يزور رئيس وزراء الاحتلال
الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو،
الولايات المتحدة في ظل كارثة تخيم على الشرق الأوسط، ومن المقرر أن نتنياهو يخاطب الكونغرس بعد أشهر من الصدمات والدمار الذي تركه خلفه، وفي ظل مستقبل سياسي غامض أمامه.
وقال الكاتب إيشان ثارور في مقال نشره عبر صحيفة صحيفة "واشنطن بوست" وترجمته "عربي21"، إن "آخر مرة جاء فيها نتنياهو إلى واشنطن كانت فيها آمال السلام عالية، أو على الأقل رؤية واحدة، في أيلول/ سبتمبر 2020، وظهر نتنياهو في
البيت الأبيض مع دونالد ترامب، فمن خلال اتفاقيات توسطت بها الإدارة السابقة، طبعت إسرائيل علاقاتها مع الإمارات والبحرين".
وأضاف: "تمت تسمية الإنجاز الدبلوماسي باسم عظيم، اتفاقيات أبراهام، وصوره المرجون له بأنه اختراق حضاري وبداية عهد جديد، مع أن أيا من الدولتين لم تكن في حالة حرب مع إسرائيل أو خاضت معها حربا بالفعل، بل وأقامتا علاقات سرية وجوهرية معها".
وقال نتنياهو الذي كان واقفا إلى جانب ترامب ومسؤولين كبار من البحرين والإمارات: "هذا يوم محوري في التاريخ، ويعلم بداية فجر جديد للسلام، وصلى اليهود على مدى ألفي عام للسلام، ولهذا السبب نشعر اليوم بامتنان عظيم".
وذكر أن أن هذه الاتفاقيات أدت إلى صفقات تجارية مربحة بين "إسرائيل" ودول الخليج، وتمت تغطيتها بصفقات أسلحة من شركات السلاح الأمريكية لدول الخليج، إلا أنه ومع تحمس دول عربية أخرى لمنظور التطبيع مع الاحتلال، فلم "تؤد التفاهمات الجديدة لبناء سلام في المكان الذي يجب أن يتحقق فيه: النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني. وقد حدث هذا عن قصد، فبفضل ترامب، رأى نتنياهو المعارض لدولة فلسطينية ذات سيادة، طريقا لدمج إسرائيل مع جيرانها ووضع المشكلة الفلسطينية على الرف".
وقال إن "المجموعة المزدهرة من الشركاء العرب والتي تشترك مع إسرائيل في خوفها من إيران وتشعر بالإحباط من الخلل الوظيفي داخل الحركة الوطنية الفلسطينية بمواكبة العملية التي أرادها نتنياهو، رضيت بذلك، وبعدما أجبر على الخروج من السلطة ليعود على رأس أكثر التحالفات المتطرفة في إسرائيل".
وظهر في أيلول/ سبتمبر على منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة مع بخريطة "الشرق الأوسط الجديد" وقد محي منها أي أثر للدولة الفلسطينية والشعب الفلسطيني.
ثم جاءت أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر وتغير العالم، وهزت الحرب التي شنتها "إسرائيل" ضد قطاع غزة المنطقة، ودمرت القطاع المحاصر وأدت إلى استشهاد عشرات الآلاف من الأشخاص، وكارثة إنسانية واسعة.
وبسبب ذلك تزايدت الدعاوى القانونية الدولية ضد "إسرائيل" وحكومتها المتطرفة، وقد تصدر المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال ضد نتنياهو ووزير الدفاع الحرب يوآف غالانت في غضون أيام بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية واستخدام التجويع كسلاح في الحرب، بحسب ما جاء في المقال.
وتناقش محكمة العدل الدولية دعوى تتهم "إسرائيل" بالإبادة الجماعية، وأصدرت يوم الجمعة حكما منفصلا دعت فيه الاحتلال لوقف احتلاله المناطق الفلسطينية وتفكيك المستوطنات.
ويعتبر هذا الحكم مرفوضا من نتنياهو الذي تزايد التوسع الاستيطاني في عهده، ويأتي إلى واشنطن لإلقاء خطاب مثير للجدل، في وقت حاولت في دولة عربية جارة مع الرئيس جو بايدن وحلفائه التوسط بهدنة لوقف الحرب في غزة التي يريدها الفلسطينيون ومعظم المجتمع الدولي والإفراج عن الأسرى الإسرائيليين لدى حركة حماس.
وقال الكاتب إن مسؤولين أمريكيين وعرب يلومون نتنياهو على إفشال الاتفاق عمدا، خوفا من أن يتأثر موقعه السياسي في حال توقف القتال.
وقال مايكل كوبلو من منبر السياسة الإسرائيلي: "يتعرض نتنياهو لضغوط من كل الساحات، فلديه تحالف غير راض عنه وشركاء [متطرفون] كبتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير الذين يهدودون بفك التحالف لو وافق على وقف إطلاق النار، ولديه عائلات أسرى يتظاهرون في الشوارع وبأعداد كبيرة وتريد وقف إطلاق النار ومؤسسة أمنية تفضل وبقوة صفقة وقف إطلاق النار وجلب الأسرى. ويدفع بايدن بقوة وبدون تحفظ لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى ويريد شركاء إسرائيل في المنطقة أيضا وقف القتال ومنذ عدة أشهر".
وقال المفاوض السابق آرون ديفيد ميلر والزميل حاليا في وقفية كارنيغي إن هدف نتنياهو الحقيقي هو "الحفاظ على نفسه وقد نجح، وجاء ليستخدم الكونغرس والبيت الأبيض كأدوات وإظهار أنه رجل لا يستغنى عنه"، واقترح ميلر أن نتنياهو "يحاول كسب الوقت".
فالجمهوريون المستعدون لطعن بايدن المحاصر بالسكين، سيدعمون نتنياهو وموقفه المتحدي في الحرب، وبهذا كتبت مراسلة صحيفة "فايننشال تايمز" نيري زيبلر قائلة:"ما يريده نتنياهو، على الأرجح هو الوصول إلى نهاية الشهر وبداية العطلة للكنيست"، فالعطلة تمتد حتى تشرين الأول/ أكتوبر ولا يمكن خلالها التخلص من حكومة.
ولو استطاع نتنياهو البقاء فإن أقرب انتخابات ستكون في الربع الأول من عام 2025، وبحلول هذا الوقت سيكون في البيت الأبيض ساكن جديد، ويأمل نتنياهو في أن يكون ترامب الذي عزز حظوظه في الفترة الأولى، إلا أن المرشح الجمهوري لم يظهر أي اهتمام بنتنياهو، خلال الأشهر الأخيرة، فترامب لا يزال حانقا على رئيس الوزراء الإسرائيلي ويتهمه بالخيانة لأنه هنأ بايدن على الفوز في عام 2020.
كما أن اتفاقيات إبراهيم التي اعتبرها ترامب في حينه علامة على سياسته الخارجية لم تعد مهمة في الوقت الحالي.
ويواجه بايدن تمردا من اليسار في حزبه بسبب دعمه لـ "إسرائيل" وحربها في غزة ومساعدة واشنطن لها من خلال الأسلحة والدعم الدبلوماسي، وبحث الرئيس الأمريكي عن دعم من بعض الإسرائيليين والجيران العرب لتطبيق خطة "اليوم التالي" بغزة والذي يشتمل على حكومة تكنوقراط تدير غزة والضفة الغربية وتمويل من دول الخليج لإعادة إعمار القطاع واستئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين بشأن حل الدولتين.
وطالما ظلت الحرب دائرة، بقي نتنياهو في الحكم، كما أن رؤية السلام الأمريكية محكوم عليها بالفشل، فقد صوت أعضاء الكنيست يوم الجمعة الماضي على قرار لمنع إنشاء دولة فلسطينية، وهو تحرك رمزي أكد على موقف نتنياهو قبل رحلته إلى أمريكا.
وقال مسؤول عربي للكاتب: "طالما ظل نتنياهو هناك، فلا فرصة لأي تحرك بشأن خطة اليوم التالي". وبالمحصلة لا يوجد "تحول محوري للتاريخ"، وهذا ما يريده نتنياهو.