نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني مقالا لرئيس تحريره الصحفي المخضرم ديفيد
هيرست، تحدث فيه عن أعمال الشغب التي شهدتها المدن البريطانية من قبل مجموعات
اليمين المتطرف.
وتحدث هيرست في المقال الذي ترجمته "عربي21" عن دور داعمي الاحتلال الإسرائيلي في أعمال الشغب.
وتاليا ترجمة المقال:
كان أسبوعاً سيئاً بالنسبة لكتائب السياسيين والصحفيين الذين اصطفوا في صعيد واحد خدمة لقضية مشتركة مع الفاشيين حول التهديد الذي يشكله المسلمون لبريطانيا.
ينبغي أن تُذكر أسماؤهم. هناك أولاً نايجيل فاراج، الذي ادعى بلا دليل على الإطلاق أن ثلاثة أرباع المسلمين لا يشكلون تهديداً لبريطانيا – بمعنى أن ربعهم يشكلون تهديداً لها.
ثم هناك سويلا برافرمان، التي فعلت حينما كانت تشغل منصب وزيرة الداخلية أكثر من أي شخص آخر لإضفاء المشروعية على الإسلاموفوبيا، وطردت من منصبها حينما شككت في نزاهة وحيادية قوات الشرطة، والتي كانت بوصفها وزيرة للداخلية تتحمل جزءاً من المسؤولية عنها.
ثم هناك دوغلاس ماري، الوجه الغريب المقبول لليمين المتطرف الذي قال إن
بريطانيا بحاجة إلى "مقاربة صندوق العدد في التعامل مع العدو المسمى التطرف الإسلامي"، وأن ذلك لا مفر من أن يشارك فيه "أناس أنا وأنت لا نحبهم" ولكننا نحتاج إلى التعامل معهم.
وكان ماري قد طالب في عام 2018 بإطلاق سراح مؤسس رابطة الدفاع البريطانية تومي روبنسون، ووصف المنظمة بأنها "حركة احتجاج شعبية في بريطانيا، يمكن تلخيص غاياتها بأنها مناهضة للأسلمة".
وينبغي أيضاً أن نذكر اسم روبنسون نفسه في هذا السياق، وهو الذي كان يقضي إجازة في قبرص عندما وصلت الثورة أخيراً إلى شوارع ساوثبورت وهارتلبول ومانشستر. ونذكر اسم إيلون ماسك، مالك منصة إكس (تويتر سابقاً)، الذي شارك في نشر الأخبار الكاذبة التي تقول إن من يدانون بأعمال الشغب سوف يرسلون إلى معسكرات اعتقال.
وذلك أن هذا كان هو الأسبوع الذي ادعى فيه، من وصفهم ماري بالأناس "الذين أنا وأنت لا نحبهم" ولكننا نحتاج إلى التعامل معهم، زوراً وبهتاناً أن قاتل الأطفال الثلاثة كان من طلاب اللجوء وأنه كان مسلماً.
شيطنة المجتمعات المسلمة
كان هذا أسبوعاً شهدت فيها بريطانيا أسوأ تمرد فاشي منذ حادثة كيبيل ستريت، حيث حاول الأوباش إشعال النار بالفنادق التي تؤوي المهاجرين، وهاجموا الشرطة بالطوب، ويواجهون الآن أحكاماً بالسجن لمدد طويلة.
تلا ذلك ما هو أسوأ بالنسبة لأمثال فاراج وبرافارمان وماري. فيوم الأربعاء، تصدت للفاشيين نفس المجتمعات المسلمة، من الذين أمضوا حياتهم وهم يعملون على شيطنتها باعتبارها "أماكن لا يمكن الاقتراب منها"، وأجبروا الأوباش على إخلاء الشوارع، التي رفرفت فيها الأعلام الفلسطينية بفضل هؤلاء الأبطال.
بدلاً من إدانة هذا الاستعراض للقوة باعتباره نوعاً من "الاقتصاص غير القانوني"، كما كان يرغب في ذلك كل من برافارمان وماري، خرج رئيس الشرطة مارك رولي ليشيد بالمتظاهرين، وليقول إن المخاوف من حدوث إخلال بالأمن والنظام تبددت بفضل جهود الشرطة "وما شهدناه من استعراض للوحدة بين المجتمعات".
فيما لو كانت أعمال الشغب قد انتهت بالفعل، على الأقل حالياً، وفيما لو ثبت أنها ليست كما وعد اليمين المتطرف بداية صيف ساخن وطويل، فإن هذا الأسبوع يلقي بظلال طويلة على الروابط القائمة بين البلطجية ونفس أولئك الأشخاص الذين جعلوا مهمتهم في الحياة هي تقطير سموم العنصرية والإسلاموفوبيا في بئر الخطاب الشعبي العام في بريطانيا، وعلى مدى عقود.
لن يكون سهلاً التخلص من هؤلاء الذي ارتضوا أن يكونوا ضمن هذا الحلف.
فلا شك أن روبنسون نفسه يحصل على تمويل من مجموعة متنوعة من المنظمات اليمينية المتطرفة على مستوى العالم، والتي تشكل جزءاً أساسياً من البنية التحتية لليمين المتطرف الداعم لإسرائيل في الولايات المتحدة الأمريكية.
إحدى تلك المنظمات هي مركز بحث وتفكير يتخذ من فيلادلفيا مقراً له، يسمى منتدى الشرق الأوسط، والذي أكد رئيسه دانيال بايبز، في حديث مع صحيفة ذي تايمز أوف إسرائيل، إن مجموعته أنفقت ما يقرب من ستين ألف دولار علي ثلاث مظاهرات انطلقت للدفاع عن روبنسون، والذي قضى أربع فترات سجن خلال الفترة الواقعة ما بين عام 2005 وعام 2019.
يحظى روبنسون كذلك بدعم وتأييد منظمة أخرى تعرف باسم "مركز ديفيد هوروفيتس للحرية".
هوروفيتس نفسه وصف روبنسون في رسالة إيميل بعث بها إلى صحيفة الغارديان على النحو التالي: "تومي روبنسون رجل إنجليزي شجاع خاطر بحياته من أجل فضح جائحة الاغتصاب التي تمارسها عصابات المسلمين ضد الفتيات الصغيرات ويتم التستر عليها من قبل حكومتكم التي لا تخجل".
في مقابلة مع القناة 13 الإسرائيلية، عزا روبنسون أعمال الشغب إلى تواجد أنصار حماس في شوارع
لندن كل أسبوع.
وقال في حديثه ذاك: "في هذا الوقت، لم نزل نتعرض لهجمات جهادية كل سنة على مدى خمسة عشر عاماً. وما شهدناه منذ السابع من أكتوبر هو الاستيلاء على مدينتا كل أسبوع من قبل مجموعات مؤيدة لحماس ومؤيدة للجهاد، والتي تشجع على الكراهية في شوارعنا، ولا تجد رادعاً لها من قبل الشرطة".
وكان روبنسون قد زار إسرائيل في عام 2016، وتصور مع الدبابات في مرتفعات الجولان.
رفض التراجع
قبل أحداث السابع من أكتوبر بوقت طويل، كان اليمين المتطرف الفاشي والصهاينة الليبراليون الجدد يشتركون في الكثير فيما بينهم: كلا الطرفين استخدم الأكاذيب من أجل شيطنة خصومهم.
كان الذي ارتكب الهجوم البشع بالسكين في ساوثبورت هو من مواليد ويلز، وقد ولد لأبوين مسيحيين من رواندا. ومع ذلك، لم يحل ذلك دون أن يشن المتطرفون اليمينيون هجوماً على مسجد محلي.
وحتى بعد أن تم الكشف عن الحقائق المتعلقة بهوية المهاجم، رفض أندرو تيت، وهو من مشاهير السوشال ميديا، والذي انتشر مقطعه المصور حول جريمة القتل في ساوثبورت كالنار في الهشيم، التراجع عما زعمه في لقائه مع بيرز مورغان من أن القاتل كان مهاجراً.
بنفس الطريقة كانت قضية حصان طروادة، والمتعلقة بالادعاء أن الإسلاميين فرضوا سيطرتهم على العديد من المدارس الابتدائية في مدينة بيرمنغهام، أمراً مختلقاً تماماً. ومع ذلك لم يوقف الكشف عن ذلك مايكل غوف، الذي كان وزيراً في الحكومة حينذاك، ولا صحيفة التايمز عن المضي في الحملة المغرضة بهذا الشأن.
كما أن عضو البرلمان روبرت جينريك، الذي تبنى سن تشريع ضد حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات، مستمر في نشر الأكاذيب العنصرية التي يتلقفها وينشرها نشطاء اليمين المتطرف.
وكان وزير الهجرة السابق في حكومة المحافظين قد قال إنه ينبغي إلقاء القبض حالاً على جميع أولئك الذين يهتفون بشعار "الله أكبر"، مشبهاً ذلك بشعارات المتطرفين، بينما هو جزء لا يتجزأ من صلاة المسلمين، يرددونه يومياً.
منذ هجوم حماس، لا يتورع الفاشيون والمتحمسون من أعضاء جماعات اللوبي الإسرائيلي عن وصم أنصار الفلسطينيين داخل بريطانيا جماعياً بأنهم مغتصبون.
وكان ماري قد انتقد في عام 2017 سياسة المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل والتي تقوم على فتح الحدود أمام المهاجرين السوريين، زاعماً أنها أفضت إلى "عدد أكبر من جرائم الاغتصاب وقطع الرؤوس مما كان موجوداً من قبل".
لم ينطق أي من هؤلاء بكلمة واحدة للتنديد بحملة الاغتصاب الممنهج ضد المعتقلين الفلسطينيين داخل معسكرات الاعتقال الإسرائيلية.
إعادة تعريف التطرف
يشترك هذا التحالف غير المقدس فيما هو أكثر من ذلك.
يعتقد هؤلاء أن إسرائيل توقف حشداً من المهاجرين القادمين من الأقطار المسلمة وتحول دون غزوهم لأوروبا، وأن الإسلام يشكل تهديداً لأسلوب الحياة اليهودي المسيحي، وأن إسرائيل هي النموذج القومي العرقي لما سيكون عليه شكل الدولة التي يتم تطهيرها من المسلمين.
حظي ماري، الذي اقترح بأنه يجب إعادة المهاجرين المسلمين إلى بلدانهم، بإشادة من قبل رئيس إسرائيل إسحاق هيرتزوغ باعتباره "صوتاً مفحماً للوضوح الأخلاقي" بسبب دعمه لإسرائيل أثناء الحرب على غزة.
وهذا أميخاي تشيكلي، وزير شؤون الشتات الإسرائيلي، الذي قال إنه يفضل رؤية شمال غزة وقد أخلي تماماً من سكانه، يصف ماري بأنه يصدع بالحق دون مهابة "في خضم سيمفونية من الأكاذيب، فهو الذي يفهم أن الحرب التي نخوضها ليست مقتصرة على ضمان مستقبل إسرائيل، بل هي حرب من أجل ضمان مستقبل الإنسانية قاطبة".
جلس ماري وماسك جنباً إلى جنب أثناء الخطاب الذي ألقاه مؤخراً رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الكونغرس، وهو الخطاب الذي وقف له الحضور مصفقين مرات عديدة.
قبل السابع من أكتوبر بوقت طويل، رحب زعماء المجتمع الذين يزعمون أنهم يمثلون يهود بريطانيا بمهندسي السياسات التي تشيطن المسلمين ضمن برنامج "بريفينت"، أو بمحاولات إعادة تعريف التطرف بهدف كتم الاحتجاجات المناصرة لفلسطين.
ما كان من الحرب على غزة إلا أن سرعت من علاقة الحب بينهم وبين الفاشيين. لقد عمدوا جميعاً إلى خلق أسطورة أن لندن باتت منطقة محظورة على اليهود، وذلك على الرغم من أن اليهود كانوا متواجدين كأفراد وكجماعات في مظاهرات التضامن مع فلسطين.
لم يمنع ذلك أمانة سلامة المجتمع، التي ليس لها من اسمها نصيب، والتي ترصد معاداة السامية، ولا مجلس مندوبي اليهود في بريطانيا، ولا مجلس القيادة اليهودية من الدعوة إلى وقف المسيرات أو فرض قيود عليها بذريعة أن اليهود لم يشعروا بالأمان.
قالت سيدة وارسي، التي شغلت منصب وزير دولة لدى وزارة الخارجية في حكومة ديفيد كاميرون، إن ذلك كان السبب الذي من أجله لم يسمح رئيس الوزراء السابق كاميرون لماري ومن على شاكلته بالاقتراب من صناعة السياسة في حكومته. وقالت في تغريدة عبر حسابها على منصة إكس: "كانوا يدركون جيداً من هو".
وأضافت وارسي: "كانت برافرمان تقتبس من ماري وتؤيده داخل البرلمان عندما كانت تشغل منصب وزيرة الداخلية، ولهذا السبب أهيب ببعض زملائي لأنهم ليسوا محافظين، بل هم شعبويون يمينيون متطرفون سمحوا للمعاتيه والمجانين والعنصريين المتخفين بتسميم حياتنا السياسية".
لقد غدا كل من ماري وفاراج اليوم أشبه بمن يشعل الحريق ثم يوجه اللوم عليها إلى فرقة المطافئ زعماً أنها وصلت إلى الموقع متأخرة.
الانفصام في حزب العمال
لسوف يعمد كير ستارمر، والذي تعتبر أعمال الشغب أول اختبار رئيسي لرئاسته للحكومة، إلى تهنئة ذاته على إنجازه المهمة على أحسن وجه، وللعبه بورقة اللجوء إلى الشدة من أجل الحفاظ على الأمن والنظام، ولظهوره بمظهر المنتصر.
إلا أن ستارمر في قرارة نفسه قلق بنفس القدر إزاء الإشادة بالمجتمع المسلم، وهو المجتمع الذي لم يزل يرفض استقبال قيادته، والمتمثلة في مجلس مسلمي بريطانيا.
ولا أدل على ذلك من المعركة التي تدور رحاها في منطقة فينشلي، شمال لندن، والتي تكشف عن الانفصام الذي يعاني منه حزب العمال في الصميم منه.
بدأت المعركة في شهر مايو (أيار) عندما نظم أنصار فلسطين مظاهرة خارج سينما فينكس، التي كانت تعرض فيلماً حول مهرجان نوفا الموسيقي الذي هاجمته حماس يوم السابع من أكتوبر.
سرعان ما ظهرت مسيرة احتجاجية مناوئة تدعم الفيلم، ولكنها هذه المرة اشتملت على عنصر جديد وعنيف، إنه رابطة الدفاع الإنجليزية، التي جاء أنصارها يلوحون بالأعلام الإنجليزية والإسرائيلية وترتفع أصواتهم بالشتائم العنصرية.
لم يكن من باب المصادفة أن يظهر أعضاء رابطة الدفاع الإنجليزية في فينشلي، وهي منطقة ذات كثافة سكانية يهودية.
ولكن عندما قامت مجموعة تسمى نفسها "فينشلي ضد الفاشية" برفع لافتة تدعو للتظاهر كتب عليها "أخرجوا الفاشيين والعنصريين والنازيين والصهاينة والإسلاموفوبيين من فينشلي" أثار ضم الصهاينة إلى القائمة المستهدفة حفيظة نائبة البرلمان المحلية ساره ساكمان، وهي نفسها يهودية، فما كان منها إلا أن نددت بالنشاط بأسره.
علق على ذلك الصحفي أوين جونز قائلاً إنه فيما لو نددت عضوة البرلمان ساكمان باللافتة دون أن تدين النشاط الاحتجاجي بأسره لأمكن تفهم ذلك، ولكنها في الحقيقة أدانت النشاط بأسره.
خلال يوم واحد فقط نأى حزب العمال بنفسه عن الحركة المناهضة للفاشيين، والتي ساعدت في إطفاء جذوة أكبر تمرد فاشي في التاريخ المعاصر، ومرجع ذلك في الحقيقة هو أن حزب العمال لم يدخر وسعاً في العمل على إقصاء ناخبيه المسلمين منذ أن بدأت إسرائيل هجومها على غزة.
خسر حزب العمال خمسة مقاعد لصالح المستقلين بسبب سياسته التي تقوم على دعم "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها" في غزة، وبسبب معارضته للدعوة إلى وقف إطلاق نار مباشر ودائم.
بدلاً من تعلم الدروس من ذلك، راح أعضاء البرلمان الذين خسروا مقاعدهم يعزون هزيمتهم إلى حملة الشيطنة السمية التي شنت عليهم، بدلاً من سياساتهم وتصويتهم إزاء غزة – حتى إن وزيرة الداخلية إيفيت كوبر أمرت بإجراء تحقيق في الأمر.
أمل بريطانيا الوحيد
سارت ساكمان بنفس إيقاع زعيم حزبها الذي قيل إنه حظر على ممثلي حزب العمال المنتخبين المشاركة في المظاهرات الأخيرة التي نظمها المناهضون للفاشية، تماماً كما فعل من قبل إزاء المسيرات المؤيدة لفلسطين.
وكما هو معهود منه، فقد نشر كبير الحاخامات إفراييم ميرفيس تغريدة عبر حسابه على منصة إكس قال فيها: "كثير من أبناء المجتمع اليهودي في بريطانيا يشعرون بأنهم محشورون بين سندان اليمين المتطرف الكريه ومطرقة اليسار المتطرف والمغرق في نظرية المؤامرة".
ومضى ميرفيس ليقول: "إن السرعة التي بها وسع البعض هجماته على الفاشيين والعنصريين لتشمل هجمات على الصهاينة، تعكس جهلاً تاماً بمن هم الصهاينة، وبالفعل من هم اليهود. ومما يثير القلق بشكل عميق، تلك السهولة التي بها راح بعض النشطاء يحملون المسؤولية للممولين الصهاينة في الخارج، وهي كذبة لا تخدم غاية سوى إثارة الضغائن والأحقاد".
لا يمكنك أن تعانق الفاشيين الذين يزعمون أنهم يدعمون إسرائيل، كما فعل قادة إسرائيل أنفسهم، والسماح للفاشيين بالانضمام إليك في المظاهرات المناوئة لمسيرات أنصار فلسطين في لندن، ثم تشتكي من أنك محشور بين السندان والمطرقة عندما يكشف الفاشيون عن ألوانهم الحقيقية.
لقد جر دعم الوطن اليهودي في إسرائيل بعض يهود بريطانيا بعيداً عن مكانهم الصحيح، وهو أن يقفوا جنباً إلى جنب مع المسلمين باعتبارهم ضحايا للفاشية.
ولكنهم ليسوا سواء. فكثير من اليهود البريطانيين ما زالوا صادقين في الالتزام بمعتقداتهم في نفس الوقت الذي يشكلون فيه جزءاً من الحركة الواسعة المؤيدة للفلسطينيين والتي تتظاهر احتجاجاً على المذابح التي ترتكب داخل غزة.
ما كان ينبغي لميرفيس، الذي يزعم بأنه يمثل المجتمع اليهودي، أن يندد بالحركة المناهضة للفاشية. بل كان يجدر به أن يدعمها لأن كل يهودي يعلم يقيناً بأنه ما أن ينتهي الفاشيون من أقلية من الأقليات إلا وتوجهوا نحو أقلية أخرى لينقضوا عليها. يعلم كل يهودي أن اليمين المتطرف حليف فتاك.
حينما تخرج الصراع الإسرائيلي الفلسطيني من المعادلة، وتسمح للمجتمعات الدينية المجاورة للمساجد أو المعابد اليهودية بأن تمضي في إدارة شؤونها بنفسها، فلن يحدث احتكاك، بل سوف تجدهم يساعد بعضهم بعضاً في إنقاذ المجتمع والحفاظ عليه.
ينبغي أن يكون السلام والاحترام المتبادل هو الحالة الطبيعية التي تسود بين اليهود والمسلمين. إلا أن التاريخ القبيح لإسرائيل يشوه كل محاولة للصلح بين من يؤيدون بحماس الوطن اليهودي وبين أبناء المجتمع المسلم.
تماماً كما هو الحال في الشرق الأوسط، وقعت في بريطانيا خلال الأسبوع الماضي أحداث مزلزلة، ولم يتغير شيء. لا تجد من يتوب، ناهيك عن أن تجد من يعتذر أو يقر بالمسؤولية عن الأذى الذي سببته كلماته.
لقد آن لجيل جديد من زعماء المجتمع أن يتقدموا ويتولوا زمام المبادرة، جيل لديه الاستعداد للتضامن مع المظلوم. وذلك هو أمل بريطانيا الوحيد.
للاطلاع على النص الأصلي (هنا)