قال قيادي في حركة
حماس، السبت، إن الحركة لم تتلقِ من الوسطاء القطريين والمصريين حتى الآن أي ردود أو تطورات جديدة حقيقية بخصوص ملف
المفاوضات غير المباشرة مع
الاحتلال، وذلك في ظل أحاديث إسرائيلية عن مقترح جديد للصفقة، وقبل ساعات من انطلاق الاجتماع الرباعي المرتقب في العاصمة الإيطالية روما، لبحث التوصل إلى اتفاق هدنة بقطاع
غزة.
ومن المقرر أن يلتقي الأحد، مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وليام بيرنز بنظرائه من مصر وقطر، بالإضافة إلى الاستخبارات الإسرائيلية في روما.
ونقل موقع أكسيوس، الجمعة، عن مصادر قولها إن نتنياهو أبلغ عائلات أسرى بأن إسرائيل ستقدم لحماس مقترحا محدثا لوقف إطلاق النار خلال يومين.
وقال مُمثل حركة حماس في الجزائر، يوسف حمدان، إن "الحركة قدّمت منذ أكثر من شهر للوسطاء مقترحات عملية من أجل اختراق الانسداد التفاوضي الذي صنعه نتنياهو من خلال استمرار العبث والمراوغة، لكن حتى هذه اللحظة لم نتلقِ من الوسطاء أي رد بهذا الخصوص، في حين لا نسمع من الإدارة الأمريكية تحميل المسؤولية للاحتلال عن تعطيل المسار، كما أنها كانت، وما زالت، تتهم الحركة بذلك".
وأضاف، في تصريحات خاصة لـ"عربي21": "هذه ليست المرة الأولى التي تبدي فيها الحركة مرونة واستدارة سياسية من أجل عدم السماح لنتنياهو بالاستمرار في التهرب من استحقاق اتفاق وقف إطلاق النار؛ فقد وافقت الحركة على الورقة المُقدّمة من الاحتلال عبر الوسطاء في أيار/ مايو الماضي، ورحب الوسطاء بهذه الخطوة ورحبت الإدارة الأمريكية، ثم تنكر لها نتنياهو".
وتابع حمدان: "عقب ذلك، أطلق الرئيس الأمريكي، جو بايدن، مبادرة خطابية قال فيها إن الاحتلال موافق عليها؛ فرحبت الحركة بمضمونها، ولكن نتنياهو قدّم ورقة مختلفة عن ما قاله بايدن تراجع فيها عن ما ورد في الأوراق السابقة، وواصل تحميل الحركة مسؤولية عدم الوصول إلى اتفاق".
تعديلات نتنياهو
وحول التعديلات الجديدة التي أضافها نتنياهو مؤخرا على مقترح اتفاق وقف النار، قال: "لم يصلنا من الوسطاء أي جديد بعد بخصوص المقترحات التي قدّمتها الحركة لاختراق الانسداد التفاوضي. عمليا نتنياهو يقدّم ورقة ثم يقدّم تعديلات عليها بعد أن تبدي الحركة مرونة تجاهها، وهكذا يفعل منذ ورقة الإطار الأولى في باريس، وهذه سياسة باتت مفضوحة، وهدفها كسب الوقت والتعمية عن جرائم الاحتلال المستمرة والتلاعب بالرأي العام من أجل تحميل الحركة مسؤولية عدم الوصول إلى اتفاق".
وواصل القيادي في حركة حماس، حديثه قائلا: "يجب أن نكون واضحين في وصف الأمور حتى لا نقوم ببيع الوهم للناس أو مساعدة الاحتلال في تضليل الرأي العام".
واستطرد حمدان، قائلا: "نحن نتعامل بإيجابية مع أي مقترحات تراعي حقوق شعبنا وتطلعاته، وتؤدي إلى الوصول إلى اتفاق وقف العدوان على شعبنا وانسحاب الاحتلال من غزة وفتح المعابر وعودة النازحين وإعادة ترميم ما دمّره الاحتلال".
وتابع: "هذه الإيجابية يستغلها الاحتلال للمماطلة، ويسعى لدفع الحركة إلى الانسحاب من المسار التفاوضي لتحميلها مسؤولية عدم الوصول إلى اتفاق، إلا أن الحركة واعية جيدا لهذه الأهداف وتتصرف من منطلق مصلحة شعبنا وليس بردود أفعال، ولن تستسلم لإرادة الاحتلال، وكل الخيارات مفتوحة أمام الحركة للتعامل مع هذا السلوك من نتنياهو".
وردا على تفاؤل البعض بقرب التوصل إلى الاتفاق، قال: "التفاؤل أمر جيد، ولكن في العمل السياسي الأمر يختلف نوعا ما؛ فالمطلوب هو استثمار الأداء الميداني وتدوير الزوايا واختراق المساحات في إطار الممكن على قاعدة الثوابت الصلبة من أجل تحقيق الأهداف، وهذا ما تحرص عليه الحركة منذ بداية المعركة التفاوضية مع الاحتلال".
لعبة كسب الوقت
وأشار إلى أن "الإدارة الأمريكية حاولت الضغط على حركة حماس من خلال تضمين قرار مجلس الأمن دعوة الحركة للقبول بالمقترح الأمريكي وادعاء موافقة الاحتلال عليه؛ فردت الحركة بالترحيب بالقرار والدعوة إلى مباشرة تنفيذه من خلال الشروع في تحويله إلى إجراءات عملية مكتوبة على شكل التزامات الطرفين (ورقة اتفاق)، ولكن الاحتلال واصل التهرب والمراوغة".
وواصل حمدان، حديثه بالقول: "هذا السلوك المراوغ أدى إلى انسداد تفاوضي عملت الحركة على اختراقه من خلال إرسال مقترحات للوسطاء من شأنها سحب الذرائع من الاحتلال والوصول إلى اتفاق، ومع ذلك لم يرد نتنياهو حتى هذه اللحظة، وسمعنا أنه سيقدّم مقترحا جديدا بعد عودته من واشنطن".
وأضاف: "نحن نعتقد أن لعبة كسب الوقت وإطالة أمد المسار التفاوضي يهدف منها الاحتلال إلى تشكيل غطاء للرأي العام وتعمية على الجرائم التي يواصل ارتكابها بحق المدنيين آخرها صباح السبت في دير البلح باستهداف مباشر لمدرسة تُستخدم كمكان لعلاج المصابين (مستشفى ميداني) خلّفت العديد من الشهداء والجرحى".
وأكمل: "هذه المعادلة باتت مفضوحة، وعلى الإدارة الأمريكية تحمل مسؤولية تهرب الاحتلال من استحقاق الاتفاق واستخدام المسار التفاوضي وسيلة للتعمية عن جرائمه البشعة، وتحمل تبعات دعمها للاحتلال الذي يسعى لتوسيع دائرة النيران وتوريط الجميع معه في حرب إقليمية تؤمّن له -حسب ظنه- فترة بقاء أطول في سدة الحكم".
وعلى مدار أشهر تحاول جهود وساطة تقودها قطر ومصر، إلى جانب الولايات المتحدة، التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحركة حماس يضمن تبادلا للأسرى من الجانبين ووقفا لإطلاق النار، يفضي إلى ضمان دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع الفلسطيني.
غير أن جهود الوساطة أعيقت على خلفية رفض نتنياهو الاستجابة لمطالب حركة حماس بوقف العدوان الإسرائيلي الذي دخل شهره العاشر على التوالي.
ويتمسك نتنياهو بأي صفقة مع إمكانية استئناف الحرب، بينما تُصر حماس على إنهائها وانسحاب الجيش الإسرائيلي وحرية عودة النازحين إلى مناطقهم وإعادة إعمار قطاع غزة.