نشر موقع "
نيوز ري" الروسي تقريرًا
تحدث عن توسعة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لقائمة السيناريوهات التي تحتفظ فيها
روسيا
بحق استخدام الأسلحة النووية.
وقال الموقع، في تقرير ترجمته "عربي21"،
إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عقد اجتماعًا لمجلس الأمن الروسي يوم الأربعاء 25
أيلول/ سبتمبر لمناقشة مسألة الردع النووي. وأوضح بوتين خلال الاجتماع أن "الثالوث
النووي"، الذي يشمل القاذفات الاستراتيجية، والصواريخ الباليستية العابرة للقارات،
والغواصات النووية الحاملة للصواريخ، يعتبر "الضمانة الأهم لأمن روسيا".
وقد شدّد بوتين على أن الوضع السياسي والعسكري يتغير مع ظهور تهديدات جديدة ضد روسيا
وحلفائها، مؤكدًا على ضرورة تعديل أسس السياسة الروسية في مجال الردع النووي لتتماشى
مع "الواقع الحالي". وبهذا الإعلان، كشَف بوتين عن خطط لتحديث
العقيدة النووية
الروسية.
وأوضح بوتين أنه في النسخة المحدثة من الوثيقة
سيتم اعتبار أي عدوان على روسيا من قبل دولة غير نووية، ولكن بمشاركة أو بدعم من دولة
نووية، بمثابة هجوم مشترك على الاتحاد الروسي. وستأخذ روسيا بعين الاعتبار إمكانية
استخدام الأسلحة النووية "عند تلقي معلومات موثوقة" حول هجوم واسع النطاق
باستخدام الوسائل الجوية والفضائية، مثل الطائرات الاستراتيجية والتكتيكية، والصواريخ
المجنحة، والطائرات المسيرة، والأسلحة الفرط صوتية وغيرها من الطائرات. ووعد بوتين
بأن روسيا ستحمي بيلاروسيا في حال تعرضها لأي عدوان، باعتبارها جزءًا من دولة الاتحاد.
وأوضح الموقع أن المتحدث باسم الرئيس الروسي
دميتري بيسكوف أوضح لاحقًا أن تعديل العقيدة النووية يمثل رسالة تحذيرية للدول غير
الصديقة بشأن العواقب المحتملة في حال مشاركتها في أي هجوم على روسيا، بأي وسيلة كانت،
وليس بالضرورة باستخدام وسائل نووية.
وتهدف العقيدة النووية لروسيا إلى عرقلة
خطط الدول الغربية وتخفيض حدة تصرفات خصوم روسيا. وتشمل هذه التعديلات تحذيرًا للدول
غير الصديقة لتوخي الحذر في تعاملها مع روسيا.
وأشار الموقع إلى أن إعلان الرئيس الروسي
عن التعديلات في العقيدة النووية يأتي في وقت تفكر فيه الولايات المتحدة بالسماح لأوكرانيا
باستخدام صواريخ بعيدة المدى غربية لضرب العمق الروسي. ويرى فاديم كوزيولين، رئيس مركز
التحليل السياسي الدولي في الأكاديمية الدبلوماسية بوزارة الخارجية الروسية، أن هذا
التوقيت ليس محض صدفة وأن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا هم الموردون الرئيسيون
للأسلحة بعيدة المدى لأوكرانيا.
وأوضح كوزيولين موقف بوتين من استخدام الأسلحة
بعيدة المدى ولكنه ترك مجالًا للتفسيرات بخصوص تداعيات مثل هذه الهجمات. وأكد أن الردود
المحتملة ليست معروفة بشكل دقيق، وليس من الواضح ما إذا كان الغرب سيواصل اختبار الخطوط
الحمر التي وضعتها روسيا. ورغم تلك التطورات، يرى كوزيولين أن خطر استخدام روسيا
للأسلحة النووية ضد أي طرف غير واقعي حاليًا، و"من ناحية أخرى، قد نشهد اختبارات
نووية أخرى، حيث شاركت صواريخ سارمات في الاختبارات الأخيرة".
وأكد كوزيولين أن تحديث العقيدة النووية
الروسية لا يرتبط بالهجوم الذي شنّته القوات المسلحة الأوكرانية على مستودع الذخيرة
في توروبتس في 18 أيلول/ سبتمبر. ويعتبر هذا الحدث تكتيكيًا ومحليًا، ومن غير المرجح
أن يستدعي ردًا من الرئيس، وقد كانت مسألة تحديث العقيدة النووية الروسية مطروحة منذ
فترة طويلة.
حتى اللحظة، لم يصدر رد فعل رسمي من الولايات
المتحدة أو من دول غربية أخرى على تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن تحديث
العقيدة النووية الروسية. ومع ذلك، يعتقد الضابط الأمريكي المتقاعد دانيال ديفيس أن
الغرب يواجه تحديًا كبيرًا بسبب قرار بوتين، وقد أجبرت روسيا حلف شمال الأطلسي (
الناتو)
على إعادة تقييم موقفه تجاه النزاع في أوكرانيا. وأضاف ديفيس أن الدول الغربية أمام
خيارين: إما تقليل تدخلها في النزاع الروسي-الأوكراني، أو المضي في استفزاز موسكو والمخاطرة
بدفعها إلى استخدام الأسلحة النووية.
ونقل الموقع عن ديفيس: "بهذه الخطوة،
ترسل روسيا رسالة إلى الناتو مفادها: "ابتعدوا، وإلا سنستخدم الأسلحة النووية.
ولا أعتقد أن هذه تهديدات فارغة.. الغالبية العظمى من مواطني الولايات المتحدة أو أي
دولة أوروبية سيرفضون الانخراط في هذا النزاع". وأعرب ديفيس عن اعتقاده بأن شعوب
الولايات المتحدة وأوروبا لن تكون مستعدة لتقديم التضحيات من أجل أوكرانيا.
وكانت وسائل الإعلام الغربية أكثر تفاعلًا
مع اجتماع مجلس الأمن الروسي وتصريحات بوتين مقارنة بالمسؤولين الرسميين في الغرب.
وأوضحت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، استنادًا إلى تصريحات الخبير والمحلل
بافيل بودفيغ، رئيس مشروع "القوات النووية الروسية" في جنيف، أن التعديلات
على العقيدة النووية تهدف إلى خلق "حالة من الغموض وعدم اليقين" بشأن إمكانيات
الردع النووي الروسي. وأشارت الصحيفة إلى أن العديد من الروس اعتبروا النسخة السابقة
من العقيدة "مقيدة بشكل كبير".
وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن الرسالة تهدف
بالأساس إلى تحذير الغرب من أن المساعدات التي تُقدّم إلى القوات المسلحة الأوكرانية،
والتي تجري مناقشتها حاليًا، قد تؤدي إلى "مشكلات جديدة". ومن شأن تصريحات
بوتين أن تثير تساؤلات حول ماهية الأعمال التي قد تُعتبر هجومًا على روسيا، ما يدفع
الأطراف الغربية إلى توخي الحذر بشأن كل ما يمكن أن يُفسر كعمل عدائي.
وعلى الجانب الآخر، اعتبرت صحيفة
"فاينانشال تايمز" البريطانية تصريحات بوتين "إشارة واضحة" إلى
حلفاء أوكرانيا، وخصوصًا الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. ووفقًا لخبراء الصحيفة،
قد تشير التعديلات على العقيدة النووية إلى تخفيض ملحوظ في العتبة النووية المعلنة
من قبل روسيا، ما يعني إضافة معايير جديدة قد تسمح بشن ضربات نووية في ظروف أوسع من
السابق.
من جهته صرّح إيفان تيموفيف، مدير البرامج
في المجلس الروسي للشؤون الدولية، بأن تداعيات استخدام الأسلحة الغربية بعيدة المدى
ضد روسيا ستعتمد على عدد الصواريخ والأهداف التي سيتم استهدافها. وقد ترك الرئيس الروسي
فلاديمير بوتين مجالًا للتفسير في قراره بشأن العقيدة النووية. وأوضح تيموفيف:
"تركت روسيا بعض المساحات الغامضة في تصريح الرئيس، وهذا مطلوب ليقوم الغرب بوزن
المخاطر المحتملة المتعلقة بالموافقة على مثل هذه الضربات من قبل أوكرانيا أو توفير
هذه الأنظمة لكييف". وهذا يشمل الموافقة المباشرة على استخدام هذه الأنظمة ضد
روسيا أو تقديم المعلومات الاستخباراتية لدعم الجانب الأوكراني.
ونقل الموقع عن أليكسي أرباتوف، مدير مركز
الأمن الدولي التابع لمعهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية بالأكاديمية الروسية
للعلوم، أن الرئيس فلاديمير بوتين وجّه تحذيرًا لدول الناتو التي تدعم أوكرانيا في
الصراع المسلح ضد روسيا. ويرى أرباتوف أنه إذا لم يأخذ الغرب هذا التحذير بجدية واستمر
في تنفيذ إجراءات تراها روسيا غير مقبولة، فإن موسكو قد تكون مستعدة لاستخدام الأسلحة
النووية بشكل فعلي.
وأضاف أرباتوف أن "التحذير يكون فعّالًا
فقط إذا كان وراءه استعداد حقيقي لاستخدام القوة. وإذا قامت روسيا باستخدام الأسلحة
النووية، فإن خصومها سيردون بالمثل، ما سيؤدي بسرعة إلى تصعيد شامل قد ينتهي بحرب
نووية عالمية، وهو ما يعني نهاية حضارتنا. ومن الجدير بالذكر أن الرئيس بوتين كان يكرر
هذا الأمر كثيرًا في السنوات الأخيرة أكثر من أي شخص آخر". وأعرب أرباتوف عن أمله
في أن تقوم الدول الغربية بتقييم الوضع بحكمة وألا تخاطر بمنح كييف الإذن باستخدام
الأسلحة على الأراضي الروسية.