قالت محللة بريطانية، إن مسألة معرفة
نوايا إسرائيل الاستراتيجية باتت أكثر إلحاحا، مع تصاعد الضربات على
لبنان، ما
يثير القلق أن هناك نوايا إسرائيلية لخلق ظروف لشن هجوم على المنشآت
النووية
الإيرانية.
وقالت برونوين مادوكس، المديرة والرئيسة
التنفيذية للمعهد الملكي للشؤون الدولية البريطاني "تشاتام هاوس" إن
معظم التفسيرات تشير إلى أهداف تكتيكية، تتعامل مع التهديدات المنفردة عند ظهورها.
ولا يوجد أي مؤشر على استراتيجية أساسية لتأمين السلام.
ويبرر وزراء إسرائيليون الهجمات على لبنان
بالرغبة الملحة في علاج الوضع في الشمال، فقد نزح نحو 60 ألف مستوطن من منازلهم في
المنطقة الحدودية بسبب الهجمات الصاروخية التي يشنها حزب الله، وكذلك بسبب مخاوفهم
من التعرض لغزو وعمليات اختطاف مثل تلك التي حدثت في السابع من تشرين الأول/
أكتوبر الماضي.
وترى مادوكس أنه من الممكن أخذ هذا التفسير على
محمل الجد إلى حد ما. فقد كان الضغط السياسي لحل مشكلة السكان النازحين من الشمال
يتصاعد على الصعيد الداخلي، وتزداد حدة المشكلة مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى
لأحداث السابع من أكتوبر. ويقول وزراء إنه "غير مقبول تماما بالنسبة لدولة أن
تكون مجبرة على التنازل عن استخدام أراضيها بهذا الشكل".
وأشارت مادوكس إلى أن القادة العسكريين "يتحدثون
بثقة بشأن توغل سريع لإبعاد حزب الله، إلا أن مثل هذه الخطط لا تظل دائما محكمة،
مثلما أظهرت تحركات إسرائيل السابقة في جنوب لبنان".
ومن المرجح أن تكون الهجمات التي استهدفت أجهزة
الاتصالات اللاسلكية في لبنان وسوريا في الأسبوع الماضي، والتي أسفرت عن مقتل
وإصابة قادة بارزين في حزب الله، قد دمرت الكثير من اتصالات الحزب. إلا أن قوات
الحزب لا تزال متمركزة في القرى بالقرب من الحدود وأي عملية عسكرية إسرائيلية في
جنوب لبنان لن تكون سهلة. كما أنه من غير المرجح أن تؤمن الضربات الصاروخية وحدها
المنطقة وستستفز صواريخ حزب الله ردا عليها، كما يحدث الآن.
وبعيدا عن الرغبة في تقليص قدرات حزب الله، يرى
معلقون آخرون أن العوامل السياسية قصيرة المدى ربما تكون هي السبب وراء الهجمات،
حيث لا يزال نتنياهو تحت الضغط من قضايا الفساد في المحاكم. وتعد حالة الصراع
المستمر ملائمة بالنسبة له، حيث تسمح له بالاستمرار في السلطة وإبعاد المطالبات
بأن يدلي بشهادته.
كما أن الشعور بوجود أعداء من جميع الجهات،
يمنح الأعضاء الأكثر تطرفا في حكومته وخاصة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير
الأمن القومي إيتمار بن غفير غطاء للمضي قدما في توسيع المستوطنات والطرق في
الأراضي الفلسطينية المحتلة بالضفة الغربية.
وأشارت مادوكس إلى أنه ربما تكون هناك خطة استراتيجية أوسع نطاقا وراء هجمات إسرائيل الجديدة، وهي التحرك بشكل مباشر ضد
إيران، قائدة ما يسمى بمحور المقاومة، والذي يضم حزب الله وحماس والحوثيين في
اليمن. ومنذ قيام الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بسحب الولايات المتحدة من خطة
العمل الشاملة المشتركة، وهو الاتفاق الذي وافقت بموجبه طهران على تقييد برنامجها
النووي، جعلت إيران من نفسها دولة على عتبة تطوير أسلحة نووية.
وقد ناشدت إسرائيل الإدارات الأمريكية لفترة
طويلة لشن هجمات ضد المنشآت النووية الإيرانية أو دعم هجوم إسرائيلي عليها، إلا أن
رد واشنطن كان دائما بالرفض. ويوم الأحد الماضي، وصف الرئيس الإسرائيلي إسحاق
هرتسوغ إيران بأنها “إمبراطورية شر” وقال في حديث مع قناة “سكاي” التلفزيونية، إن
القوات الإسرائيلية سوف “تزيل أي تهديدات وجودية لدولة إسرائيل”.
ويشعر المحللون بالقلق من أن تقرر إسرائيل شن
ضربة بغض النظر عن نتيجة انتخابات الرئاسة الأمريكية، على أمل الحصول على دعم من
المرشح الجمهوري دونالد ترامب حال فوزه بالرئاسة ومع الاستعداد لتقبل النقد من
إدارة المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس حال فوزها، إذا كان هذا ضروريا.
وقالت "إن هذه الاستراتيجية ستكون خطيرة
للغاية، حيث إن تصعيد الصراع إلى الشمال أو الشرق لن يمنح إسرائيل حلا للصراع في
غزة. وقالت مادوكس إن المحادثات مع حماس بشأن اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح
الرهائن لا تمضي بشكل جيد، وفقا لمسؤولين غربيين وقد أضاف كل طرف شروطا جديدة
وترغب إسرائيل في الاحتفاظ بالسيطرة على محور فيلادلفيا على الحدود بين غزة ومصر،
بينما ترغب حماس في إفراج إسرائيل عن المزيد من الأسرى من السجون".