من قطاع التنقيب الأهلي والمنجم الصغير في أفريقيا، وأن ما
بين 80 إلى 85 في المئة من إنتاج هذا القطاع يمر عبر الإمارات، بينما يُصدّر الذهب
الصناعي الأفريقي غالبًا إلى جنوب أفريقيا وسويسرا والهند.
وفي عام 2022
وحده، قدرت الدراسة أن 66.5 في المئة (405 أطنان) من الذهب المستورد إلى الإمارات
من أفريقيا يتم تهريبه من الدول الأفريقية، حيث تشهد مالي وغانا
وزيمبابوي، أكبر عمليات تهريب للذهب.
الدراسة كشفت أيضا
أن هناك 15 من أصل 54 دولة أفريقية تنتج الذهب بشكل حرفي وصغير النطاق، ولا
تعلن رسميًا عن أي إنتاج؛ أما التي تعلن عن تقديرات رسمية، فإن أرقامها بعيدة جداً
عن الواقع.
ففي حالة مالي،
على سبيل المثال، تعلن الدولة سنويًا منذ عام 2016 عن إنتاج حرفي للذهب بحوالي 6
أطنان، بينما تشير تحليلات منظمة "سويسايد" إلى نطاق يتراوح بين 30 إلى
57 طنًا من الذهب.
ويشهد لذلك أنه
في عام واحد أي خلال الفترة من 2012 إلى 2022 استوردت الإمارات 50 طنًا من الذهب
المهرب من دول مالي، وغينيا، وغانا، والنيجر، وليبيا، والسودان.