بعد مرور 6 أشهر
على زيارة الرئيس
الصومالي إلى القاهرة، أعلن مجلس الوزراء الصومالي عن موافقته
على
اتفاقية دفاع مشترك مع
مصر، ما يثير تساؤلات حول سبب التأخير في الإعلان
وتوقيت إعلانها والهدف منها.
تأتي هذه الخطوة
في ظل توترات إقليمية متصاعدة، ومحاولة فهم الأبعاد الاستراتيجية لهذا التعاون
الدفاعي غير المسبوق، ودور هذه الاتفاقية في حماية مصالح مصر على البحر الأحمر من
جهة، وتحقيق الاستقرار الأمني في الصومال من جهة أخرى.
ووافق مجلس
الوزراء في الصومال، في اجتماع استثنائي، الجمعة، على الاتفاقية دون الكشف عن مزيد
من التفاصيل حول طبيعة تلك الاتفاقية وبنودها.
في كانون
الثاني/ يناير الماضي زار الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود القاهرة في أعقاب إلغائه
الاتفاقية المبرمة بين إثيوبيا وإدارة أرض الصومال بشأن المنفذ البحري، وناقش مع
رئيس النظام عبد الفتاح السيسي، التحركات العربية والمصرية لمواجهة المخطط
الإثيوبي بإنشاء منفذ بحري وقوة عسكرية بحرية على البحر الأحمر.
وأكد السيسي أن
مصر لن تسمح بأي تهديد للصومال وأمنه، وأعلن رفض بلاده للاتفاق الموقع بين إقليم
أرض الصومال وإثيوبيا والتدخل في شؤونه والمساس بسيادته، مؤكدا أن الاتفاق بين أرض
الصومال وإثيوبيا غير مقبول.
توقيت خاطئ
ومتأخر
على الصعيد
الدبلوماسي وإذا ما كانت الاتفاقية تُعزز الاتفاقية الحضور المصري في منطقة القرن
الأفريقي، وتُمثل رسالة إلى الدول الإقليمية الأخرى، خاصةً إثيوبيا، قال مساعد
وزير الخارجية الأسبق، السفير عبد الله الأشعل، "اتفاقية الدفاع المشترك بين
البلدين ستأتي بنتائج عكسية على مصر، وستحرض إثيوبيا على مصالح مصر في نهر النيل
لأنها سوف تعتبرها رسالة تهديد".
ولكنه قلل في
حديثه لـ"عربي21": من أثرها في تغير الواقع، وقال: "هذه الاتفاقية
متأخرة جدا، وتؤكد أننا غائبون عن قراءة المشهد وليست لدينا مراكز دراسات تخبرنا
بما يجب فعله، ومن خلال خبرتي في العمل الدبلوماسي في إفريقيا فقدت مصر ثقلها في
القارة منذ وفاة عبد الناصر".
ورأى أن
"الاتفاقية لن تُساهم في ضمان الأمن البحري في البحر الأحمر، خاصة في ظل وجود
قواعد عسكرية لدول كبرى ومتطورة مثل الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وتركيا،
والحضور المصري الإقليمي لم يعد له وجود حقيقي، وليس أدل على ذلك من انضمام جوبا
إلى اتفاقية عنتيبي (دول حوض النيل) بعد 14 عاما من معارضتها استجابة لإثيوبيا".
ما هي اتفاقية
أرض الصومال مع إثيوبيا
في الأول من
كانون الثاني/ يناير وقّعت أرض الصومال مذكرة تفاهم تتضمن منح إثيوبيا حق استخدام
واجهة بحرية بطول 20 كيلومترا من أراضيها مدة 50 عاما على خليج عدن، عبر اتفاقية
إيجار، فيمت نددت مقديشو بالاتفاق ووصفته بأنه "غير القانوني".
مقابل هذا
المنفذ إلى البحر ستصبح إثيوبيا أول دولة تعترف بأرض الصومال رسميا، التي أعلنت
استقلالها من جانب واحد عن الصومال عام 1991، دون أن يعترف بها المجتمع الدولي أو
أي دولة.
وأعرب أمين عام
جامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، حينها عن رفض الجامعة الاتفاق، ووصفه بأنه
"انقلاب صارخ" على الثوابت العربية والأفريقية، فيما أعلنت مصر تضامنها
مع الصومال ضد المحاولات الرامية لانتهاك سيادته وسلامة أراضيه.
مكايدة سياسية
أم ردع عسكري
اعتبر الخبير
العسكري، العميد عادل الشريف، أن الاتفاقية "مكايدة سياسية في إثيوبيا أكثر
منها اتفاقية أمنية رادعة سواء لإثيوبيا أو لحماية مصالح مصر على البحر الأحمر
الذي تحمله أساطيل القوات البحرية الأمريكية والقوات المتحالفة معها".
وأضاف
لـ"عربي21": "أن كل ما هنالك أن اتفاقية إثيوبيا وأرض الصومال
-التي لم تعترف بها أي دولة – جذبت الأنظار إلى هذه المنطقة وإلى مصر التي يتراجع
دورها ونفوذها في المنطقة مقابل توسع دور أديس أبابا بشكل ملحوظ بدعم إقليمي وغربي".
ومع ذلك، يشير
الشريف إلى أن "الاتفاقية قد لا تُحدث تأثيرا رادعا كبيرا على إثيوبيا، وأن
مصر غير قادرة على شن أي عمل عسكري ضدها سواء على الأراضي الصومالية أو بشكل
مباشر، ولا تشكل تهديدا خاصة بعد أن انتهت أديس أبابا بالفعل من بناء السد، وأصبحت
مثل تلك الاتفاقيات مثل "أكلاشيهات" الأفلام للدعاية لا أكثر ولا أقل".