رأت صحيفة
ديلي تلغراف البريطانية أن
حزب الله لا يزال مترددا في التصعيد مع
الاحتلال الإسرائيلي نحو الحرب، مرجحا أن تكون إيران تضغط على الحرب حتى لا يدخل في معركة من شأنها إدخال الولايات المتحدة إلى القتال في المنطقة.
وقال التقرير الذي عمل عليه أدريان بلومفيلد، إنه قد يكون من الحماقة استفزاز الدب الروسي، لكن
استفزاز الدب
اللبناني يبدو أمرا مختلفا.
فحزب الله هو بلا شك القوة القتالية من الجماعات غير الدول، الأكثر قوة في العالم.
وتتجاوز قدراته العسكرية قدرات جيوش العديد من دول الشرق الأوسط، بما في ذلك
لبنان. وتشمل ترسانته الضخمة صواريخ موجهة قادرة على ضرب أي مدينة إسرائيلية.
ومع ذلك، كان رد فعل المجموعة على أيام من الاستفزاز فاترا إلى حد
كبير حتى الآن. وحذر نصر الله إسرائيل من أن أي ضربة على معقله في الضاحية
الجنوبية لبيروت سيواجه برشقات صاروخية تصل إلى تل أبيب.
وقصفت إسرائيل العاصمة
اللبنانية خلال الشهرين الماضيين مرتين، مما أسفر عن استشهاد بعض من أكثر قادة نصر
الله خبرة قتالية.
وفي الأسبوع الماضي، أصيب الآلاف من أفراد حزب الله بالشلل في هجمات
متزامنة على أجهزة بيجر وتوكي ووكي. ولم يكن رد حزب الله مجرد الرضوخ والمطالبة
بالمزيد، ففي نهاية هذا الأسبوع، أطلق الحزب أعنف هجماته الصاروخية عبر الحدود منذ
أن بدأ إطلاق الصواريخ على شمال إسرائيل تضامنا مع حماس في تشرين الأول/أكتوبر
الماضي.
وجاء وابل الصواريخ بعد إعلان الحزب أنه في "معركة حساب
مفتوحة" مع إسرائيل. وقد تجنب الحزب استهداف التجمعات السكانية الإسرائيلية،
كما لم ينشر أسلحته الأكثر تطورا، بل تحدث
بلغة التهديد وإن بطريقة غامضة عن الرد في وقت غير محدد في المستقبل.
وهذا أقل
كثيرا من إعلان الحرب الكاملة التي يتوق إليها مقاتلوه، فلماذا الخجل؟
الإجابة الأكثر وضوحا هي أن إيران تعمل على كبح جماح الحزب. فحزب الله
هو أقوى جماعة وكيلة لطهران في الشرق الأوسط وصواريخه الموجهة بدقة، مثل صاروخ
فاتح 110 الذي يبلغ مداه 300 كيلومتر، ومسيراته القتالية، تأتي من إيران.
وينظر
النظام الإيراني إلى حزب الله باعتباره بوليصة تأمين في حالة مهاجمة إسرائيل
لبرنامجه النووي. وكلما أطلق حزب الله المزيد من الصواريخ، تآكلت قوة الردع
الإيرانية. ولهذا يجد حزب الله نفسه مضطرا لأن يعزف على ألحان راعيته. ولكن قيادة
حزب الله مترددة أيضا في تصعيد الصراع إلى حد بعيد لأسباب خاصة بها.
ونقلت الصحيفة
عن قاسم قصير، الكاتب المقرب من حزب الله، قوله إن بعض هذه الأسباب تتعلق بالرأي المحلي.
أما الأسباب الأخرى فتتعلق بمخاوف الجماعة من أن يؤدي تبنيها للحرب الوقوع في فخ
نصبه نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي. وقال قصير لصحيفة التلغراف: "هناك
أمران يجب أخذهما في الاعتبار. الأول داخلي. حزب الله يعرف أن لبنان منقسم
وبالتالي فهو لا يريد جر البلاد إلى حرب لا يريدها البعض".
و"السبب
الآخر، هو معرفة حزب الله بأن نتنياهو يحاول جره إلى حرب شاملة على أمل توريط
الولايات المتحدة بالنزاع" مضيفا: "يعرف حزب الله أنه إذا وقع في هذا
الفخ، فإن أي حرب لن تكون فقط مع إسرائيل، بل وأيضاً مع داعميها الغربيين".
وتقول الصحيفة إن حزب الله مجهز عسكريا أفضل مما كان عليه عندما خاض
حربا دامية مع إسرائيل استمرت 34 يوما عام 2006.
وكان لدى الحزب في ذلك الوقت
15000 صاروخ غير موجه في الغالب، أطلق منها 4000 فقط. و"لكن على الرغم من أن
لديه الآن ترسانة حجمها عشر مرات ما كان لديه ومن حيث العدد والقوة، فإن حزب الله
يفضل إشراك إسرائيل في صراع منخفض المستوى أطول يضعف عزيمتها بدلا من تفجير قوته
النارية الكاملة في مواجهة واحدة ربما لا يستطيع الفوز بها"، حسب قول
قصير.
وقال: "إن إضعاف إسرائيل من
خلال حرب استنزاف طويلة، هي، في رأيي، الاستراتيجية التي يفضلها حزب الله".