قال باحث
فلسطيني في الشؤون الإسرائيلية، إن تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي
بنيامين نتنياهو في 18-6-2024 والذي زعم فيه أنه "لن يكون هناك
حرب أهلية في
إسرائيل"، ليس إلا صدىً لنقاش يدور في الأوساط السياسية الإسرائيلية وفي
مستويات رسمية وأكاديمية وشعبية قبيل طوفان الأقصى وبعده.
جاء ذلك في ورقة علمية أصدرها مركز الزيتونة
للدراسات والاستشارات بعنوان "البجعة السوداء في المستقبل الإسرائيلي"
وهي من إعداد الأستاذ الدكتور وليد عبد الحي، خبير الدراسات المستقبلية
والاستشرافية.
وأكد عبد الحي أن صمود المقاومة في غزة في
مواجهة
الاحتلال، ودعم محور المقاومة لها، سيعزز من تنامي التوجه الدولي والعربي
نحو الضغط على "إسرائيل" لقبول تسوية للصراع العربي الصهيوني، ورأى أن
ذلك قد يكون المتغير المركزي الذي سيجعل من نسبة 40.3%، القائمة على عدم التجانس
الإثني الداخلي، تتزايد بفعل الانقسام العميق داخل هذه التنوعات الإثنية تجاه مضمون
التسوية للصراع العربي الصهيوني.
ولفتت الدراسة الانتباه إلى مسألة تتعلّق
بنتائج الصراع الحالي بين محور المقاومة و"إسرائيل"، حيث أشارت إلى أن
تزايد الضغط على المجتمع الإسرائيلي أمنياً قد يدفع إلى طرح فكرة القبول بتسوية
ما، وهو ما قد يفجِّر الصراع الداخلي بين الإسرائيليين حول مشروع التسوية، لا
سيّما أن موضوع الدولة الفلسطينية في حدود 1967 تمثل نقطة تباين حاد في المجتمع
الإسرائيلي من ناحية، وأصبحت هي الأكثر رواجاً في الديبلوماسية الدولية، لكن
اليمين الإسرائيلي، بما في ذلك أكثر من ثلاثة أرباع المليون من المستوطنين في
الضفة الغربية يعارضون هذا الحل بقوة، ما قد يفجِّر الصراع الداخلي في مستوى معين.
وخلصت الورقة، استناداً لسياقها التحليلي،
إلى أن احتمال نشوب الحرب الأهلية في "إسرائيل" هو40.3%، ورأت أن ذلك
قابل للتغير نحو الأعلى إذا تضافر عاملان اثنان معاً وهما: قدرة المقاومة على
الصمود في قطاع غزة من ناحية، واتساع تأثيرات الخطر الخارجي مع تنامي قبول المجتمع
الدولي بحل الدولتين من ناحية ثانية، ما يسبب اتساع الاستقطاب السياسي والاجتماعي
في "إسرائيل" للتعامل مع هذا الاحتمال.
وأشارت الورقة إلى توقع بعض الباحثين بأن
"إسرائيل" ستجد نفسها في مواجهة مع المستوطنين في الضفة الغربية في حالة
إقرار هذا الحل، وهو الاحتمال الذي سيقود لمواجهات تحاكي الحرب الأهلية، وتغذيها
سلطة حاكمة على أسس ثيوقراطية متزمتة تتناقض تماماً مع الأسس التي ادّعى إعلان ما
يسمى "الاستقلال الإسرائيلي" تبنيها. ورأى الباحث أن هذه الصورة تمثل
الهاجس المركزي في تفكير القوة السياسية الحاكمة في "إسرائيل"، ما
سيزيد هذه القوة نزوعاً نحو مزيد من العنف في الحرب الحالية مع محور المقاومة.
وشهدت إسرائيل الاثنين الماضي إضرابا عاما
دعا له اتحاد نقابات العمال "الهستدروت"، لدفع الحكومة برئاسة بنيامين
نتنياهو للقبول بصفقة تبادل أسرى مع حركة حماس، قبل أن تقرر محكمة العمل الإسرائيلية في تل
أبيب، وقف الإضراب عند الساعة الـ2:30 بعد الظهر من ذات اليوم.
وعمّ الإضراب العام أنحاء إسرائيل، الاثنين،
استجابة لدعوة "الهستدروت"، وانضم إليه العديد من الشركات الكبرى وشبكات
التسوق؛ في وقت لجأت الحكومة إلى المحكمة من أجل إلغاء الإضراب.
ومنذ أشهر، يتهم مسؤولون أمنيون والمعارضة
وعائلات الأسرى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعرقلة إبرام اتفاق مع
"حماس"؛ خشية انهيار ائتلافه الحاكم وفقدانه منصبه، ويطالبون باستقالته
وإجراء انتخابات مبكرة.
ويهدد وزراء اليمين المتطرف، بينهم وزيرا
الأمن القومي إيتمار بن غفير، والمالية بتسلئيل سموتريتش، بالانسحاب من الحكومة
وإسقاطها إذا قبلت باتفاق ينص على انسحاب كامل للجيش و/أو إنهاء الحرب على غزة.
وكان زعيم تحالف "الديمقراطيين"
الإسرائيلي، يائير غولان، قد دعا في وقت سابق، المعارضة إلى تجاوز خلافاتها والعمل
لإجراء انتخابات في أقرب وقت ممكن في سبيل الإطاحة بحكومة بنيامين نتنياهو.
وتحالف "الديمقراطيون" المعارض
أعلن في 12 يوليو/ تموز الماضي، ويضم "حزب العمل" أحد مؤسسي دولة
إسرائيل، لكن شعبيته تراجعت كثيرا في العقود الأخيرة، و"ميرتس" الحزب
اليساري الوحيد المؤيد لقيام دولة فلسطينية ويعارض الاستيطان.
وفي الـ22 من يوليو/ تموز الماضي بدأ الكنيست
عطلته الصيفية، ومن المقرر أن يعود للانعقاد منتصف أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، مع
بدء الدورة الشتوية.
وتتهم المعارضة وطيفٌ واسع من المجتمع
الإسرائيلي، نتنياهو بالفشل في تحقيق أهداف الحرب على غزة وإطالة أمدها للحفاظ على
بقائه السياسي، مع إهدار عدة فرص للتوصل إلى صفقة لإطلاق سراح المحتجزين.
ولأكثر من مرة منذ أشهر، دعت المعارضة إلى إسقاط حكومة نتنياهو للأسباب ذاتها، فيما تشهد العديد من المدن احتجاجات للمطالبة
بإبرام صفقة تبادل أسرى مع "حماس" وإجراء انتخابات مبكرة.
وبدعم أمريكي تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/
تشرين الأول الماضي حربا مدمرة على غزة خلفت أكثر من 134 ألف قتيل وجريح
فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على الـ10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة
قاتلة.
وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل تل أبيب
الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية
باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.
اقرأ أيضا: إضراب عام يشّل "إسرائيل".. نتنياهو يتحدى وبايدن يقدم "فرصة أخيرة"