نشر موقع "
كوين تريبون" الفرنسي تقريرًا تحدث فيه عن اشتداد حدة المواجهة الاقتصادية بين
الاتحاد الأوروبي والصين.
وقال الموقع، في
تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن القرار الذي اتخذه الاتحاد الأوروبي مؤخرا بفرض رسوم جمركية تصل إلى 36.3 ٪ على
السيارات الكهربائية الصينية ليس مجرد خطوة حمائية.
وأضاف الموقع أن ذلك بمثابة نقطة تحول إستراتيجية في معركة السيطرة على سوق الطاقة المتجددة العالمية. ورداً على ذلك، سارعت بكين إلى الهجوم المضاد بإجراء تحقيق لمكافحة الدعم في منتجات الألبان الأوروبية.
وتوضح هذه التدابير الانتقامية تصاعد التوترات التي تتجاوز مجرد النزاعات التجارية البسيطة، وتثير العديد من التساؤلات حول مستقبل العلاقات الصينية الأوروبية.
الحقائق: تصاعد التوترات التجارية
وصلت التوترات بين الاتحاد الأوروبي والصين إلى مستوى جديد هذا الأسبوع بعد إعلان الاتحاد الأوروبي فرض رسوم جمركية على واردات السيارات الكهربائية الصينية.
وينبع القرار، الذي اتخذ بعد تحقيق دام تسعة أشهر، من الشكوك حول الإعانات الضخمة التي تمنحها بكين لصناعة السيارات الكهربائية. وفقاً لتقرير رسمي، فإن هذه الإعانات تشوه المنافسة وتهدد المصالح الاقتصادية الأوروبية.
ورداً على ذلك، وبعد أقل من 24 ساعة من هذا الإعلان، فتحت الصين تحقيقًا حول مكافحة الدعم في منتجات الألبان المستوردة من الاتحاد الأوروبي، من خلال استهداف الإعانات الزراعية الأوروبية.
في هذا الصدد، قال المتحدث باسم المفوضية الأوروبية، أولوف جيل: "سندافع بقوة عن مصالح صناعة الألبان في الاتحاد الأوروبي والسياسة الزراعية المشتركة".
وذكر الموقع أن هذه السلسلة من الأحداث تسلط الضوء على الديناميكيات المعقدة بين العملاقين الاقتصاديين. شهد المصنعون الصينيون، الذين تأثروا بالفعل بالرسوم الإضافية المؤقتة التي فرضها الاتحاد الأوروبي في تموز/يوليو الماضي، انخفاضًا حادًا في مبيعاتهم، مع انخفاض بنسبة 45 ٪ بين حزيران/ يونيو وتموز/ يوليو 2024.
ويعكس الوضع في فرنسا هذا الاتجاه، حيث أدت تدابير مثل المكافأة البيئية الجديدة على السيارات المنتجة في أوروبا إلى تفاقم الصعوبات التي تواجه النماذج الصينية. وسجلت سيارة "آم.جي.4"، وهي سيارة شعبية في فرنسا، انخفاضًا بنسبة 33 ٪ في المبيعات بين كانون الثاني/ يناير وتموز/يوليو من هذه السنة.
القضايا الاستراتيجية والآفاق
وأورد الموقع أن هذه المواجهة قد تكون بمثابة بداية صراع تجاري واسع النطاق بين الاتحاد الأوروبي والصين. وبينما تقول بروكسل إنها مستعدة لاستكشاف "حلول بديلة" تتوافق مع قواعد منظمة التجارة العالمية؛ تظهر بكين القليل من المؤشرات على تخفيف استراتيجية الاستجابة الخاصة بها.
في هذا الصدد؛ يقول جوزيب بوريل، الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي: "من الممكن أن تكون هذه الحرب التجارية حتمية". ويثير هذا التصعيد مخاوف بشأن العواقب الاقتصادية واسعة النطاق، لا سيما على سلاسل التوريد العالمية والأسواق المالية التي أضعفتها بالفعل العديد من الأزمات الاقتصادية.
بالنسبة للصناعة الأوروبية، فإن الحرب التجارية طويلة الأمد تعني زيادة التكاليف وخسارة القدرة التنافسية في السوق العالمية. أما بالنسبة للصين تهدد تدابير الحماية الأوروبية بإبطاء التوسع الدولي لمصنعي السيارات.
وبناء عليه، من الضروري مراقبة المراحل القادمة من هذا الصراع عن كثب. فعلى المدى البعيد، ستعيد هكذا حرب تشكيل العلاقات الصينية الأوروبية وتخلق انعكاسات عميقة على الاقتصاد العالمي مصحوبة بتعديلات استراتيجية وأفكار جديدة على مستوى سياسات التجارة الدولية.
وفي ختام التقرير نوه الموقع إلى أن الجانبين يقفان عند مفترق طرق حاسم وما بدأ كنزاع يركز على قطاع السيارات الكهربائية يمكن أن يشمل مجالات أخرى ويخلف تداعيات لا يمكن التنبؤ بها. وستعتمد نتيجة هذه الأزمة على قدرة الكتلتين الاقتصاديتين على تحقيق التوازن بين حماية مصالحهما والحفاظ على الاستقرار الاقتصادي العالمي.